الإثنين 2021/01/25

آخر تحديث: 19:33 (بيروت)

إسرائيل تحتوي نقمة عناصر "لحد" بنصب تذكاري.. والهدف انتخابي

الإثنين 2021/01/25
إسرائيل تحتوي نقمة عناصر "لحد" بنصب تذكاري.. والهدف انتخابي
تسعى لدرء تهمة "استغلال" اسرائيل لعملائها ثم التضحية بهم (غيتي)
increase حجم الخط decrease
"قيادة الجيش تعتزم تخصيص نصب تذكاري على شرف جنود جيش لبنان الجنوبي".. بهذا العنوان العريض خرجت صحيفة "اسرائيل اليوم" المقربة من بنيامين نتنياهو تخاطب فيه عناصر ميليشيا "لحد" الهاربين برفقة عائلاتهم إلى دولة الاحتلال.

وتحاول اسرائيل احتواء النقمة التي تصاعدت من قبل افراد الميليشيا اللبنانية/ ضد قوات الاحتلال، بعدما عبّر كثيرون منهم عن أزمة ثقة في القوات الاسرائيلية، واصفين تل أبيب بأنها ناكرة للجميل. ويقام النصب بعد 21 عاماً على انسحاب الميليشيا، وكانوا قد طالبوا خلال تلك السنوات بشكل متكرر بتكريمهم. ومن المقرر الانتهاء من النصب التذكاري في غضون شهرين بتكلفة مليونين و400 ألف شيكل (حوالى 730 ألف دولار) من وزارة الجيش وتمويل "الصندوق القومي اليهودي"؛ كبادرة لـ"إحياء مساهمة جنود لحد في أمن إسرائيل". وسيكون النصب بمثابة موقع تراثي لجيش جنوب لبنان السابق، الذي تم حله عندما انسحبت القوات الإسرائيلية من المنطقة في مايو/أيار 2000.

ويُقام النصب لجنود جيش لحد الذين قتلوا في السابق على قمة جبل في منطقة مرجعيون اللبنانية مقابل قلعة الشقيف قبل انسحاب الجيش الإسرائيلي، وبعد يومين من ذلك الانسحاب فجّر مقاتلو "حزب الله" الموقع، بحسب "إسرائيل اليوم". الصحيفة اليمينية ذكرت انها ليست "الهدية" الوحيدة؛ إذ تعمل وزارتا المالية والجيش ومكتب رئيس الوزراء في إسرائيل أيضاً على حزمة مساعدة لنحو 400 مقاتل سابق في جيش لحد ويقيمون في إسرائيل ويواجهون أزمة سكن بذريعة "تمكينهم من عيش حياتهم في إسرائيل بكرامة"، على حد تعبيرها.

"الخطوة الأولى على طريق تصحيح ظلم تاريخي دام 21 عاماً".. هذه الجملة التي ادلى بها مسؤول بوزارة جيش الاحتلال لـ"إسرائيل اليوم" تُخفي وراءها شعور تل ابيب انكشاف وجهها الانتهازي نتيجة استخدامها للعملاء ثم رميهم بلا أي قيمة. ولهذا، حاولت تغطية هذه الحقيقة عبر الزعم أنها أرادت "تصحيح الظلم". وبالنظر إلى توقيت الخطوة الإسرائيلية، فإن خلفيتها تتعدى مسألة "ردّ الجميل ومكافأة الصديق". إذ لا يُمكن إغماض العين عن أسباب سياسية ودعائية في عمقها ترمي إلى نزع صفة الانتهازية عن دولة الاحتلال رغبةً في تشجيع عرب آخرين على التعاون والتعامل معها تحت مبررات مختلفة.. فراحت  إسرائيل ولو شكلياً إلى مسعى لدرء تهمة "استغلال" اسرائيل لعملائها ثم التضحية بهم كلّما أتمّوا المهمة في مساعدتها على تسويق وتنفيذ مخططاتها في المنطقة العربية.

وما دامت صحيفة "إسرائيل اليوم" هي مَن توكّلت نشر النبأ، لا ينفي هذا أن بنيامين نتنياهو يود توظيف "تكريم لحد" لغايات انتخابية، ولو أدى ذلك لحصد مجرد عشرات او مئات الأصوات لصالحه في الانتخابات المرتقبة في آذار/مارس.. لا سيما وأنه يحاول جاهداً الآن اصطياد اصوات عربية، وسط معركة حامية الوطيس بين اليمين وأقصاه. وحاول مايكل بيتون، الذي يشغل منصب نائب الوزير للشؤون المدنية والاجتماعية في وزارة الجيش الاسرائيلي، أن يُصدّق دعاية إسرائيل المرجوّة من هذه الخطوة بزعمه: "لسنوات عديدة، قاتلت قوات جيش لبنان الجنوبي جنبًا إلى جنب مع الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان للدفاع عن سكان الشمال"، مضيفاً ان إسرائيل "تدين لهم بدين أخلاقي كبير.. وأنا سعيد لأننا في وزارة الدفاع تشرفنا بعمل هذا التصحيح العادل والتاريخي".

ورصدت "المدن" ردود قوات لحد وعائلاتها الهاربة إزاء "التكريم الإسرائيلي" المزعوم.. فقد عبّر يوسف فارس، وهو ضابط مدفعية سابق ومنسق مع إسرائيل في جيش حداد المتفكك، في حديث لصحيفة "هآرتس"، عن شعوره بـ"الارتياح لهذا القرار الذي تمت المماطلة فيه لسنوات". ونقلت عنه قوله: "نحن أعطينا الكثير لدولة اسرائيل ولم تكن حياتنا سهلة الى حد الآن ونحن ننظر من مستوطنة شلومي مكان اقامتنا على الحدود المقابلة لبلدنا المطلة في الجانب اللبناني ونتوجع لأننا لا نستطيع الوصول الى هناك".

أما زوجته مارلين، فانتهزت الفرصة للحديث عن عنصرية المستوطنين اتجاههم، حيث قالت: "في إحدى المرات تكلمت مع ابني في بركة مستوطنة شلومي بالعربية، وفوجئت بأحد المتواجدين اليهود يصفعني ويقول لي: عودي الى لبنان عند حزب الله وتكلمي العربية هناك. اضطررت ان اغير نهج حياتي بأن أعمل على أن أكون إسرائيلية أكثر من لبنانية".

وبدا الضابط في جيش لحد المفكك، فؤاد الياس، في منشوره بالسوشال ميديا، أقل حماسة لـ"التكريم الإسرائيلي"، حيث كتب: "النصب منيح، لكن لازم نذكر الأحياء قبل الأموات حتى لا نقتلهم مرة اخرى". وأضاف أن تعويض اسرائيل المادي لهم هو أقل المطلوب بعدما خذلتهم في التعويض المعنوي.

والحال، اتسمت وتيرة معالجة صحافة إسرائيل لموضوع اللبنانيين الهاربين في السنة الماضية بالتذبذب، فتارة تخلو من اي تطرق لهم، ثم نجدها في حين آخر وقد ركزت على مظلوميتهم قبل كل انتخابات عامة او حينما تحين ذكرى الانسحاب الاسرائيلي من جنوب لبنان العام 2000. واللافت أن هذه الخطوة الاسرائيلية لصالح "جماعة لحد" الفارة إلى اسرائيل منذ سنوات طويلة، جاءت تزامناً مع تقرير بثته القناة الإسرائيلية الرسمية "كان" ليل الأحد، حول العاملين في سلاح الجو الإسرائيلي. وفي التقرير يتحدث جنود وضباط في سلاح الجوّ تولوا دكّ سكان لبنان وغزة بأطنان المتفجرات والصواريخ في حروب عديدة، قائلين: "انتظرنا 60 سنة ولم يصبح أي ضابط في سلاح الجو رئيس أركان، فضلاً عن ملاحقتنا في محاكم دولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها