الجمعة 2021/05/14

آخر تحديث: 20:36 (بيروت)

محمد طحّان.. شهيد العبور

الجمعة 2021/05/14
محمد طحّان.. شهيد العبور
increase حجم الخط decrease
"كان يفيض حماساً". وُصف الشهيد محمد طحان بهذه العبارة، حين كان يحمل علم فلسطين، ويهبط باتجاه الشريط الحدودي الشائك في جنوب لبنان. تلقى محمد، ابن الـ21 عاماً، رصاصة غادرة في خاصرته، وشظايا أخرى في أنحاء جسده، لمجرد أنه تقدّم جميع المتحمسين "لكسر" الحدود مع فلسطين، على طريق القدس.
 

محمد، واحد من عشرات اختاروا طريق الجنوب نحو الشيخ جراح، غير آبهين بأن تختلط دماءهم مع دماء أهالي غزة، وأهالي القدس وحيفا واللدّ.. وواحد من آلاف يرغبون في كسر الطوق، واختراق الحصار، والتأكيد بأن دم المقدسيين والغزاويين، ليس في عزلة عربية. عَبَر محمد بدمه الى الأراضي المحتلة، ليثبت بالدم بأن أترابه في القدس، ليسوا في عزلة. 
محمد جزء من ثقافة، ما زالت تعتبر اسرائيل شراً مطلقاً، وأن ما تقيم فيه، غصباً، هو أرض فلسطين. تحمّس، واستشهد. 

خلافاً لمرات سابقة، لم تُرجع الطلقات الاسرائيلية أهالي الجنوب الى عاصمتهم خوفاً. عوضاً عن ذلك، سارت الجموع في مكان قريب من موقع استشهاده ليقولوا إنه ليس وحيداً، على ما تقول صور تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي.
 

في السياسة سيُقال الكثير. رسالة لبنانية لقوات الاحتلال حول جهوزية الانخراط في معركة؟ رسالة الى دعاة الحياد في لبنان؟ تمهيد لعمل عسكري انطلاقاً من لبنان؟ وفي المقلب الشعبي، سيُقال الكثير أيضاً. انقسام لبناني حول معركة غزّة؟ انقسام طائفي؟ تهديد لاستقرار لبنان؟
 

ستكثر المرثيات لمحمد، وستكثر في المقابل المرثيات لوهن لبنان وانقساماته.. لكن محمد، كشابّ يافع ومتحمس، لا يمكن عزله عن الهبة الشعبية في الأردن أيضاً لاختراق الحدود. هي كذلك، بلا رسائل سياسية، ولا استعدادات ميدانية لدى حزب الله.. وأكبر، كذلك، من الانقسامات حول الموقف الرسمي اللبناني. شاب أخذته حماسته الى الحدود، وشارك أصدقاءه في تحطيم كاميرا مراقبة مثبتة على أحد الأعمدة القريبة. هي رسالة أكبر من السياسة وإيقاعاتها وتوازناتها. لبناني يحيّي القدس بدمه.
 

في هذه المعركة، لا صوت يعلو على دم محمد. وحده يختصر الحاضر اللبناني، والقضية اللبنانية ضد الظلم، ضد الاستيطان، وضد العنصرية الاسرائيلية..
 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها