الثلاثاء 2021/05/11

آخر تحديث: 13:27 (بيروت)

"الغارديان" تحتفل بعيدها الـ200: أخطأنا بشأن إيرلندا والهند وإسرائيل

الثلاثاء 2021/05/11
"الغارديان" تحتفل بعيدها الـ200: أخطأنا بشأن إيرلندا والهند وإسرائيل
increase حجم الخط decrease
نشرت صحيفة "غارديان" البريطانية بمناسبة مرور مئتي عام على تأسيس الصحيفة، تقريراً تناول أسوأ الأخطاء التحريرية التي ارتكبتها خلال مسيرتها كواحدة من أبرز الصحف المستقلة ليس فقط في المملكة المتحدة بل في العالم عموماً. ولا يتعلق الأمر هنا بأغلاط تحريرية ترتكب في أي وسيلة إعلام، مثل نشر خبر سفينة "تايتانيك" بشكل مقتضب في الصفحة التاسعة العام 1912، بل إلى زلات في أعمدة التحرير والخط السياسي للصحيفة نفسها.

وفيما قالت الصحيفة أنه "لا تستطيع صحيفة يومية النشر لمدة 200 عام من دون أن تخطئ في بعض الأمور"، أوضحت أنه من الضروري أن يكتشف القراء الآراء التي تمتلكها الصحيفة حول تلك القضايا اليوم. مشيرة في الوقت نفسه إلى أن تاريخ الصحيفة نفسه مهم في هذا السياق لفهم موقفها من أحداث تاريخية قد تكون جدلية، حيث انطلقت العام 1821 في مدينة مانشستر كصحيفة رايديكالية معتدلة نشأت من قلب المؤسسة الصناعية داعية للإصلاح السياسي وإنصاف الطبقة المتوسطة من الذكور تحديداً، قبل أن تصبح صوتاً مؤثراً في الصفوة السياسية في لندن.

ومن هنا يمكن فهم الزلة الأولى التي أوردتها الصحيفة وهي الثورة التي هزت أوروبا ككل، منتصف القرن التاسع عشر، وحينها لم يكن لدى الصحيفة تعاطف مع "العصيان" وكتب دايفيد إيرست في كتابه عن تاريخ الصحيفة: "ارتبطت القومية بالديموقراطية العام 1848 وكانت الديموقراطية بالتالي موضع شك لدى غارديان". وأعلنت افتتاحية الصحيفة حينها دعمها للأحكام العرفية في إيرلندا لتهدئة الاضطرابات السياسية فيما كانت المجاعة تطارد الناس هناك. وبررت الصحيفة ذلك بأن إيرلندا لا يمكنها إطعام نفسها إذا لم تتحرر من اعتمادها على عدد قليل من المحاصيل، وأن ذلك يتطلب وجود رأس مال لا يمكن أن يتحقق من دون استقرار سياسي.

وسردت الصحيفة زلات أخرى مثل دفاعها عن حق التصويت للذكور فقط، والدعوة إلى ديموقراطية قائمة على الملكية مع معارضتها للموجة الثورية الأوروبية انطلاقاً من الخوف من الغوغائية، كما كانت لها مواقف عنصرية إبان التمرد الهندي ضد بريطانيا العام 1857 عندما كتبت افتتاحية الصحيفة حينها عن حق بريطانيا في حكم السكان الأصليين من باب التفوق العرقي.

كما عانت الصحيفة من أزمة ازدواج المعايير، ففي حين كانت تنظر إلى الآسيويين باحتقار كبشر أدنى مرتبة من الأوروبيين، فإنها وقفت إلى جانب الأميركيين من أجل تقرير مصيرهم، وذلك خلال الحرب الأهلية الأميركية ووقوفها إلى جانب الولايات الأميركية الجنوبية وعدائها للرئيس الأميركي ابراهام لينكولن، وهو ما تصفه اليوم بأنه كان موقفاً مخزياً، لأنه نابع من دفاع الصحيفة أنذاك عن نظام العبودية.

على أن الخط التحريري للصحيفة تغير تحت رئاسة سي بي سكوت، حيث انتقلت "غارديان" سياسياً من اليمين إلى اليسار، ومنذ أواخر ثمانينيات القرن التاسع عشر بات الخط التحريري لها أكثر راديكالية وأكثر شبهاً بما هي عليه اليوم. ودعمت مثلاً حق المرأة في التصويت. لكنها في المقابل، دعمت وعد بلفور بالمساعدة في إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، معتبرة أنها ساهمت في تسهيل الوعد وتنفيذه، مضيفة أن إسرائيل اليوم ليست الدولة التي كانت تريدها الصحيفة قبل قرن من الزمن.

وتحت قيادة سكوت، بات للصحيفة سمعة في مجال التعليق على السياسات الدولية والشؤون الخارجية. ومنذ ذلك الوقت نمت الصحيفة من مجرد صحيفة أسبوعية تخدم بضعة آلاف من ليبراليي مانشستر، إلى مؤسسة كبرى مع غرف أخبار في المملكة المتحدة والولايات المتحدة وأستراليا، وعشرات الملايين من القراء المنتظمين في أنحاء العالم، وأكثر من 1.5 مليون مُشترك في 180 دولة.

وكتبت رئيسة التحرير كاثرين فينر في مقال منفصل أن "غارديان" ليست الصحيفة الوحيدة التي أعلنت أن لها هدفاً أسمى من جني الأرباح. لكنها قد تكون فريدة من نوعها في التمسك بهذا المبدأ على مدى قرنين من الزمان، علماً أن الصحيفة لجأت إلى حل الاشتراكات والتبرعات من أجل تمويلها في زمن الأزمة الوجودية للصحافة الورقية. وأضافت فينر أن السؤال الأول في القرن الثالث للصحيفة يتمحور حول "الدور الذي يمكننا لعبه في تشكيل ذاكرة كارثة كوفيد 19 وكيف سيكون لتقاريرنا بالكلمات والصور والفيديو والصوت تأثير في النضال من أجل فهم الوباء والعالم الجديد الذي يشكله، وكيف يسلط تعليقنا وتحليلنا الضوء على القرارات التي قادتنا إلى هنا".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها