لم يكن من قبيل الصدفة أن يعلن أمين عام "حزب الله" حسن نصرالله عن انطلاق الباخرة الايرانية المحملة بالمازوت إلى لبنان في يوم العاشر من محرم. هو اليوم الأكثر رمزية عند الشيعة، وفيه يحاكي الوجدان الشيعي بما يمثله هذه اليوم من حصار على الامام الحسين ومن محاولة لتركيعه بمنع المياه عنه، فأصبح استقدام الباخرة الإيرانية في ظروف يعتبرها الشيعة مشابهة، هو بمثابة الانتصار الذي حققه الحسين في كربلاء.
توجه جمهور "حزب الله" اليوم بالشكر إلى إيران، معتبراً أنه نصر جديد يُضاف إلى انتصارات الحزب، الذي يعمل على اختراق حصار أميركي مزعوم على لبنان، لا هدف له سوى إذلال الشعب اللبناني وتركيعه.
وعلى الرغم من أن الباخرة الإيرانية في حال تمكنت من الوصول إلى لبنان، فإنها ستحتاج إلى أسبوعين تقريباً، وعلى الرغم من أن لا شيء ملموساً حتى الآن بين أيدي جمهور الحزب، فإن النصر بالنسبة إلى هؤلاء قد تحقق بالفعل، في اليوم الذي حوصر فيه الحسين وعطش وقُتل، منع حزب الله وإيران عن الشيعة المصير نفسه.
"وعد صادق" آخر يكاد يتحقق بالنسبة لجمهور الحزب، لا يختلف من حيث الحجم والأهمية عن انتصار حرب تموز كما تدل تغريداتهم ومواقفهم. "حرب الحصار والتجويع أشد وطأة من الحرب العسكرية"، كما يقول هؤلاء، لكن هل تحل البواخر الإيرانية الأزمة؟ أم أنها ستكون مدخلاً إلى أزمات أخرى مرتبطة بالعقوبات الأميركية المحتملة على لبنان كما يلمح البعض؟
وهل ستكون السفينة الإيرانية الآتية هي فقط شحنة استعراضية أم أن رحلات النفط الإيرانية إلى لبنان ستأتي تباعاً وبانتظام لتسد حاجة السوق اللبناني إلى المحروقات وبالتالي يفرض حزب الله نفسه كمستورد للنفط وعضواً في كارتيلاته؟ ثم كيف ستوزع هذه المحروقات وأين وعلى أي سعر ومن المستفيد الأول منها؟
أمور كثيرة لا زالت غامضة. ومع أن الجميع يدرك جيداً سبب أزمة المحروقات وهي الشح في العملة الأجنبية والحلول تبدأ من رفع الدعم عن المحروقات ومن ثم تأمين الأموال اللازمة لاستيراد ما يحتاجه اللبنانيون حقاً، إلا أن حزب الله فضّل، لأسباب غير معروفة، الذهاب إلى المواجهة، مع الغرب ومع أطراف لبنانية أخرى، وربما تكون هذه إرادة إيرانية ضمن إدارة المعركة مع الولايات المتحدة على مستوى المحور كله، يصبح عندها لبنان جزءًا من السفينة الإيرانية وليس العكس، عسى أن لا تزيد الباخرة الأمور تعقيداً.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها