الخميس 2021/06/03

آخر تحديث: 18:06 (بيروت)

حينما طالب اللبنانيون بالظُّلم بدلاً من الفقر!

الخميس 2021/06/03
حينما طالب اللبنانيون بالظُّلم بدلاً من الفقر!
رياض سلامة يستغل المودعين لامتصاص أزمة هو أحد أسبابها (المدن)
increase حجم الخط decrease
عرف رياض سلامة، ومن خلفه المصارف، كيف يستغلّ المودعين للضغط. خرج الطرفان من المعركة بَطلين، وأوهما اللبنانيين بأن قرار مجلس شورى الدولة ظالم، وبأنهما اللذان أعاد الأمن الإجتماعي للمواطنين! 
بهذه الصيغة، انتهت أزمة قرار مجلس الشورى. وبهذا الخطاب، تم احتواء الشارع وغضب المواطنين. تتقن السلطة، بتفرعاتها المالية والسياسية والأمنية والاقتصادية، فن امتصاص الأزمات. وتعرف من أين يؤكل الكتف، وما أزمة الـ3900 سوى دليل على ذلك.
 

فمع إصدار مجلس شورى الدولة قراراً بتعليق التعميم 151 الصادر عن مصرف لبنان، والذي يقضي بدفع الودائع الدولارية على سعر 3900 بدلاً من 1500، وجد اللبنانيون، المودعون خصوصاً، أنفسهم في موقف مرتبك. 

فمن جهة، التعميم 151 مجحف بحق أصحاب الودائع بالدولار الأميركي، الذين يخسرون حوالى السبعين في المئة من ودائعهم مع كل عملية سحب على سعر 3900 في حين يفوق سعر الصرف في السوق السوداء اليوم 13000 ليرة للدولار الواحد، والمفترض أن قرار مجلس شورى الدولة يؤدي إلى دفع الودائع بعملتها، أي الودائع الدولارية بالدولار الأميركي. 

ومن جهة أخرى، فإن سحب الودائع على سعر 3900 ليرة أفضل من 1500 ليرة، ما يسمح لهؤلاء المودعين المضحين بالخسارة، بتأمين حاجاتهم الأساسية على الأقل، رغم الظلم اللاحق بهم، وهناك أيضاً جزء كبير من موظفي القطاع الخاص الذين باتوا يتقاضون رواتبهم على سعر صرف 3900. 

ورغم أن قرار مجلس شورى الدولة، قانوني وعادل بحق المودعين، إلا أن اللبنانيين يدركون جيداً أن لا مصرف لبنان ولا المصارف على استعداد لدفع ودائع الناس بالدولار، لأسباب متعددة منها شح الدولارات لديهم أصلاً، وعدم وجود النية لذلك أيضاً، إضافة إلى تقاعس السلطة الحاكمة عن إقرار قانون الكابيتال كونترول ووضع خطة واضحة لإعادة الودائع لأصحابها. 

وبالفعل، إستغل حاكم مصرف لبنان قرار مجلس شورى الدولة، وقام بتعليق التعميم 151، لكن من دون إصدار أي قرار يقضي بدفع الودائع لأصحابها بالدولار، أي أن قرار مصرف لبنان يقضي بأن يسحب الناس أموالهم على "السعر الرسمي"، 1500 ليرة للدولار، أو بشيك مصرفي لا فائدة منه، متناسياً الجزء الآخر من القرار.

هكذا استعمل رياض سلامة، الناس، ككبش محرقة للضغط على مجلس شورى الدولة، ما دفع بالعديد من اللبنانيين إلى المطالبة بالعودة إلى التعميم الظالم، مفضلين الظلم على الفقر!

"رابطة المودعين"، بدورها، رحبت بقرار مجلس شورى الدولة محذرة المصارف من أي تأويل، حيث أن القرار يلزمها ردّ الوديعة كما هي، ولا يسوغ للمصارف دفع الودائع على سعر صرف 1500 ليرة، كما وجدوا في هذا القرار إثباتاً لحقهم بعدما السرقة المستمرة منذ أكثر من سنة. 

الاستنسابية التي اعتمدها مصرف لبنان  في تطبيق القانون، دفعت الناس للنزول إلى الشارع، وباتت الاحتجاجات على وشك أن تندلع من جديد، وقد تسربت أنباء عن تهديد لجمعية المصارف بالإضراب في حال حصول أي اضطرابات، الأمر الذي دفع رئيس الجمهورية إلى الاجتماع بحاكم مصرف لبنان ورئيس مجلس شورى الدولة ثم الاتفاق على العودة عن قرار تعليق التعميم 151 وإعادة النظر فيه... "ويا دار ما دخلك شرّ"!

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها