الثلاثاء 2021/04/20

آخر تحديث: 15:57 (بيروت)

لبنان يتراجع 5 مراتب في مؤشر حرية الصحافة

الثلاثاء 2021/04/20
لبنان يتراجع 5 مراتب في مؤشر حرية الصحافة
اغتيال ناشطين وصنّاع رأي، كان آخرهم لقمان سليم (غيتي)
increase حجم الخط decrease
قالت منظمة "مراسلون بلا حدود" في تقريرها السنوي، الثلاثاء، أن حرية الصحافة عانت "تدهوراً كبيراً" منذ انتشار جائحة كورونا في أنحاء العالم.


ورسم المؤشر العالمي الجديد لحرية الصحافة، الذي تصدره المنظمة، والذي يقيم أوضاع الصحافة في 180 دولة، صورة قاتمة وخلص إلى أن 73٪ من دول العالم تعاني مشكلات خطيرة مع الحريات الإعلامية، حسبما أفادت وكالة "أسوشييتد برس".

وأشار التقرير إلى أن الدول استخدمت جائحة الفيروس، الذي اكتشف في الصين أواخر العام 2019 "ذريعة لمنع وصول الصحافيين إلى المعلومات والمصادر والتقارير في هذا المجال". وأوضح أن هذا النمط على وجه التحديد كان سائدا في آسيا والشرق الأوسط وأوروبا.

ونوه التقرير أيضاً إلى انخفاض ثقة الجمهور في الصحافة نفسها. وقالت المنظمة أن 59٪ من الأفراد الذين شملهم الاستطلاع في 28 دولة زعموا أن الصحافيين "يحاولون عمداً تضليل الجمهور من خلال الإعلان عن معلومات يعرفون أنها خاطئة".

وهنا، علق الأمين العام لـ"مراسلون بلا حدود" كريستوف ديلوار بأن "الصحافة هي أفضل لقاح ضد التضليل الإعلامي. لسوء الحظ، غالباً ما يُعرقَل العمل الصحافي لعوامل سياسية واقتصادية وتكنولوجية، بل ولدواعٍ ثقافية في بعض الأحيان. فأمام انتشار المعلومات المضللة عبر حدود البلدان وعلى المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي، تظل الصحافة هي الضامن الرئيسي للنقاش العام الذي يقوم على الحقائق الثابتة".

ففي عزّ أزمة كوفيد-19، على سبيل المثال، روج الرئيس بولسونارو في البرازيل ونظيره مادورو في فنزويلا لعقاقير لم تُثبت الدوائر الطبية مدى فاعليتها، ولحسن الحظ، تبينت حقيقة تلك العقاقير من خلال تحقيقات أهل الاختصاص، مثل تلك التي أشرفت عليها الوكالة البرازيلية للصحة العامة، أو مقالات خبراء نُشرت على آخر منابر الصحافة المستقلة في فنزويلا. وفي إيران، أحكمت السلطات سيطرتها على تدفق المعلومات وضاعفت وتيرة محاكمة الصحافيين في سعيها للتلاعب بأرقام الوفيات المرتبطة بكوفيد-19 بعيداً عن ضغط وسائل الإعلام. وفي مصر، لم يجد نظام عبد الفتاح السيسي أي عناء في حظر نشر أية أرقام عن الوباء غير تلك الصادرة عن وزارة الصحة.

وتبادل الحليفان سوريا وإيران المراكز في التصنيف الجديد لحرية الصحافة، حيث تقدمت دمشق إلى المرتبة 173 وهبطت طهران إلى المرتبة 174. بينما هبط لبنان 5 مراكز كاملة وبات في المرتبة 107 عالمياً، مقابل بقاء النروج في صدارة التصنيف للعام الخامس على التوالي رغم أن وسائل الإعلام في هذا البلد واجهت بعض الصعوبات في الوصول إلى المعلومات العامة المتعلقة بالوباء.

وفيما شرح التقرير حالة الاستقطاب السياسي لوسائل الإعلام اللبنانية وعداء السلطة للصحافة المستقلة خلال السنوات الأخيرة، أشار إلى أن المدونين والصحافيين الإلكترونيين باتوا معرضين للخطر أيضاً حيث يمكن أن تكلفهم منشوراتهم على منصات التواصل الاجتماعي استدعاءً من مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية عقب تلقي شكوى من جهة خاصة، غالباً ما تكون من شخصية بارزة لها صلة بالحكومة، علماً أنه "وسط المناخ العام شديد الحساسية الذي بات يخيم على البلاد، اغتيل الصحافي لقمان سليم بسبب انتقاده المتكرر لحزب الله خلال مداخلاته الإعلامية".

وتُظهر نسخة 2021 من التصنيف ما يمكن وصفه بـ"هيمنة دول شمال أوروبا" على المنطقة البيضاء ضمن خريطة حرية الصحافة، حيث وضع ممارسة المهنة يُعتبر مثالياً أو على الأقل مُرضياً للغاية، فاحتفظت فنلندا بموقعها في المركز الثاني، واستعادت السويد المرتبة الثالثة التي خسرتها العام الماضي لحساب الدنمارك التي عادت للمرتبة الرابعة.

ولم يسبق أن شهدت خريطة حرية الصحافة منطقة بيضاء ضيقة بهذا الشكل منذ العام 2013، أي منذ بدء العمل بمنهجية التقييم الحالية. فمن أصل البلدان الـ180 التي يشملها التصنيف، أصبحت 12 دولة فقط قادرة على توفير بيئة مواتية للعمل الصحافي، ما يمثل 7٪ فقط من إجمالي دول العالم. وشهدت النسخة الحالية من التصنيف خروج ألمانيا من المنطقة البيضاء، بعد اعتداء متظاهرين مقربين من الحركات المتطرفة وأتباع نظرية المؤامرة على عشرات الصحافيين خلال مظاهرات احتجاجية ضد التدابير الصحية المفروضة في سياق الوباء.

ومازال وضع حرية الصحافة في ألمانيا جيداً إلى حد ما، كما هو الحال في الولايات المتحدة (44) وإن كان العام الأخير من ولاية دونالد ترامب شهد عدداً قياسياً من الاعتداءات (نحو 400) والاعتقالات في صفوف الصحافيين (130)، بحسب المنظمة الأميركية لتعقب حرية الصحافة، بينما تقبع روسيا في المرتبة 150 بعدما كرست أجهزتها القمعية للحد من التغطية الإعلامية للمظاهرات المتعلقة بالمعارض أليكسي نافالني، وتبقى الصين في المركز 177 مواصلة رقابتها على الإنترنت بموازاة أساليب المراقبة والتجسس والدعاية التي بلغت مستويات غير مسبوقة.

في المقابل، لم تُسجل تغييرات كبيرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي حافظت على موقعها في مؤخرة التصنيف. ففي الجزائر (146) والمغرب (136)، ساهم تسييس القضاء في إسكات الصحافيين الناقدين، بينما كثفت  أكثر دول الشرق الأوسط استبداداً، المملكة العربية السعودية (170) ومصر (166) وسوريا (173)، ممارساتها القمعية المتمثلة في تكميم الصحافة، لتحكم قبضتها على وسائل الإعلام في سياق جائحة كوفيد-19، حيث جاءت الأزمة الصحية لتعمق جراح الصحافة المحتضرة أصلاً في هذه المنطقة، التي مازالت الأصعب والأخطر في العالم بالنسبة للصحافيين.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها