الأحد 2021/03/14

آخر تحديث: 15:48 (بيروت)

"حرب السفن"بين إسرائيل وإيران:أميركا سربت المعلومات للتهدئة

الأحد 2021/03/14
"حرب السفن"بين إسرائيل وإيران:أميركا سربت المعلومات للتهدئة
حروب "الظل" بين اسرائيل وايران في مياه المنطقة ليست جديدة
increase حجم الخط decrease
لم يكن مؤكداً ان الهجمات البحرية المتبادلة بين اسرائيل وايران قائمة بالفعل، وتتخذ في بعض جوانبها، الى الجانب الامني، طابع الحرب الاقتصادية، لكنها باتت الآن واقعاً في مياه المنطقة، إذ طفت إعلامياً على السطح فيما لم يمضِ على ولاية الرئيس الاميركي أكثر من بضعة اسابيع. 

ويعتقد الإعلام العبري أن الإثارة الإعلامية للموضوع، والتي أزعجت مستويات أمنية وسياسية في اسرائيل، يقف وراءها مسؤولون في إدارة الرئيس بايدن؛ بدليل أنهم سارعوا إلى منح صحيفة "وول ستريت جورنال"، عشية استهداف سفينة إيرانية في مياه المتوسط، كشفاً عن استهداف إسرائيل لما لا يقل عن 12 ناقلة نفط إيرانية، أو تحمل نفطاً إيرانياً، متجهة إلى سوريا خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وذلك بمباركة اميركية. 

فكان هذا الكشف مثار تحليل قدّمه المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل حول الغاية من إثارة مسؤولي إدارة بايدن لهذا الأمر عبر الصحيفة الأميركية في هذا التوقيت.
 

حربُ البحار من السرّ إلى الإعلام

دقّ هرئيل وتحليلات أخرى في الدوائر المختلفة بالدولة العبرية، ناقوس الخطر بعدما تحولت الحكاية من السر إلى الإعلام بهذه الطريقة، إذ حذرت هذه المقالات من أن الهجمات الإسرائيلية المُبلّغ عنها على الناقلات الإيرانية تُعرّض مصالح تل ابيب للخطر.. ما يعني أن الإشكالية الاسرائيلية ليست في حرب البحار الجارية سرّاً منذ سنتين وأكثر، بل أن تصبح حديثاً للصحافة، فتتأزم القضية أكثر.

ويُستدل على التوتر الاسرائيلي من الحديث الإعلامي عن الموضوع، بموقف عبّر عنه رئيس أركان الجيش الاسرائيلي أفيف كوخافي إلى جانب كبار المنظومة الأمنية الإسرائيلية، وذلك بأن طالبوا بتهدئة الجبهة البحرية أمام إيران، من منطلق ان "الجهتين خاسرتان" في هذه المعركة.

وما دامت حروب "الظل" بين اسرائيل وايران في مياه المنطقة ليست جديدة، فإن أسئلة عديدة تصدّرت الاعلام العبري سواء كان مرئياً او مكتوباً وحتى مسموعاً، من بينها: هل تتسع "استراتيجية معركة ما بين الحروب" التي ينتهجها الجيش الاسرائيلي منذ سنوات على حدود سوريا، من البرّ إلى البحر؟.. وهل يتعاظم التوتر أكثر مما هو عليه؟
 

إفشال شراء سلاح لحزب الله!

تتطرق "هآرتس" إلى أبعاد حرب البحار بين اسرائيل وإيران واهدافها وآليات الاستهداف للسفن، وذلك عبر أسلوب يقضي بإحداث أضرار لها من دون إغراقها كبرهان على عمليات مضبوطة لا تُفجّر المعركة التقليدية.

فقد اشار محللها العسكري عاموس هرئيل في تحليله الى أن هذه الهجمات التي استهدفت إمدادات النفط لسوريا قد أحبطت خطة إيران لاستخدام عائدات هذه الصفقات لشراء أسلحة لصالح حزب الله.

ويتوافق هرئيل مع ترتيب الأحداث من قبل صحيفة "وول ستريت جورنال" والذي يوضح أن الهجوم المنسوب الى إيران في الخليج ليس على ما يبدو مرتبطاً بشكل مباشر بالجدل حول برنامج إيران النووي. ولم يكن هذا أيضاً انتقاماً إيرانياً لاغتيال رئيس برنامجها النووي، محسن فخري زاده ، في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، الذي نسبته طهران إلى إسرائيل.. لكنّ العملية الايرانية ضد السفينة التابعة لرجل اعمال اسرائيلي في خليج عُمان مؤخراً، قد شكلت هجوماً متبادلاً؛  بهدف تصفية الحسابات مع إسرائيل لمهاجمة ناقلات النفط الإيرانية.
 

التسريب الأميركي لفرملة "حرب السفن"؟
 
لكنّ اعتماد الصحيفة الاميركية المذكورة بشكل أساسي على تسريب من إدارة بايدن للحصول على معلوماتها بشأن النشاط السرّي الاسرائيلي في مياه البحر الأحمر وكذلك الأبيض المتوسط، اعتبرته صحف إسرائيلية أنه قد يعكس استياء الولايات المتحدة من عمليات إسرائيل ضد إيران، إذْ تحاول استئناف المفاوضات مع إيران بشأن عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي.. من باب أن "خروج الأمر إلى الإعلام يربك إسرائيل ويُفسد المعركة السرية، فتضطر إلى فرملة نشاطها على هذا الصعيد".

فإسرائيل لديها هي الأخرى نقاط ضعف في حرب البحار، لا سيما وأنها تعتمد في اقتصادها على حركة النقل البحري، حيث تنقل بحراً 99٪ من البضائع إليها. قد يؤدي الشروع في حرب اقتصادية مفتوحة في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر إلى زيادة أقساط التأمين على جميع التجارة البحرية في المنطقة بشكل عام، ولإسرائيل بشكل خاص.

وراح كُتّابٌ إسرائيليون إلى تقديم نقد إزاء التسريب الاميركي، وتجلّى ذلك بأن اعتبروا محاولات ربط التقرير الأميركي الأخير بالحادثة الخطيرة التي تلوثت فيها شواطىء لبنان وكذلك الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية الشهر الماضي بسبب النفط المتسرب في البحر المتوسط، مجرد "قضايا هامشية".

وبينما لوحظ في اسرائيل في الايام الاخيرة أكثر من ادعاء حول سبب تلوث شواطئ المتوسط من دون أن تتمكن "هآرتس" من حسم صحة اي منها، اضطر وزير الجيش الاسرائيلي بني غانتس للخروج إلى الإعلام؛ كي يُبرئ جيشه من تهمة التسبب بالتسرب النفطي إثر هجوم عبر البحار ضد سفينة تهريب ايرانية. وقد برّأ نسبياً إيران أيضاً بقوله إن "الأمن الإسرائيلي لم يكشف أدلة تثبت دور إيران بالتسرب النفطي في المتوسط". وكأنها محاولة إسرائيلية ضمنية لتهدئة وتيرة "معركة البِحار".

 
خشية قانونية أيضاً

اللافت، أن الإعلام الاسرائيلي لم يجد إجابة واضحة على سؤاله حول مدى تسبب الضرر الممنهج للسفن بأضرار حقيقية لإيران وحزب الله. وايضاً بدت غير حاسمة في الإجابة على السؤال المغلق: هل يؤدي ذلك إلى تصعيد التوتر في منطقة تكون فيها إسرائيل عرضة أيضاً لإلحاق أضرار كبيرة بها؟

الواقع، ثمة نقطة أخرى بـ"حرب السفن" تثير مخاوف إسرائيل بعيدة عن الجانب الاقتصادي والأمني.. ألا وهي "المشكلة القانونية" في اللعب. فإسرائيل تستخدم إجراءات عسكرية ضد السفن المدنية التي تسير في الممرات البحرية الدولية.

وهنا تبرز تساؤلات من قبل محللين محسوبين على اليسار في إسرائيل، مثل: هل يمكن أن يعرّض ذلك إسرائيل لمحكمة دولية كأن تفتح الإجراءات في لاهاي جبهة جديدة، بينما تواجه إسرائيل تحقيقاً في جرائم حرب ارتكبت في الأراضي المحتلة؟
 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها