الأربعاء 2021/03/03

آخر تحديث: 19:06 (بيروت)

دولة لا تستطيع اعتقال لصّ في معوّض..ستطبّق "التدقيق الجنائي"!

الأربعاء 2021/03/03
دولة لا تستطيع اعتقال لصّ في معوّض..ستطبّق "التدقيق الجنائي"!
العونيون يعتبرون أن ثمة من يحرّك الشارع في وجه العهد (مصطفى جمال الدين)
increase حجم الخط decrease
عاد الشارع اللبناني إلى الحراك مع فتح البلد بشكل شبه كلي، بعد اغلاق تام وحظر تجول استمر أكثر من شهر، وعادت معه الاحتجاجات وقطع الطرق وسط تردي مستوى حياة اللبنانيين بشكل لم يعد يحتمل. 
هناك ألف سبب يدفع اللبنانيين للثورة، بدءاً بالتقنين الكهربائي الحاد الذي طاول حتى العاصمة بيروت، وصولاً إلى الانخفاض المستمر لقيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار لأسباب متعددة منها الاقبال على العملة الصعبة بعد فتح البلد، وطلب الدولار من قبل المصارف وعدم تشكيل الحكومة، ثم هناك الارتفاع المستمر في أسعار المحروقات بعد ارتفاع سعرها عالمياً واقترابنا من المصير المحتوم لرفع الدعم عنها. 

وجد أنصار "التيار الوطني الحر" أنفسهم في الاحتجاجات التي طاولت مختلف المناطق اللبنانية، في موقف الدفاع عن النفس، بعدما استشعروا، خصوصاً إثر خطاب البطريرك الراعي وهجومه على "حزب الله"، أنهم مستهدفون، وأن الشارع  يتجه لتحميل مسؤولية الانهيار إلى عهد الرئيس ميشال عون. الناشطون في التيار اتهموا خصومهم من "قوات" و"كتائب" و"اشتراكيين" و"مستقبل" بإشعال الشارع ضدهم.

تحت وسم "التدقيق الجنائي الآن" الذي انتشر في "تويتر"، وجد أنصار التيار أن الحل لكل أزمات البلد يكمن في البدء بالتدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان، وأن الرئيس ميشال عون، وعبر هذا القانون، يسعى لمحاربة الفساد وإصلاح الدولة اللبنانية، إلا أن المشكلة بالنسبة للتيار هي عرقلة الأحزاب الأخرى لتطبيق هذا القانون... كالعادة، "ما خلّونا".  
مشكلة البلد بالنسبة للعونيين، كما بالنسبة للعديد من اللبنانيين، تكمن في أشخاص فاسدين ينهبون البلد ويقوضون الدولة والإصلاح لمصالح شخصية، لكن المشكلة الحقيقية تكمن في هيكلية وبناء النظام اللبناني وضعف سلطة الدولة. أي قرار يتخذ سيكون عليه أن يمر في بيروقراطية طائفية تقوم على تحويره وإضعافه. 

"التيار الوطني الحر" يريد التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان، هدفاً ولو كان محقاً، إلا أن الكثيرين يلمسون من خلفه تصويباً على خصوم التيار. في المقابل، ولكي توافق بقية المكونات على هذا القرار، يشترطون تدقيقاً في حسابات وزارة الطاقة وحسابات وزارات أخرى، حيث لكل طرف مطلبه في التدقيق بحسب ما تقتضي مصالحه السياسية. 

قانون التدقيق الجنائي أقرّه مجلس النواب، في انتظار تطبيقه، وهنا تكمن المشكلة الأخرى، غياب السلطة. فالدولة موجودة بمؤسساتها وأجهزتها الأمنية والعسكرية والقضائية، إلا أنها لا تمتلك السلطة لتطبيق قوانين أبسط بكثير من التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان أو أي وزارة أو دائرة رسمية. 

ضعف سلطة الدولة يلمسه اللبنانيون كل يوم، بدءاً من عجزها عن تطبيق الإغلاق التام بسبب فيروس كورونا على المناطق اللبنانية كافة، وصولاً إلى عجزها عن توقيف المطلوبين بمذكرات قضائية في مناطق عديدة، أو قمع السارقين وتجار المخدرات، حتى أنها غير قادرة على جباية الضرائب وفواتير الكهرباء. 

في مشهد بدا عادياً جداً، ليلة الثلاثاء، ويدل على مدى ضعف سلطة الدولة وتقهقر هيبتها، قام فرع المعلومات بمحاولة دهم أحد اللصوص في منطقة معوض في الضاحية الجنوبية، فحوصرت الدورية من قبل عناصر من "حزب الله"، وسُمع إطلاق عيارات نارية. والسبب أن فرع المعلومات لم ينسق، قبل المداهمة، مع اللجنة الأمنية في الحزب والمسؤولة عن أمن الضاحية.
 
ترددت إشاعات كثيرة حول ما حدث في الضاحية، ونشر ناشطون أخباراً عن احتجاز عناصر الحزب لسيارات الدورية وعناصرها، إلا أن الثابت هو أن دولةً عاجزة عن الإمساك بِلِصّ، لن تستطيع تطبيق التدقيق الجنائي.
 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها