الأحد 2021/04/11

آخر تحديث: 10:54 (بيروت)

مراسل تلفزيون "العربي"يكشف ل"المدن":الموساد إستجوبني في مقر الأمن الإسباني!

الأحد 2021/04/11
مراسل تلفزيون "العربي"يكشف ل"المدن":الموساد إستجوبني في مقر الأمن الإسباني!
تكتّم معاذ حامد لمدة شهرين عن الحادثة (فايسبوك)
increase حجم الخط decrease

بعد نحو شهرين، كشف مراسل "التلفزيون العربي" في إسبانيا، معاذ حامد، لصحيفة Publico تفاصيل ما جرى معه في أروقة جهاز الحرس المدني الإسباني بعد خضوعه إلى جلسة تحقيق على يد ضابط في الموساد الإسرائيلي، وأعاد معاذ تأكيد ما نُشر في الصحافة الإسبانية، في حديث مع "المدن".    

فالصحافي الفلسطيني استقر في إسبانيا في مارس/آذار 2019 طالبا اللجوء. في 9 ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه، تلقى اتصالاً من نيكولاس، وكيل شعبة الحرس المدني في إقليم الباسك للحضور و"تناول القهوة". ورغم أن الحرس المدني لا علاقة له بملفات اللجوء، قرر معاذ الذهاب إلى الموعد بعد استشارته لمحاميته. 

جرت المقابلة بحضور شخص آخر يدعى خافيير، وتمحورت الاسئلة حول عمل معاذ في مجال الصحافة وانتقاله من فلسطين إلى تركيا وصولاً إلى إسبانيا والأسباب التي دفعته إلى طلب اللجوء.  

لكن الأمور أخذت منحى مختلفاً مطلع العام الحالي بعدما اتصل به خافيير طالباً لقائه في 11 فبراير/شباط الماضي. وفور وصوله إلى العنوان، استوقفت معاذ جملة من التفاصيل التي أثارت الريبة والشك في داخله: إذ تم السماح له بدخول المبنى دون الخضوع إلى التفتيش أو أي من الإجراءات الأمنية المتعارف عليها داخل هذه المقرات. وفي الداخل كان خافيير في استقباله برفقة "عمر"، حيث ادعى خافيير أن الأخير من أصل فلسطيني يعمل لصالح الأمن البلجيكي. 

لكن معاذ لاحظ أن عمر يتحدث العربية بلكنة عبرية: ما إن بدأ بالحديث حتى تأكد من هويته، وفقاً لما أوضحه لـ"المدن". فمنذ العام 2002، اعتقل معاذ ما لا يقل عن ست مرات من قبل الأجهزة الإسرائيلية إلى جانب العديد من المقابلات، ما مكّنه من التعرف على أي إسرائيلي يتحدث العربية. 

هذا الموقف صدم معاذ، لكنه بادر إلى مخاطبته بالعبرية ما أحدث صدمة مضادة. حينها ارتبك خافيير وخرج من الحجرة بذريعة جلب المياه (ليعود في آخر الجلسة دون جلبها)، ليبقى معاذ مع عمر الذي أقر بهويته الإسرائيلية. 

هنا بدأ عمر بسؤاله عن تحقيق استقصائي أعده معاذ في وقت سابق ونشر في صحيفة "العربي الجديد" بتاريخ 30 ديسمبر/كانون الأول 2019 . تمحور التحقيق حول أساليب الموساد المتبعة "لتوريط فلسطينيين في الخارج للتعاون معهم، بغية التجسس على التنظيمات الفلسطينية في أوروبا"، موضحاً أن أسئلة عمر تمحورت حول كيفية وصوله إلى المعلومات، كما آلية تتبعه لأرقام الحوالات المالية إلى جانب التركيز على مصادره الأمنية. 

علاوة على ذلك، تعرض معاذ لتهديدات خلال تلك الجلسة بعدما اتهمه عمر بالتواصل مع مطلوبين لإسرائيل، محذراً إياه من زيارة فلسطين وهو ما يرفضه معاذ مؤكدا حقه في العودة إلى بلاده متى شاء. 

وأشار معاذ لـ"المدن" أن محاميه نصحوه بعدم تناول الموضوع إعلامياً قبل استكمال المسارات القانونية ورفع الشكاوى للأجهزة المعنية كالـ"أونروا" ووزارة الداخلية والبرلمان. 

من جانب آخر، كانت القضية محط اهتمام صحيفة Publico. وعليه لم يرغب معاذ بالكشف عن تلك التفاصيل، طوال الشهرين المنصرمين،  قبل النشر على صفحات هذه الجريدة العريقة كي يترك أكبر صدى ممكن. 

وقال معاذ إن نواباً من كتلتي "اليسار الإسباني" و"بوديموس" تواصلوا معه معبرين عن استيائهم الرسمي، ووعدوه باتخاذ موقف حيال ما جرى سواء من خلال إصدار بيان مشترك أو استدعاء وزير الداخلية أمام البرلمان، لا سيما وأن الكتلتين مشاركتان في الحكومة.

من جهتها، أوضحت السفارة البلجيكية علمها بوجود "عميل واحد على الأقل للموساد يتظاهر بأنه جاسوس لها في إسبانيا"، فيما امتنعت السفارة الاسرائيلية عن الرد على اسئلة الصحيفة الإسبانية. 

الصحافي الإسباني خوسيه باوتيستا، الذي أعد التحقيق للصحيفة الإسبانية، اعتبر أن التعاون وتبادل المعلومات بين مختلف الأجهزة الأمنية الأجنبية مسألة ليس سرا، لكنها المرة الأولى في إسبانيا التي يتعرض فيها شخص لموقف مشابه. 

وقال باوتيستا في حديث لـ"التلفزيون العربي"، أنه يتوجّب التمعّن في ما جرى من الناحية القانونية. 

هذا الكلام يحيلنا إلى عدم خضوع معاذ للإجراءات الأمنية يوم المقابلة ما يشير إلى محاولة الجانب الإسباني التعتيم على دخول معاذ إلى مقره، ما يضاعف علامات الاستفهام في ظل غياب أي اتفاقية تعاون تتيح للموساد القيام بمهمات شبيهة داخل إسبانيا ومقراتها الرسمية، وفقا لباوتيستا. وختم باوتيستا معتبرا أن خطورة ما جرى تتلخص في كون معاذ صحافياً، وبالتالي له الحق في الحصول على المعلومات ومن غير المعقول غرس شعور بعدم الأمان لديه.

الشعور بعدم الأمان عبّر عنه معاذ لـ"المدن"، إذ لم يستبعد مغادرته لاسبانيا مع عائلته، موضحاً أنه لم يحسم قراره هذا بانتظار رد وزارة الداخلية على طلب اللجوء الذي تقدم به خصوصاً وأنه زوّد الجهات الاسبانية بأدلة تؤكد إطلاق النار عليه على نحو مباشر من قبل الجنود الإسرائيليين إلى جانب امتناعهم عن تنفيذ قرارات الإفراج عنه إبان اعتقاله في أوقات سابقة.

ما جرى مع معاذ يشير إلى حال اللاجئين، فمغادرتهم للبلدان التي تهدد سلامتهم لا يعني حصولهم على الأمان بصورة تلقائية. مسيرتهم وماضيهم قد يلاحقهم أينما حلوا، وهو ما عبّر عنه معاذ في منشور على صفحته في فايسبوك بالقول:  "وين ما تروح ووين ما تشتغل.. فلسطين معك..بخاطرك أو مش بخاطرك." 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها