الإثنين 2021/03/15

آخر تحديث: 13:50 (بيروت)

الحنين إلى 14 آذار.. أولوية على 17 تشرين!

الإثنين 2021/03/15
الحنين إلى 14 آذار.. أولوية على 17 تشرين!
increase حجم الخط decrease
لحظتان تاريخيتان شكلتا منعطفاً مهماً في التاريخ اللبناني الحديث، 14 آذار 2005 و17 تشرين 2019. ساهمت كل لحظة منهما في تغيير الواقع السياسي اللبناني بشكل مختلف، ولو أن تأثير 17 تشرين في القوى السياسية اللبنانية لم يتضح بعد. 
في الذكرى السادسة عشرة لثورة 14 آذار، استعاد السياسيون واللبنانيون المشاركون فيها، ما حققته من انجازات وما تعرضت له من انتكاسات. تحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى ما يشبه مسرحاً لبكائية لبنانية على أطلال ما كان يوماً، حلماً بالسيادة والاستقلال والحرية. 

من سعد الحريري إلى سامي الجميل ونديم الجميل وحتى جبران باسيل، حاول كل منهم استعادة لحظة 14 آذار وتوفيقها مع سياساتهم وأهدافهم الحزبية، إلا أن هؤلاء، جميعاً، متهمون من قبل المشاركين في 14 آذار بسرقة الحلم وتحريف الثورة عن مسارها وإفشالها. 


بين 14 آذار و17 تشرين اختلافات جوهرية. ففي حين كان الهدف الرئيسي لـ14 آذار استعادة سيادة لبنان، وطرد الجيش السوري المحتل ووقف التدخل الإيراني المباشر في الشؤون اللبنانية عبر حزب الله وحلفائه، أتت 17 تشرين لتنادي ببناء الدولة اللبنانية، ومكافحة الفساد، وقيام الدولة المدنية. 

وفي حين كانت الأحزاب اللبنانية، مثل "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحر" و"المستقبل" و"الاشتراكي" بشكل خاص، هي المحرك الرئيسي لثورة 14 آذار، كانت ثورة 17 تشرين خروجاً من العباءة الحزبية وتمرداً على الاصطفافات الحزبية والطائفية التي كرستها ثورة 14 آذار لسنوات. 

كرست 14 آذار ومعها 8 آذار، حكم الأحزاب اللبنانية، أصبح اللبنانيون معهما ولمدة 14 عاماً منقسمين بين الخندقين، مَن يخرج من تحت عباءة 14 أو 8 لا يجد مكاناً له في الساحة السياسية. لذلك ربما، نلمس اليوم عبر تغريدات السياسيين اللبنانيين، حنيناً إلى تلك المرحلة، إلى 14 آذار التي لطالما مدّتهم بالزخم الشعبي والانتخابي، وللأسباب نفسها نلمس خيبة أمل من شارك في 14 آذار، بعدما حولت الأحزاب حلمه إلى مجرد وسيلة للوصول إلى السلطة. 

تكمن أهمية 17 تشرين وخطورتها على سياسيي لبنان، في أنها أوجدت مكاناً للمنبوذين والمتمردين على الطائفة والحزب، خلقت وعياً لبنانياً عابراً للطوائف والأحزاب، مَن دَعم 17 تشرين من أحزاب السلطة أو شارك فيها حزبياً، فعل ذلك بالسرّ أو بشكل "فردي" غير منظّم علناً، مع الحرص على عدم ذكر اسم الحزب أو التيار والتمسك بصفة المواطن/ة، أي أن ذلك لم يكن دعماً بقدر ما كان محاولة لركوب الموجة وسرقة الثورة. 

أجبرت 17 تشرين، أحزاب السلطة على العودة إلى المربع الأول، على نزع أقنعتهم والتمترس من جديد في الخندق الطائفي بطريقة فجة ومباشرة، حيث نقطة قوتهم الوحيدة.

وقد يكون الوعي الذي خلقته 17 تشرين صغيراً نسبياً، إذا ما نظرنا إلى عدد المشاركين فيها وإلى ما أنجزته حتى اليوم، لكن هذا الوعي لم يتبلور بعد ولم يأخذ شكله النهائي. وبالنظر إلى فشل الطبقة السياسية اللبنانية، فإن هذا الوعي، لا بد سيكبر، بعدما باتت العودة إلى الخلف مستحيلة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها