الثلاثاء 2020/09/29

آخر تحديث: 20:10 (بيروت)

"نوعام الإسرائيلية" يغضبها التطبيع العربي: "نتنياهو وسخ"

الثلاثاء 2020/09/29
"نوعام الإسرائيلية" يغضبها التطبيع العربي: "نتنياهو وسخ"
قالت لجمهور من المقدسيين: "لا تقلقوا.. أنا هنا لـ7 دقائق وليس لـ70 سنة"
increase حجم الخط decrease
"إحنا هون بنحبش نشوف وجه نتنياهو وبنعمل تظاهرات ضده، وانتو ليش تعملو تطبيع معه؟!، هو بني آدم وسخ، بدليل الغسيل الوسخ اللي أخذه إلى واشنطن عشان يغسله!"

هذه الجملة تلخص رسالة الإسرائيلية، نوعام شستر، في فيديو مدته 59 ثانية تتكلم فيه بالعربية ونشرته في صفحتها الفايسبوكية، منتقدةً تطبيع الإمارات والبحرين مع إسرائيل.



الفيديو الذي حظي بمشاهدات عالية في "تويتر" و"فايسبوك"، هو لفنانة "الستاند أب كوميدي" الإسرائيلية نوعام شستر، ولاقى مشاركة واسعة في السوشيال ميديا من فلسطينيين وعرب ضد التطبيع.

لعلّ تفاعل الفلسطينيين تحديداً مع فيديو نوعام، بدا فرصة لهم كي يستعينوا به لانتقاد التطبيع العربي والتعبير عن الغضب منه ليس بألسنتهم هُم، بل بلسان يهودية إسرائيلية هذه المرة، ما دام هناك عربٌ قد أغلقوا آذانهم ورفضوا سماع أي شيء من فم فلسطيني تتم شيطنته علّهم يسوّقون التطبيع بذلك.

نوعام البالغة (32 عاماً)، عرّفت عن نفسها كيهودية من أصل ايراني، وتقول إنها كانت ناشطة سياسية "جدّية"، ولمّا أدركت عدم جدوى الحديث في السياسة بالقالب الجدي فقط، لجأت منذ ثلاث سنوات إلى فن "ستاند أب كوميدي" لتقول ما في قلبها وتنتقد أي شيء على طريقتها الساخرة الهادفة.. فنجحت وحظيت بجماهيرية كبيرة، حتى أنها حصلت على جائزة أفضل ممثلة كوميدية يهودية في بريطانيا العام 2018.

لم تظهر نوعام أمام الجمهور اليهودي فحسب، بل خرجت أمام حضور فلسطيني في القدس الشرقية ذات مرة، بدعوة من الفنان الفلسطيني الكوميدي عامر زاهر (مقيم في أميركا) والذي قدمها للمقدسيين قائلاً: "لأول مرة تظهر معنا فنانة يهودية أخت".. وحينما رأت نوعام أن الأجواء مشحونة ومتوترة بسبب وجودها، بدأت بجملة: "لا تقلقوا... أنا هنا لـ7 دقائق وليس لـ70 سنة (في إشارة ساخرة إلى عمر دولة الاحتلال)".

وبمنظور اليمين الإسرائيلي، فإن نوعام يسارية "متطرفة"، وتبدو فلسطينية أكثر من العرب في مواقفها الداعمة للحق الفلسطيني وقد أيدت اللائحة العربية "المشتركة" في انتخابات الكنيست.. وقالت في لقاء معها عبر تلفزيون "مكان" العبري في وقت سابق: "ما بين نوعم اليهودية ونعمة العربية قررت ألا أقرر!".

أثناء سير نوعام في شوارع القدس المحتلة، حيث ولدت، دار حديث بينها وبين وشاب فلسطيني من القدس، فسألها عن سرّ لغتها العربية الجيدة، فردّت عليه بطريقة ضاحكة ضاربة على وتر "نظرية المؤامرة" احتياطاً في حال كانت الدافع من طرح السؤال عليها: "انا مخابرات".. ثم ضحكت، وقالت: "لا، انا كبرت هنا بين الفلسطينيين وتعلمت منهم العربية بلكنتهم بشكل جيد".

ونرى نوعام وقد انتقدت التطبيع العربي بأسلوب آخر أيضاً، وذلك عبر أغنية تستهزئ بها من المُطبّعين العرب على طريقة الفنانة اللبنانية نانسي عجرم في أغنيتها الشهيرة للاطفال "شاطر شاطر"، فتغني نوعام: "يلي بيسمع كلمة بيبي (نتنياهو)..".

كما كان لها حضور في برنامج على القناة الإسرائيلية I24 تقدمه مذيعة من القناة، فيما تؤدي نوعام دور الساخر الهادف في إجابتها على أسئلة المذيعة التي تحاورها.. وسخرت في إحدى الحلقات من المدوّن السعودي محمد سعود، المعروف بدعمه التطبيع مع إسرائيل، واستهزأت من زيارته إلى المسجد الأقصى، قائلة "إنه جاء إلى الأقصى من أجل الدعاء حتى ينجح في عمل صداقات مع البنات اليهوديات".

لكنّ نوعام لم تعد تشارك في هذا البرنامج على الفضائية الإسرائيلية، لأنها انتقلت للعيش في الولايات المتحدة، كما يقول الإعلامي الفلسطيني المقيم في أراضي 48 عمر ربيع لـ"المدن". 

والواقع، ان نوعام أو "نعمة" (كما تسمي نفسها أحياناً) تُمثّل الردّ على بعض الفئات الشعبية العربية او تلك المحسوبة على السلطات، والتي انخرطت في صياغة رواية جديدة قائمة على تشويه بحق الفلسطينيين وماهية الواقع الجيو-سياسي المفروض عليهم، وذلك من خلال بث جمل منافية للحقيقة من قبيل: "الفلسطينيون هُم رفضوا السلام وضيعوا الفرص.. عليهم التخلي عن طريقتهم التقليدية المملة في الصراع الذي أوجع رؤوسنا وأضرنا أكثر مما أفادنا".

هذه الدعاية المشوّهة لصورة الحق الفلسطيني، تنبَّه إليه الباحث السياسي الأردني منذر حوارات، فأعلى صوته في حديث لإذاعة "راية" الفلسطينية، مخاطباً الفلسطينيين جميعاً بضرورة ابتداع طريقة جديدة لتقديم رواية تخاطب العرب وترد على محاولات البعض منهم "شيطنة الفلسطينيين" لتبرير التطبيع الآخذ في التصاعد مع الدولة العبرية. وذلك عبر سردية بطريقة "إبداعية"- على حد تعبير حوارات- تتحدث عن خلفيات ومقدمات الصراع وحتى يومنا هذا.

الحال، أن هناك إعلاميين إسرائيليين لاحظوا هم أيضاً الدعاية التي تبثها وسائل إعلام تابعة لدول عربية وتنسجم مع شعور بعض العرب بعقدة النقص، فيتبنون اعتقاداً مفاده أن "إسرائيل مثالية" بينما الفلسطينيون والعرب دون ذلك. ورصدت "المدن" أقلاماً إسرائيلية تحلل أبعاد مضامين الدعاية القادمة من بعض الدول العربية التي قررت التطبيع الآن او لاحقاً، فراحت- ولو ضمناً- إلى جلد الفلسطينيين وإنصاف إسرائيل.

ولعلّ إرهاصات شيطنة الفلسطينيين وجلدهم وتسطيح قضيتهم من بعض العرب، بدأت قبل موجة التطبيع العلنية الأخيرة، وذلك عندما تكرّست في السنوات الاخيرة تعبيرات ومصطلحات طارئة مهدت لهذه المرحلة التطبيعية الجديدة، مثل: "مشكلة الفلسطينيين.. لا القضية الفلسطينية"، مروراً باستخدام تعبير إسرائيل كدولة، والفلسطينيين كما لو أنهم مجرد سكان طارئين متناثرين هنا وهناك.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها