الإثنين 2021/10/25

آخر تحديث: 16:47 (بيروت)

نصف ما يُكتب عنها كذب..تركيا مستنفرة ضد الأخبار المضللة

الإثنين 2021/10/25
نصف ما يُكتب عنها كذب..تركيا مستنفرة ضد الأخبار المضللة
increase حجم الخط decrease
لا يمكن وصف الرقم الذي اُعلن هذه السنة حول نسبة المعلومات الإعلامية المغلوطة والمضلِلة حول تركيا، بأنه صادم. هذا وصف ملطَّف للواقع، ولكمية تلك المعلومات التي تذكر تركيا في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعية حول العالم، وفي داخلها.
49 في المئة هي نسبة تلك المعلومات المغلوطة المتعلقة بتركيا، مقابل 31 في المئة بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية مثلاً. هي نسبة مرتفعة جداً، وتفيد بأن ما يُقارب نصف ما يُكتب ويُقال عن تركيا، هو معلومات غير صحيحة أو دقيقة، وذلك بحسب تقرير صادر عن معهد "رويترز" في جامعة أكسفورد للدراسات الصحافية.

أمام هذا الواقع، تسعى الحكومة التركية إلى التخفيف من هذه النسبة أو على الأقل من آثارها، خصوصاً أن معظم ما يُكتب ويُنشر من معلومات مغلوطة يتعلق بأعمالها وسياساتها وكلام مسؤوليها. لذلك، أنشأت في بداية هذا العام تطبيقاً إلكترونياً (Dogru Mu) يسعى للتحقق من المعلومات التي تصدر في وسائل إعلامية غربية ومحلية، ويقدِّم المعلومات بشكل محايد وموثق بالأرقام والمراجع. 

لا يكفي هذا الأمر بطبيعة الحال، إذ أنه لا يمكن لهكذا تطبيق بسيط مكافحة كل المعلومات المغلوطة التي تُنشر في كافة وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي. فيما يرى رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، فخر الدين ألتون، أن "أفضل طريقة لمكافحة الكذب والمعلومات المضللة هي قول الحقيقة، والتأكد من أن يتبنى الجميع، بمن فيهم الأحزاب السياسية والمجتمع المدني، موقفاً ملموساً ضد نشر المعلومات المغلوطة".

جاء حديث ألتون بعد صدور تقرير في صحف بريطانية حول "إقامة بعض الدول مخيمات للاجئين الأفغان" إثر سيطرة حركة طالبان على السلطة في أفغانسان، من دون أن يوضح التقرير أي معلومات إضافية. فيما عمدت الأحزاب التركية المعارضة، مع وسائلها الإعلامية ومؤيديها في الشبكات الاجتماعية، إلى نشر أخبار "مؤكدة" بأن المعنيّ بهذا الأمر هو بلادهم، لتعود وتعتذر عن ذلك بعد أيام، عندما ردت الحكومة التركية بحزم حول هذا الإدعاء.

بحسب دراسة لإحدى شركات الإحصاءات التركية، فإن 61.6 بالمئة من الأتراك يُعبّرون عن قلقهم بشأن صحة المعلومات التي يقرأونها في الإنترنت، وهو الأمر الذي يفيد بقدرة نقدية لدى الأتراك من رواد مواقع التواصل أو مستخدمي الإنترنت بشكل عام. ويعود هذا الأمر لعوامل وأسباب عديدة، منها، بشكل أساسي، عمل الحكومة وبعض قطاعات المجتمع المدني ومنظماته على إنشاء مواقع وإقامة ندوات وورش عمل حول التأكد والتحقق من المعلومة ومكافحة الكذب والدعاية السيئة... 

بالإضافة إلى ذلك، فإن ردود أفعال السلطات التركية الحازمة جداً تجاه الأخبار المغلوطة، ومبادرتها لإصدار البيانات النافية والشاجبة واللقاءات الإعلامية المكثفة، ساهمت في دفع الأتراك إلى مزيد من التدقيق في ما يرونه في وسائل التواصل، كما الشك في كثير من الأخبار التي يسمعونها أو يقرأونها. وتُضاف ذلك الى الخلافات القانونية والإعلامية بين الحكومة التركية وموقع "تويتر" و"يوتيوب" وغيرها، والتي ساهمت، بشكل ما، في التقليل من مصداقية هذه الأخيرة، أقله عند مؤيدي الحكومة التركية. كما ملاحقة بعض الأتراك من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعية بدعاوى قانونية في حال بث كلام تحريضي أو إدعاءات مغلوطة تمس بالأمن القومي التركي أو رموز البلاد. 
 
ويعد التدخل الحكومي التركي الكثيف في الفترة الأخيرة وميله لإضفاء بُعد تنظيمي لشؤون الإعلام، له بعض الإيجابيات، وذلك شرط بقائه ضمن حدود احترام حرية الإعلام وحرية التعبير، وعدم تخطيه لهذه الحدود، فيصبح ذا نزعة قمعية. وتِبعاً لممارسات الحكم التركي في الفترة الحالية، من المؤكد أنه يتبع سياسة توازن بدقة بين حرية الإعلام والتعبير المضبوط من جهة، وحماية أمن البلاد والسعي إلى التخلص من تأثير المعلومات المغلوطة على العامة من جهة أخرى، وهي سياسة قد تفقد توازنها بسهولة عندما تريد السلطة ذلك.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها