الإثنين 2021/05/10

آخر تحديث: 18:59 (بيروت)

أطباء يبتزون الدولة.. المهنة كطبقة جديدة فوق المساءلة

الإثنين 2021/05/10
أطباء يبتزون الدولة.. المهنة كطبقة جديدة فوق المساءلة
اعتصام الأطباء أمام قصر العدل
increase حجم الخط decrease
لا ينكر أحد الصعوبات التي يمر بها الأطباء في لبنان، ويقدّر اللبنانيون تضحياتهم في الأزمة الصحية الاخيرة التي هزّت العالم والأزمة الاقتصادية التي ضربت لبنان، لكن ذلك لا يعني أبداً أنهم فوق المساءلة. 
فالتحرك الذي قام به الأطباء، رفضاً لقرار قضائي، يحاولون عبره أن يقولوا بأنهم فوق القضاء وفوق القانون والمحاسبة. وهل تمنع التضحيات من أن يحكم القضاء، استناداً الى قرار أطباء في لجنة طبية، بتجريم طبيب أدى ارتكابه للخطأ الى بتر يديّ وقدميّ طفلة رضيعة؟


وتعود القصة ست سنوات إلى الوراء، حينما أدى خطأ طبيّ الى بتر قدمي ويدي الطفلة ايلا طنوس. وتمت إدانة مستشفيين بالملف. وقضى الحكم الصادر عن محكمة الإستئناف برئاسة القاضي طارق البيطار، الأسبوع الماضي، بدفع عطل وضرر بقيمة 9 مليارات ليرة لبنانية (750 الف دولار حسب سعر الصرف)، ودخل شهري مدى الحياة بمقدار أربعة أضعاف الحد الأدنى للأجور بتاريخ الدفع الفعلي، الى عطل وضرر لوالدي الطفلة بقيمة 500 مليون ليرة لكل واحد منهما، وهو حكم إتخذ بالإجماع من قبل هيئة المحكمة.


على الاثر، اعترضت نقابة الاطباء، وبدأ الاطباء احتجاجاً على القرار إضراباً تحذيرياً لمدة أسبوع، والتوقف عن العمل، باستثناء الحالات الطارئة أو التي لا يمكن تأجيلها، وذلك ابتداء من اليوم الإثنين. 

ولا يبرر الاطباء رفضهم للقرار القضائي، الا بذريعة تضحياتهم. فالقضاء لا يصدر قراراً من غير الاستناد الى لجنة طبية... وبالتالي فإن أي ذريعة طبية تنفي التهمة او تتهم القضاء بالتسييس، فهي ضعيفة ولا يتم تسويقها. لذلك، سار الأطباء في اعتصامهم وفق عنوانين، أولهما الضغط الاعلامي الذي مورس ليصدُر حكم مشابه، وثانيهما تضحيات الأطباء في الفترة الأخيرة. 


وفتحت اعتراضات الأطباء نقاشاً واسعاً في مواقع التواصل، دفع البعض الى اتهام الاطباء بمحاولة تعطيل المسار القضائي. لا شك أن الأطباء يضحون في هذه الفترة، بسبب العائدات المالية الشحيحة مقارنة بالفترة الماضية مع تدهور قيمة العملة لنحو 800%، وليس بسبب المعاناة الطبية الناتجة عن ظروف كورونا فقط. ويمارس بعض الاطباء واجبهم رغم تقصير وزارة الصحة بدفع مستحقاتهم، ولا يتخلون عن واجبهم في العمل في الصفوف الأولى، كون طبيعة الأزمة شاءت أن يكون الجسم الطبي في المواجهة، وهو بالتأكيد ليس عملاً مجانياً وتطوعياً إلا في ما ندر...

هذه الوقائع دفعت الكثير من المغردين الى التأكيد على ذلك. وطرح البعض فرضية أخرى: هل يمتنع الجيش مثلاً عن تنفيذ عقوبة مسلكية بحق جندي كان يقاتل على الحدود؟ 
بالتأكيد لا.. والطبيب يجب أن يبقى تحت سقف القانون. وفي قضية الطفلة طنوس، انتشر مقطع فيديو لنقيب الاطباء شرف ابو شرف في مقابلة سابقة في العام 2018 مع تلفزيون "الجديد" يثبت فيها الخطأ الطبي الذي ارتكبه الأطباء، وكان وقتها متحدثاً باسم اللجنة الطبية المولجة بالملف قبل أن يصبح نقيباً للأطباء. بالتالي، فإن اي اعتراض يظهر الاطباء اليوم على أنهم يتكتّلون فوق القانون، يتمردون على الدولة، يبتزونها، ويتعاطون بفوقية مع القانون والمجتمع اللبناني.

هي طبقية جديدة تحاول نقابة الأطباء فرضها، لتعيينها فوق المساءلة. طبقية غير مقبولة، فإما أن نكون جميعاً مواطنين تحت سقف القانون والدولة، وإما أن تعلن كل نقابة تمردها، بقوة أعضائها وثقلهم المهني والعددي، وهي معادلة ساقطة حكماً في دول القانون والمؤسسات.
 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها