الأحد 2021/05/23

آخر تحديث: 22:31 (بيروت)

احتفالات التحرير باللون الاصفر

الأحد 2021/05/23
احتفالات التحرير باللون الاصفر
استذكر اللبنانيون صور تحرير الجنوب في أيار/مايو 2000 (غيتي)
increase حجم الخط decrease
بدأ اللبنانيون، الأحد، الاحتفال بمناسبة تحرير الجنوب اللبناني من الاحتلال الاسرائيلي في أيار/مايو العام 2000. وامتلأت صفحات وسائل التواصل الإجتماعي بفيديوهات قديمة، لسيارات الجنوبيين تتدافع نحو القرى المحررة، إلى جانب توثيق فرحتهم بالتحرير، ولحظة اقتحام معتقل الخيام والدبابات الاسرائيلية التي تركها المحتل خلفه، وصور خالدة أخرى لدموع تخلد لحظة التحرر من قيود محتل أدمتهم لأكثر من عشرين عاماً.


كل المنشورات عن التحرير ممهورة بختم حزب الله، صور الاعلام المرفرفة فوق الدبابات وعلى أعمدة الكهرباء، تبجيل لأمينه العام وللشهداء الذين قدمهم الحزب خلال مسيرة التحرير، ومن بين اللون الأصفر المسيطر، تخرج بخجل بين حين وآخر، أعلام لحركة أمل أو للحزب القومي والشيوعي وصور لموسى الصدر، بعد أن مهر حزب الله التحرير بتوقيعه وأقصى الآخرين عنه، إلا عندما يستحضرهم حين الحاجة، لإظهار وحدة الصف.


في مرحلة ما، قبل أن يتسلم حزب الله دفة المقاومة، كانت هذه الاحزاب، حركة امل خصوصاً، في قيادة المقاومة، قبل أن تجبرها التسويات على تسليم القيادة إلى غريمها. وكانت المقاومة خلال سنوات الاحتلال حالة شعبية، أما الاحزاب، سواء حزب الله او غيره، لم يكن دورها سوى تنظيم هذه الحالة المقاومة، فالفضل أولاً وأخيراً يعود للجنوبيين الذي شكلوا البيئة الحاضنة للمقاومين والدرع البشري لهم، الملجأ ومصدر الطعام والطاقة.


تهميش حزب الله لدور الأحزاب الأخرى في المقاومة، وحتى إظهار نفسه كحامٍ للجنوبيين وتصويرهم على أنهم بحاجة لحماية الحزب الدائمة، أمر مفهوم تماماً، فحزب الله مثله مثل الحركات المسلحة الأخرى، تقتات على الحروب، تستفيد منها لزيادة شعبيتها، كلما دخل حزب الله في حرب تزداد شعبيته، يرتبط ذلك بمدى بقاء فكرة "الحامي" في رؤوس الناس، هناك حاجة دائمة لتذكير الناس بمن ضحى ومن قدم الدماء لأجلهم، حاجة أيضاً لتذكيرهم أنه الوحيد القادر على ذلك.


هذه الحاجة لدى حزب الله، أدت إلى تركيزه على الناحية العسكرية، بالنسبة اليه كل شيء يدور حول الحرب، بالأمس لم يكن سوى الحرب واليوم هناك حرب لا بد تدور في مكان ما وهو شريك فيها، غداً حرب أخرى ستندلع وعليه أن يكون مستعداً لها. حفرَ الأنفاق، بنى مخازن الأسلحة، ضاعف ترسانته، طور صواريخه، إلا أنه لم يلتفت للأمور الأخرى، الاقتصاد، التعليم، الدولة، الصحة، أمور بقيت مهمشة، وحين انهار الاقتصاد وجد نفسه في مأزق، المخرج الوحيد لديه هو ما يردده عناصره على مسامع الناس ليلاً ونهاراً: "نحن حميناكم، نحن أنقذناكم، نحن حررناكم". ليس غريباً إذاً أن يصطبغ لون التحرير بالأصفر.


ما كان يجدر به أن يكون انجازاً لبنانياً جامعاً، يصير إلى استغلاله لبناء هوية وطنية موحدة، يلتف حولها اللبنانيون متخطين حواجز الطوائف والمناطق والأيديولوجيات، حوّله حزب الله إلى انجاز خاص له، ربط اسمه بالمقاومة، كأنهما مرادفان لبعضهما، وباسم المقاومة سمَا حزب الله فوق الدولة والناس والمساءلة والقانون.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها