الإثنين 2021/10/18

آخر تحديث: 20:17 (بيروت)

لبنانيو فرنسا تجمعهم منصتان للتظاهر الافتراضي

الإثنين 2021/10/18
لبنانيو فرنسا تجمعهم منصتان للتظاهر الافتراضي
increase حجم الخط decrease
مجريات الأحداث الداخلية، منذ انطلاقة شرارة 17 تشرين، كانت المعيار المحدد لشكل تحركات المغتربين في فرنسا، وفق دينامية تحددها وسائل التواصل الاجتماعي، وتبلور عناوينها، بدءاً من الدعوات إلى التظاهر وفق عناوين سياسية، تلتها في وقت لاحق، وكنتيجة للتدهور الاقتصادي، عملية تنظيم المساعدات الاجتماعية. أما دخول الدبلوماسية الفرنسية بقوة على خط الأزمة، عقب انفجار المرفأ، فقد دفع باتجاه إطلاق مبادرات بغية تشكيل مجموعات ضغط.  

ما يتم تداوله ضمن مجموعتي "لبنانيون في فرنسا" و"لبنانيون في باريس" في فايسبوك، ليس مجرد دليل على مدى ارتباط الجالية اللبنانية بوطنها، بل أشبه ما تكون بمرآة تعكس هواجس المغتربين. تُلاحظ منذ أشهر هيمنة للمنشورات ذات الطابع الاجتماعي/الإنساني على حساب النقاشات السياسية التي كانت طاغية قبل عامين في صفحات اللبنانيين المقيمين في فرنسا.  

إلى جانب المنشورات المتعلقة بالتحديات التي تعترضهم في حياتهم الاغترابية (السكن، التدريب الجامعي، المعاملات الإدارية...) يتضح أن كماً كبيراً من المنشورات الخاصة بعوائلهم تُبث في المجموعات. يتمحور السواد الأعظم من تلك المنشورات حول ارسال الأدوية غير المتوافرة في السوق اللبنانية. رويداً رويداً، تحولت هذه الصفحات إلى مساحة للتواصل مع المتوجهين إلى مطار بيروت لإرسال ما أمكن من أدوية إلى ذويهم أو حتى للاستفسار عن شروط حيازة حقائب مليئة بالأدوية

على خط مواز وبسبب تردي الظروف المعيشية، بات مألوفاً العثور على منشورات غايتها الاستفسار عن اجراءات لمّ الشمل في فرنسا. أما الملفت، فكان لجوء عدد غير قليل من اللبنانيين، غير المغتربين، إلى تلك المنصات لعرض سيرهم الذاتية بغرض الهجرة، لعل أحداً يقرأها ويساعدهم في مغادرة لبنان.

انطلاقاً من هذا الارتباط بين الاغتراب والوطن، أرادت المجموعات والأحزاب اللبنانية الناشطة في باريس إحياء الذكرى الثانية لثورة 17 تشرين على نحو مغاير. 

عوضاً عن التظاهرات والتجمعات، نظمت ثماني جهات (عدالة ومساواة لأجل لبنان "ع.م.ل"، لحقي، بيروت مدينتي، نحو الوطن، الكتلة الوطنية، مغتربين مجتمعين، مواطنون ومواطنات في دولة، وعدل) حلقة حوار ونقاش في مكان عام يوم الأحد الفائت

في حديث مع "المدن"، يشير أحد الناشطين إلى الانتقادات الموجهة للمجموعات والأحزاب اللبنانية المعارضة في باريس على خلفية افتقادها لمشروع بديل. من ناحية أخرى فرضت جائحة "كورونا" تقييداً للأنشطة لشهور طويلة، ما ولّد حالة من "الخمول". 

وعليه، كانت الغاية الرئيسية من تنظيم حلقة الحوار هذه، تكريس الخطاب السياسي في أوساط الجالية اللبنانية. هي محاولة للدفع باتجاه التفاعل مع المشهد اللبناني على نحو يتعدى مسألة توفير المساعدات، وفقاً لما أوضحه الناشط لـ"المدن". يأتي ذلك مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية والجدل المفتوح حول استحداث ستة مقاعد للمغتربين، وهي مسألة أتى نص الدعوة على ذكرها.

غالبية الأسئلة والمداخلات تمحورت حول الاستحقاق النيابي المقبل، لا سيما أهمية مشاركة المغتربين، إلى جانب مسار المعركة الانتخابية المرتقبة على مستوى عقد التحالفات وإمكانية تشكيل لوائح موحدة تجمع معارضي السلطة بشتى أطيافهم. 

ولم يغب ملف التحقيق في انفجار المرفأ، عن النقاش، فاعتبر البعض أن دعم القاضي بيطار ومساندة أهالي الضحايا قضية تفوق بأهميتها الانتخابات النيابية. كما تم تناول مواضيع متفرقة كمساهمة وسائل التواصل الاجتماعي في تشكيل وعي الجيل الشاب والواقع الاقتصادي. 
 
في هذا الصدد يمكن تسجيل جملة من الملاحظات: بداية، اتضح وجود تنوع في الطروحات بين المجموعات والأحزاب المشاركة في النشاط. ظهر ذلك عبر توفير إجابات لأسئلة عديدة، وفي بعض الأحيان تحولت الردود إلى نقاش غير مباشر بين الداعين للنشاط. يشير ذلك إلى امتناع المجموعات والأحزاب المشاركة عن فرض خطاب موحد، بل تركت لممثلي الأحزاب والمجموعات كامل الحرية للتناوب على الكلام. 

التنوّع مردّه أولاً إلى الخلفية السياسية لكل مجموعة/حزب، كما يمكن إحالة الأمر إلى موقف/قرار كل مجموعة/حزب من قضية المشاركة في الاستحقاق النيابي المقبل. أخيراً، دلت أسئلة بعض الحاضرين على تأثر واضح بالحياة السياسية الفرنسية وبالقوانين التي ترعى الاستحقاقات الداخلية الفرنسية، لا سيما خلال الحديث عن الإنفاق الانتخابي.   

الحضور كان متواضعاً نسبياً بسبب الفاصل الزمني الضيق بين تاريخ الدعوة وتنظيم النشاط. إلا أن مسار النقاش دل إلى وجود رغبة لدى أعداد من المغتربين للمشاركة الفعلية في العملية السياسية وعدم الاكتفاء بصفوف المتفرجين، ما ولّد حافزاً لدى بعض الناشطين لتنظيم أنشطة مشابهة وموسعة، كما قالوا لـ"المدن". 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها