الأربعاء 2021/05/12

آخر تحديث: 20:54 (بيروت)

آخرهم وسيم يوسف.. لماذا يقف عرب ضد القضية الفلسطينية؟

الأربعاء 2021/05/12
آخرهم وسيم يوسف.. لماذا يقف عرب ضد القضية الفلسطينية؟
من مظاهرة في بروكسل دعماً لفلسطين (غيتي)
increase حجم الخط decrease
في خضمّ كل ما ترتكبه اسرائيل بحق الفلسطينيين، من تهجير ممنهج من منازلهم في القدس وغيرها، وفي وسط حملة القتل التي بدأتها آلتها الحربية رداً على احتجاج الفلسطينيين وتمسكهم بحقهم بالبقاء، خرج بعض العرب ليعلنوا مواقف تكاد تكون مناهضة للقضية الفلسطينية وتتماهى بشكل واضح مع ما يحاول الاسرائيليون ترويجه وزرعه في اللاوعي العربي من أن ما كل ما يصيب الفلسطينيين هو ما جَنَته أيديهم وأيدي "حماس" وأيدي كل من يحمل السلاح ليدافع عن نفسه.

الداعية الأردني الإماراتي، وسيم يوسف، واحد من عشرات، نشروا آراءهم في مواقع التواصل، وقد انتشرت بشكل كبير تغريداته التي انتقد فيها حركة حماس وتبنى السردية الاسرائيلية. فما هي أسباب مناهضة بعض العرب للقضية الفلسطينية وما هي خلفيات من يتبنى هذه الخطابات؟


كراهية
لا تقتصر الكراهية على حركة "حماس"، بل تطاول غالبية الفصائل الفلسطينية المسلحة مثل "الجهاد الاسلامي"، لأسباب عديدة. فأولاً، هناك ذريعة الطابع الإسلامي الطاغي على هذه الحركات وقد انتقد كثيرون مؤخراً ما ادعوا أنه "أسلَمة القضية الفلسطينية". ثانياً، علاقة هذه التنظيمات بإيران والدعم العسكري الذي تتلقاه منها، وهنا يدخل الصراع العربي الإيراني، والسنّي الشيعي، ليطغى على القضية الفلسطينية وحقوق الفلسطينيين. ما يعرفه هؤلاء أن حركة "حماس" بالأخص، مكروهة حتى في الشارع الفلسطيني وقطاع غزة، وقد خرج الفلسطينيون سابقاً في تظاهرات عديدة ضد الحركة التي قمعتهم.

في الوقت نفسه، يحترم الفلسطينيون حركة "حماس" عسكرياً، إذ لا بد أن يحمل أحدهم السلاح بوجه عدو لا يفهم إلا لغة القوة، وسط حاجة مُلحّة لإيجاد توازن قوى يؤمن الحد الأدنى من الحقوق. ولكي يحمل الفلسطينيون السلاح، كان عليهم أن يجدوا من يؤمّنه لهم، ومع التقاعس العربي عن دعمهم عسكرياً، للحفاظ على مصالحهم مع الولايات المتحدة بشكل رئيسي، لم يجد الفلسطينيون بديلاً من إيران للحصول على السلاح، والدعم الإيراني لن يكون بطبيعة الحال مجانياً.
 

المتاجرة بالقضية الفلسطينية
يحاجج كثر، خصوصاً من يفضل أن يبقى على الحياد، بأن القضية الفلسطينية لطالما كانت مجرد سلّم تتسلقه الأنظمة وتتخذه ذريعة لقمع شعوبها وحكمهم، حتى بات أي حديث عن القضية منفراً لهم ويعتبرونه نوعاً من المزايدة والمتاجرة للوصول إلى أهداف لا تمتّ للقضية بصِلة.

والحقيقة أن الجميع تاجر بالقضية الفلسطينية، ليس الأنظمة العربية فحسب، بل دول أخرى كإيران وتركيا. هذه السردية يرددها الإعلام الاسرائيلي بشكل مستمر. الشعب الفلسطيني لم يعرض نفسه ليكون سلعة تباع في المزاد، فهو ليس ضحية إسرائيل فقط، بل ضحية كل من تاجر به، من دول وأنظمة ومنظمات، كونه ضحية هو أمر ثابت، وليس من المنطقي أن نساهم في جَلدها.


الفلسطينيون أخطأوا
من التفاهة المطلقة الحديث عن بيع الفلسطينيين لأرضهم، هذا نقاش من المعيب خوضه، لكن القادة الفلسطينيين أخطأوا في العديد من مراحل الصراع. أخطأوا في الأردن، في الكويت، في لبنان، في أوسلو، أخطأوا حين خوّنوا الحبيب بو رقيبة... أخطاء بالجملة يريد المناهضون للقضية محاسبتهم عليها. ينتظرون من الفلسطيني أن يتخذ القرارات كأنه في موقع قوة، كأنه دولة عظمى. ربما لضعف في ثقافتهم، لا يرون أن ما حدث ويحدث في حقهم هو تطهير عرقي خططت له أقوى الدول في العالم وبمعونة دول مجاورة. 


فلسطين ليست قضيتي
شاع مؤخراً، بعد الأحداث العديدة التي عصفت بالدول العربية، اتجاه نحو اهتمام كل شعب بقضاياه الخاصة، وفصل نفسه عن محيطه العربي. يقول عراقيون أنهم لطالما دعموا القضية الفلسطينية، إلا أنهم مع كل ما مروا به خلال الأعوام الثلاثين الماضية، لم يجدوا من يقف إلى جانبهم. ويردد سوريون السردية نفسها، ومصريون كذلك، ولبنانيون بدأوا يضعون بلدهم أولوية على القضية الفلسطينية.

والحال إن القضية الفلسطينية لم تكن يوماً أولوية عند أحد، بل لطالما كانت، باعتراف هؤلاء، معروضة في بازار البيع والشراء. فماذا قدمت هذه الدول للقضية الفلسطينية؟ لا شيء يذكر، صدقات وزكاة فطرة توزع غداة الأضحى على الفلسطينيين آتية من دول الخليج، مخيمات من الذل موزعة على الأراضي اللبنانية تحولت إلى بؤر للفقر والبؤس، يد مكسورة يستعملها سياسيو لبنان ليتسولوا في المحافل الدولية. فلسطين شعارات وأغان ينشدها كشافة اليسار في مخيماتهم الصيفية.

ثانياً، بالنسبة للفلسطينيين، على عكس العرب، القضية ليست دينية، بل عربية. ليس لأن الفلسطينيين يقدمون عروبتهم على دينهم، بل لأن العدو الاسرائيلي لا ينظر إليهم كمسلمين ولا كمسيحيين ولا حتى كفلسطينيين، حين يشتمهم كعرب. وحين يقتلهم ويهجرهم ويجرّدهم، فإنه يفعل ذلك بوصفهم عرباً.

العنصرية الإسرائيلية تجاه كل ما هو عربي، اعتبار الاسرائيليين أنفسهم عِرقاً صافياً أفضل من الآخرين، يجعل من القضية الفلسطينية قضية إنسانية، تتخطى الدين والعِرق، تتخطى العروبة. مناصرتها هي خط الدفاع الأول عن وجود كل الدول العربية المحيطة بها.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها