الخميس 2021/05/06

آخر تحديث: 18:28 (بيروت)

إسرائيلي في منطقة حساسة على حدود لبنان.. ورسائل أمنية

الخميس 2021/05/06
إسرائيلي في منطقة حساسة على حدود لبنان.. ورسائل أمنية
"الهدوء الخادع" يشبه مناخ السويس بعد وقف إطلاق النار في حرب الاستنزاف وقبل حرب أكتوبر 1973
increase حجم الخط decrease
مهما انشغلت اسرائيل بمعضلتها السياسية الداخلية، كتشكيل حكومتها أو التطورات الميدانية في الأراضي الفلسطينية، فإن الموضوع اللبناني يبقى حاضراً بقوة في النقاش السياسي والأمني والعسكري في اسرائيل وحتى الاعلامي.

لذلك، ليس مستغرباً في هذا التوقيت ان تستقدم القيادة العسكرية الإسرائيلية مراسلين واعلاميين ومحللين متخصصين في المواضيع العسكرية، إلى أماكن حساسة قرب الحدود مع لبنان، كما هو في حالة محلل الشؤون العسكرية في صحيفة "يديعوت أحرونوت" رون بن يشاي، ودفعه لكتابة مقال يحمل رسائل أمنية وسياسية تحت عنوان بديهي هو "الهدوء الخادع" وإثارة مواضيع لبنان للنقاش في الصحف ووسائل الإعلام الإسرائيلية.

خلاصة ما رواه رون بن يشاي، في مقاله، بناه على مشاهداته خلال جولة أجراها سيراً على الأقدام قبل يومين، رفقة ما يسمى قائد اللواء الإقليمي في الجيش الاسرائيلي (اللواء 300) العميد عومر كوهين، في منطقة وصفها بـ"الحساسة" تفصل بين مستوطنة شلومي والجهة اللبنانية المقابلة. والهدف من الجولة هو استكشاف المنطقة أمنياً وعسكرياً ولوجستياً، أي ما يتعلق بسلوك "حزب الله" خاصة على صعيد مخابئه ومواقعه، والتأكد من اي تغييرات من قبل مقاتلي الحزب لآلية الانتشار في المكان، حتى تسارع اسرائيل إلى وضع تعديلات عسكرية في سبيل معالجة "خطر ما" أو الوقاية استباقياً منه.

بن يشاي يحاول في مقاله ان يستعرض فلسفة الجيش الاسرائيلي في مراقبة انشطة حزب الله في الجانب الآخر من الحدود، وما يتصل بمواقع الحزب الكثيرة على بعد مئات الأمتار من خط الحدود والتي بدت واضحة من دون ان تفلح النباتات الخضراء التي نمَت في خضم الجو الربيعي في إخفائها، حسب تعبيره.. ويتابع: "نحن نسير هنا كي نتذكر كل حجر وكل طريق محتملة للتسلل، وكل عائق يمكن أن يُستخدم كمخبأ للقوة الخاصة في حزب الله (الرضوان)، ويمكن أن يخرج منه هجوم مفاجىء. العدو يتغير من دون توقف ونحن نرى ذلك على الأرض". وهُنا يعقد بن يشاي مقاربة لما وصفه بـ"الهدوء الخادع" مع لبنان، وبين المناخ ذاته الذي ساد منطقة قناة السويس بعد وقف إطلاق النار في حرب الاستنزاف وقبل حرب أكتوبر 1973.. إذ يقول بن يشاي: "يومها أيضاً كانت الاستعدادات التي جرت في الجانب المصري غير بارزة، لكن في جانبنا كان يمكن رؤية معاقل التهديد التي هوجمت لاحقاً وجرى احتلال معظمها في حرب يوم الغفران".

يتماهى بن يشاي مع دعاية المؤسسة الأمنية والسياسية في الدولة العبرية عبر تأكيده على رسالتها إلى إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، التي تخوض جهوداً للعودة الى الاتفاق النووي الإيراني.. حيث يدّعي المحلل الاسرائيلي أنه، لمنع تحول "التوتر المكبوت" مع حزب الله ومجموعات إيران الأخرى إلى حرب، "من الأفضل للإدارة الأميركية ألّا تخضع للمطالب الإيرانية وإظهار المزيد من الصبر، إلى أن يوقف الإيرانيون سباقهم نحو موقع دولة على عتبة النووي، ويوقفوا تطوير الصواريخ بعيدة المدى وتطوير صواريخ باليستية وبحرية ومسيّرات دقيقة". وينتهز بن يشاي الفرصة للحديث عن "شهر الحرب" متعددة الجبهات التي يستعد لها الجيش الاسرائيلي عبر تدريبات مكثفة بعد أيام معدودة.

والحال، يمكن الاستدلال من عنوان مقال بن يشاي، "نركز على السياسة وننسى أن التوترات قد تندلع في أي لحظة"، بأن المؤسسة العسكرية في اسرائيل أرادت اصطحاب بن يشاي في جولة الحدود كي تدفعه إلى كتابة مقال لتحريك مياه لن تهدأ في النقاش الاسرائيلي المستمر حيال الموضوع اللبناني، بالتزامن مع استئناف جولة جديدة لمفاوضات "الترسيم" بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي برعاية أميركية هذا الاسبوع بعد انقطاع لأشهر.. هو يوجه بذلك رسائل للداخل الاسرائيلي وأيضاً للإدارة الأميركية.

في المحصلة، ثمة اهتمام دائم من وسائل الإعلام الاسرائيلية للحديث بشكل اسبوعي عن موضوع ما ذي صلة بلبنان، سواء كان معيشياً اجتماعياً او سياسياً أو أمنياً؛ لأكثر من سبب: الأول، علاقة إيران العضوية مع حزب الله ومع جزء من المنظومة السياسية في لبنان المُجاور لدولة الاحتلال، ما يعني انه "خطر محدق بإسرائيل نتيجة المحور الإيراني وقضية تطوير الصواريخ الدقيقة". والسبب الثاني الذي يجعل من لبنان مادة مهمّة في الإعلام العبري، متصل بالتفكير الاسرائيلي في مستقبل العلاقة الاسرائيلية-اللبنانية، ومعه السؤال الدائم "هل يمكن استثمار موضوع ترسيم الحدود لفتح علاقة ليست تطبيعية بالضرورة وإنما على الأقل غير قائمة على العداء".

بينما يكمن السبب الثالث في وجود متغير مستجد، وهو العامل الروسي ومساعي موسكو لتكون فاعلة في المشهد اللبناني، سواء السياسي والأمني أم الاقتصادي.. وتعول اسرائيل على أن يكون هذا المتغير مهماً في التأثير الروسي باتجاه تحييد لبنان عن حالة العداء لإسرائيل، كما تطمح تل أبيب.

ولعلّ ما صرح به وزير الطاقة الإسرائيلية، يوفال شتاينتس، لصحيفة "غلوبوس" الاقتصادية العبرية، يظهر أنه بالرغم من أن مفاوضات "الترسيم" ذات طابع تقني، إلا أنها غير منفصلة عن السياسة والأمن.. فليس عبثاً أن يحرص الوزير الاسرائيلي شتاينتس على استخدام تعبير "مصلحة الشعبين" عندما تحدث عن هدف محادثات "الترسيم" التي عقدت الاسبوع الجاري، حيث قال إن "المحادثات هي لفحص الخيارات من أجل التوصل إلى اتفاق يؤدي إلى ترسيم الحدود البحرية بين البلدين ويسمح لهما باستغلال ثرواتهما الطبيعية بما فيه مصلحة للشعبين". 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها