السبت 2021/02/27

آخر تحديث: 13:45 (بيروت)

جمال خاشقجي.. سيرة التحولات في ضوء التقرير الاستخباراتي الأميركي

السبت 2021/02/27
جمال خاشقجي.. سيرة التحولات في ضوء التقرير الاستخباراتي الأميركي
increase حجم الخط decrease
تحوّل الصحافي السعودي جمال خاشقجي الذي قتل في قنصلية بلاده في اسطنبول في عملية "أجازها" ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وفق وكالة الاستخبارات الأميركية المركزية "سي آي أيه"، من مقرّب من دوائر الحكم في الرياض، إلى أحد أبرز منتقدي سياساتها.

وبعد أكثر من عامين على جريمة اغتياله، كشفت الإدارة الأميركية، الجمعة، تقريراً استخباراتياً طال انتظاره، وجاء فيه أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان "أجاز" عملية لـ"اعتقال أو قتل" خاشقجي، في حين أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أنها ستراجع "كامل" العلاقة مع السعودية، بما في ذلك نوع القدرات التي ستقرر تقديمها للمملكة.

وبعد كل هذا الوقت الطويل، قد تبدو مسيرة خاشقجي الذي قتل في تشرين الأول/أكتوبر 2018، ضبابية قليلاً، خصوصاً أنه تنقل خلالها بين مواقف متعددة من الإسلام السياسي وتأييد الإخوان المسلمين، والإعلام السعودي، والقادة السعوديين، وصولاً الى الكتابة في وسائل إعلام عالمية بينها صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، حسبما أفادت وكالة "فرانس برس". وعلى هامش التقرير الأميركي الأخير، تبدو مهمة استعادة سيرة خاشقجي الصحافي وصاحب الرأي الذي خاض تحولات مهنية وسياسية عديدة.

بداية المعارضة
انتقل خاشقجي العام 2017 للعيش في منفى اختياري في الولايات المتحدة بعدما اختلف مع الأمير محمد بن سلمان. وبعدما كان مستشاراً للحكومة السعودية، أصبح من أشد المنتقدين لسياسات المملكة في وسائل إعلام غربية وعربية. وتحدث عن حقبة سعودية جديدة من "الخوف والترهيب والاعتقالات والتشهير العلني" في مقال نُشر في "واشنطن بوست" العام 2017.

وكان خاشقجي كتب في صحيفة "غارديان" البريطانية قبل ذلك: "يستحق ولي العهد الثناء على برنامجه الإصلاحي في الداخل. لكن، في الوقت ذاته، لم يسمح بأي نقاش في السعودية حول طبيعة التغييرات التي يجريها". وتابع: "يبدو أنه ينقل البلاد من التطرّف الديني التاريخي، الى تطرّفه القائل: عليكم أن تقبلوا بإصلاحاتي".

وقال المسؤولون الأتراك في وقت سابق أن خاشقجي قُتل على أيدي مجموعة سعودية مكونة من 15 رجلاً قاموا بخنقه وتقطيع جسده إلى أشلاء لم يُعثر عليها بعد. وبعدما تنصلت، أقرت السلطات السعودية بقتل خاشقجي في القنصلية على أيدي سعوديين، مشددة على أن ذلك حصل من دون علم القيادة العليا.

وفي أيلول/سبتمبر 2020، أصدرت محكمة في الرياض أحكاماً نهائية في قضية خاشقجي قضت بسجن ثمانية مُدانين لفترات تراوحت بين 20 وسبع سنوات، في تراجع عن أحكام سابقة قضت بإعدام خمسة منهم. وجاءت الأحكام النهائية بعدما أعلن أبناء خاشقجي "العفو" عن قَتلة والدهم في أيار/مايو 2020.

من المجاهدين الأفغان إلى الوليد بن طلال
والحال أن خاشقجي ينتمي الى عائلة سعودية مرموقة من أصول تركية. وكان جدّه محمّد خاشقجي طبيباً شخصياً للملك الراحل عبد العزيز آل سعود، مؤسّس المملكة. كما أن قريبه هو تاجر الأسلحة الراحل عدنان خاشقجي.

وتخرّج خاشقجي من جامعة ولاية إنديانا الأميركية العام 1982، وبدأ يعمل في صحف يومية بينها "سعودي غازيت" و"الشرق الأوسط". وأُرسل لتغطية أخبار النزاع في أفغانستان، وظهر في صورة وهو يحمل سلاحاً رشاشاً مرتدياً زيّاً أفغانياً. وفيما لم يقاتل خاشقجي في النزاع، لكنه أظهر تعاطفاً مع قضية المجاهدين في الحرب في فترة الثمانينيات ضد الاتحاد السوفياتي،  والتي موّلها السعوديون ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إيه".

خلال هذه الفترة، أجرى خاشقجي، المولود في المدينة المنورة في 13 تشرين الأول/اكتوبر 1958، مقابلة مع أسامة بن لادن في أفغانستان وفي السودان، ثم ابتعد عنه في التسعينيات، بسبب دعوة بن لادن الى أعمال عنف في الغرب.

إثر ذلك، اعتبرته السلطات السعودية تقدّمياً أكثر من اللزوم، فاضطر إلى مغادرة منصبه كرئيس تحرير في صحيفة "الوطن" اليومية العام 2003 بعد 54 يوماً فقط من بدء عمله، علماً أنه تولى مناصب استشارية في الرياض وواشنطن، من بينها لصالح الأمير تركي الفيصل الذي أدار الاستخبارات السعودية أكثر من 20 عاماً. وعندما عُيّن الأمير تركي الفيصل سفيراً في واشنطن في 2005، رافقه خاشقجي إلى الولايات المتحدة.

وفي العام 2007، عاد خاشقجي إلى صحيفة "الوطن" وأمضى فيها ثلاث سنوات قبل أن يضطّر مجدداً للمغادرة بعدما اعتبرت السلطات أنّ أسلوبه التحريري "يتجاوز الحدود" المرسومة للنقاش في المجتمع السعودي، بحسب موقعه في الإنترنت. ثم تقرّب خاشقجي من الملياردير الأمير الوليد بن طلال، وأطلقا معاً في المنامة العام 2015 قناة "العرب" الإخبارية التي توقفت عن العمل بعد 24 ساعة فقط إثر بثها مقابلة مع شخصية معارضة.

حصار شامل
وترك خاشقجي السعودية في أيلول/سبتمبر 2017 بعد أشهر من تولّي الأمير محمد بن سلمان منصب ولي العهد. وحينها أوقفته جريدة "الحياة" اليومية المملوكة من الأمير السعودي خالد بن سلطان آل سعود، عن الكتابة فيها، بعدما دافع في مقال عن جماعة الإخوان المسلمين.

وذكر الصحافي الراحل في تلك الفترة أنّ السلطات منعته كذلك من استخدام حسابه الخاص في "تويتر"، بعدما قال أنّ على المملكة أن تخشى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وغادر خاشقجي المملكة في خضمّ موجة اعتقالات شملت مثقفين ودعاة إسلاميين وأمراء، بينهم الوليد بن طلال الذي أوقف مع آخرين على خلفيّة تُهم تتعلّق بالفساد، وفقاً للسلطات. وعبّر خاشقجي عن معارضته لمقاطعة قطر من السعودية وحلفائها، وانتقد الحرب في اليمن التي أشرف عليها الأمير محمد بن سلمان، وزير الدفاع.

وكان خاشقجي قد قام بزيارته المشؤومة للقنصلية في اسطنبول بهدف الحصول على الأوراق اللازمة لإتمام زواجه من خطيبته التركية خديجة جنكيز.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها