الجمعة 2021/03/19

آخر تحديث: 19:45 (بيروت)

احتفالية باسيل.. هل رضخ حزب الله للشروط العونية؟

الجمعة 2021/03/19
احتفالية باسيل.. هل رضخ حزب الله للشروط العونية؟
increase حجم الخط decrease
مباشرة بعد الخطاب عالي النبرة والسقف الذي ألقاه أمين عام حزب الله حسن نصرالله بمناسبة يوم الجريح، نشر رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل تغريدة في "تويتر"، أشاد فيها بالخطاب وبدت كما لو أنها احتفالية بما جاء فيه من دعم للتيار وتطبيق  فعلي لاتفاق مار مخايل بين الطرفين.

لم يجد باسيل وسيلة أسرع من "تويتر" بهدف الرد-الثناء، وهو يريد الأسرع. تحمل التغريدة النَفَس الشخصي بما يتخطى الموقف السياسي، وكأنه يقول انه تلقف المبادرة، ووصلت رسالته، ليعلن فيها بطريقة مقتضبة ان تطوير الاتفاق مع الحزب يجري على قدم وساق. 

في الفترة الأخيرة، وجد "التيار الوطني الحر" نفسه محاصراً في الزاوية. فسعد الحريري يستمر بالضغط على رئيس الجمهورية للموافقة على حكومة اختصاصيين من دون ثلث معطل للتيار الوطني، مدركاً أن الوقت ليس في صالح ميشال عون الذي شارف عهده على الانتهاء ويحمله الشارع مسؤولية الفشل بمعالجة الأزمة. 

"تيار المستقبل"، "القوات"، "حركة أمل" وغيرها، حاولوا بدورهم الضغط على رئيس الجمهورية عبر الشارع، والشارع انعكس في مواقع التواصل حيث انفلتت الجيوش الالكترونية تسخّن الموقف، لتعود بدورها فتغذي الشارع، خصوصاً حينما تتخذ وسائل الإعلام التقليدية قرار عدم التغطية لحسابات شتى. وعمد بعض أنصار تلك الأحزاب، مستغلين الانهيار المتسارع لليرة اللبنانية، إلى قطع الشوارع في مختلف المناطق اللبنانية في عملية وصفها كل مناصرو رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر، بالانقلاب، ولم يفلح طلب الرئيس من قائد الجيش فتح الطرق بالقوة ما وضعه في موقع حرج. 

وجد الجمهور العوني نفسه محاصراً تحت ثقل الأزمة. إستشعر العجز من قيادته عن التعامل معها، وهو ما ظهر في تغريدات مناصري التيار في "تويتر". فانهيار الليرة اللبنانية ووصول سعر صرفها أمام الدولار الى حدود 15 ألف ليرة لبنانية، شكل بدوره ضغطاً إضافياً، إذ عزاه الجميع إلى عدم تشكيل الحكومة، فيما حاول رئيس الجمهورية، من دون أن ينجح، رمي الكرة في ملعب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، مطالباً إياه بالبحث عن أسباب هذا الانهيار ومعالجته. 

الرئيس الذي بدا مصاباً بالارتياب من مؤامرة، لجأ إلى الحل الأمني، طالب القضاء بوقف التطبيقات المعنية بسعر الصرف والقبض على الصرافين غير الشرعيين، وهو حل ما لبث أن فشل. 

أمام كل هذه الضغوط، المضاف إليها خطاب بكركي ومطالبته بتدويل الأزمة اللبنانية وحياد لبنان، كان التيار الوطني في أمسّ الحاجة إلى دعم من حليفه "حزب الله"، الذي بدا مؤخراً كأنه أخذ دور المتفرج على الكباش بين التيار وخصومه، من دون أن يبدي أي مبادرة. بدأ نواب وناشطون وسياسيون تابعون للتيار الوطني، الضغط عبر وسائل الإعلام، متهجمين على "حزب الله" ومطالبين بإعادة دراسة ورقة التفاهم بين الطرفين، مدعين أنها لم تؤتِ ثمارها ببناء الدولة ومحاربة الفساد، ووصل الأمر بجبران باسيل في خطابه الأخير إلى التلميح لسلام مع اسرائيل. 

في خطاب نصرالله، بدا وكأن "حزب الله" قد تماهى كلياً مع المطالب العونية وقرر مجدداً الأخذ بيد ميشال عون حتى نهاية عهده. جرعة أمل اعلامية أعطيت لموقف التيار، فهذا نوع من الآمال لا يعني شيئاً إن قيل في غرف مغلقة. ففي ما يخصّ تأليف الحكومة، وضع نصرالله، سعد الحريري، في موقف حرج. ففي حال لم يتم تشكيل حكومة اختصاصيين يوم الإثنين بالشكل الذي يريده الحريري، دعا نصرالله إلى تشكيل حكومة تكنوسياسية، الأمر الذي يناسب ميشال عون أكثر، ونستطيع أن نقول من الآن أنه لا تشكيل يوم الإثنين. 

في هذه الحال يدعو نصرالله إلى إعادة تفعيل حكومة تصريف الأعمال، الأمر نفسه الذي سبق أن طالب به رئيس الجمهورية، حتى لو اضطر الأمر لتعديل دستوري. 

في ما يخص الانخفاض الجنوني بقيمة الليرة اللبنانية، حمل نصرالله المسؤولية لحاكم مصرف لبنان، مطالباً إياه بتحمل بالعمل على دعم الليرة بمقابل الدولار. أما الأخطر في خطاب نصرالله فهو دعوته الجيش اللبناني إلى فتح الطرق بالقوة، والتلميح إلى أن حزب الله سيتدخل في حال لم يتم فتحها، وحذر من أن بعض الجهات الخارجية والداخلية تدفع باتجاه حرب أهلية في لبنان، وكان نصرالله قد أشار في خطاب سابق أن حزب الله قد يضطر لاستعمال سلاحه في الداخل لمنع حرب أهلية. 

تبنى نصرالله كل مطالب التيار الوطني الحر، وبحسب تغريدة باسيل، فإن الخلل في ورقة التفاهم هو توقف الحزب عن دعم التيار في الفترة الأخيرة، وقد عادت الآن المياه إلى مجاريها، لكن ما هو الثمن الذي تقاضاه حزب الله مقابل ذلك كله؟
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها