الأربعاء 2021/06/09

آخر تحديث: 17:30 (بيروت)

"مخدومين"..فيلم ماهر أبي سمرا أصبح موقعاً الكترونياً مفتوحاً للمساهمات

الأربعاء 2021/06/09
"مخدومين"..فيلم ماهر أبي سمرا أصبح موقعاً الكترونياً مفتوحاً للمساهمات
increase حجم الخط decrease
"مخدومين" هو عنوان الموقع الإلكتروني الجديد في لبنان الذي يوثق قضية العمالة المنزلية في البلاد، بالتوازي مع فيلم وثائقي يحمل العنوان نفسه للمخرج ماهر أبي سمرا، يعرض عبر الموقع، الخميس، لمدة ستة أيام.

والموقع الإلكتروني في الواقع هو امتداد للفيلم، وانطلقت فكرته من الأعمال البحثية الواسعة التي سبقت إنجازه، وأجراها باحثون وفنيون، ولم يشأ أصحابها أن تبقى طي الكتمان. وعليه بعد الانتهاء من فيلم "مخدومين"، قرر فريق العمل إعادة تحرير الأبحاث والمواد المرئية وإحيائها وتطويرها بمساعدة كتّاب قاموا بصوغها وإخراجها بأسلوب السرد والحكاية.

وفيما كانت صور العاملات المنزليات تملأ مواقع التواصل الاجتماعي في الأشهر الماضية، بسبب تدهور الوضع الاقتصادي في لبنان، ما أسفر عن قصص مؤلمة بحق تلك الشريحة المهمشة عموماً، فإن العمالة المنزلية في لبنان مازالت تشكل اليوم سوقاً لحوالى 250 ألف عاملة منزلية، أفريقية وآسيوية، مقابل 4 ملايين لبناني.

بدأ هذا السوق بالتوسع في ستينيات القرن الماضي مع تشريع الدولة "مكاتبَ الخدم"، التي عملت على استقدام الفتيات العاملات من الدول المجاورة، ليزدهر أكثر مع بدايات الحرب الأهلية العام 1975، مع قدوم المزيد والمزيد من النساء الآسيويات والاتجار بهن في سوق العمالة المنزلية في البلد. واستورد لبنان من دول الخليج نظاماً قانونياً عنصرياً يعود إلى عهد الاحتلال البريطاني، وهو "نظام الكفالة"، حيث يتم تجريد العاملة المنزلية من حقوقها وتُوضَع تحت الوصاية الكاملة لرب العمل.



وضمن الموقع، يمكن متابعة أفلام قصيرة، كانت عبارة عن مشاهد ضمن الفيلم الوثائقي الطويل، تم إعدادها بشكل مختلف للعرض في الموقع الإلكتروني، إلى جانب صور ورسوم فنية لصنع فضاء بصري يضيف للمادة البحثية المنشورة في الموقع، أبعاداً جديدة. وركزت مجموعة العمل اهتمامها على سوق العمالة المنزلية من وجهة نظر أرباب العمل: أي اللبنانيين واللبنانيات. وما تحاول الكشف عنه هو سوق العمالة الأجنبية المنزلية، التي أصبحت جزءاً من المجتمع اللبناني.

وقالت المجموعة في بيان، أن "المادة المنشورة كشفت تواطئنا، نحن المخدومين، بالتعاون مع مكتب الخدم، لانتقاء الخادمة/السلعة. وشارك في هذا التواطؤ مطوّرون عقاريون ومعماريون، عملوا على تصميم غرفة الخادمة داخل مساكننا، ساعين إلى إخفائها مع عملها عن أبصارنا. وتوَّجت هذه التواطؤات مؤسسات الدولة وأجهزتها الأمنية التي كرست وشجعت ممارساتنا السلطوية على العاملة المنزلية".

وتقارب مادة الموقع العلاقات العاديّة واليومية في هذه السوق المتشعبة: آثارها الإنسانية، تطبيعها الاجتماعي والأخلاقي، ومأسسة التمييز الجندري. وهناك أيضاً حضور العاملة المنزلية الطاغي في تفاصيل الحياة البيتيّة والأسرية كلها، وتغييبها وإخفائها في الوقت عينه، "ما يكشف عن فصامنا في علاقة الهيمنة المركبة التي نتّبعها مع العاملات المنزليات المهاجرات، في مجتمعاتنا". ولا يقتصر ذلك على التمييز الطبقي، بل يتجاوزه إلى علاقة فوقية عنصرية، نتماثل فيها مع علاقة "الرجل الأبيض" بـ"الأسود" في مجتمعاتنا.

إلى ذلك، جدّد الموقع مادته، وأضاف إليها ووسعها، كما يعمل على تطوير أبحاثٍ ونصوص ومشاهدَ أخرى حول الموضوع ومن زوايا متعددة. ولأن الموقع بحاجة إلى إضافات دائمة، فهو مفتوح للمهتمين، ويرحب بمساهمات جديدة حول الموضوع، نصوصاً وأعمالاً بصرية فنية. ويرى أصحابه أن هنالك حاجة إلى قص حكايات وأبحاث جديدة تروي تحولات سوق العمالة المنزلية في لبنان في ظل جانحة كورونا، المتزامنة مع الانهيار المالي والاقتصادي، وآثاره العميقة في معظم "الخدم" والمخدومين.

في السياق، يتم تمويل المشروع بواسطة منحة من مؤسسة "روزا لوكسمبورغ"، مكتب بيروت. فيما يتضمن موقع "مخدومين" أربعة أبواب هي:

أولاً، المكتب: كيف نما سوق العمالة إلى ما هو عليه اليوم؟ وكيف توسعت الانتماءات الطبقية للذين يوظفون العاملات المنزليات؟ وعبره يتم سرد حكايات من وجهة نظر عاملين في استقدام العاملات: سلمى وزين. وتغطي القصص فترة زمنية تمتد على مدى قرن، منذ أوائل عشرينيات القرن الماضي، أي قبل أن يصبح لبنان دولة مستقلة وقبل وجود أي مكاتب سمسرة رسمية فيه، وحتى اليوم.

ثانياً، الغرفة: ويتناول الباب تاريخاً تطور على مدار القرن الماضي، لأن بيروت شهدت طفرات في البناء واحدة تلو الأخرى، رافقت تحولات الطموحات الطبقية ونموها، وتحولت القوى العاملة المحلية من أشخاص "مثلنا" إلى "أجانب" من ثقافات أخرى. في حين أصبحت غرفة الخادمة، وبشكل متزايد، مساحة مصممة لمأسسة نزع الصفة الإنسانية عن العاملات المنزليات.

ثالثاً، العائلة: ويتم فيه طرح أسئلة مثل "ما هي عواقب مشاركة امرأة أخرى في أعمال الرعاية المنزلية؟" خصوصاً حين يُنظر إلى المرأة الأخرى بنظرة دونية لا تنبع فقط من العوامل الطبقية بل أيضاً من جملة من العوامل العرقية؟ كما يتم سرد روايات متخيلة عن حياة نساء، استناداً إلى مقابلات مع أشخاص حقيقيين، تدخل خلف الأبواب المغلقة لمنزل الأسرة لتروي من ناحية، قصة عن الأسباب التي قد تدفع المرأة إلى دعوة "شخص غريب" إلى قلب الأسرة من أجل المساعدة في أدوار الرعاية. فضلاً عن الشعور بالتفوق العرقي الذي يشعر به أفراد الأسرة تجاه العاملة المنزلية، وطرق تحكمهم بكافة جوانب حياتها، وكيف يدعم القانون هذه السيطرة ويفرضها، ومن ثم كيف يكون ثمن "تحرر" إمرأة ما، عبودية لامرأة أخرى؟

رابعاً، الأبيض والأسود: وهو باب يركز على فكرة أن اضطهاد مئات الآلاف من النساء الأفريقيات والآسيويات في لبنان يلعب دوراً محورياً في خلق بنية عرقية يصبح من خلالها اللبنانيون "بيضاً"، بينما يصبح المهاجرون المتنوعون هم "السود". والسؤال الأساسي هنا هو "كيف أصبح من الممكن إخفاء مجتمعات بأكملها في الوقت نفسه الذي يتم فيه التمييز ضدها من خلال القوالب النمطية العنصرية والممارسات التعسفية؟ حتى لو تم إصلاح نظام الكفالة ومنح العاملات المنزليات حقوقهن كعاملات، كيف يمكننا إصلاح هذا المفهوم الأوسع للتفوق اللبناني؟".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها