"الأوقاف" السورية تحظر إعلاناً لشركة أسدية: إيحاءاته جنسية

وعادت القضية للبروز في مواقع التواصل، بعد حديث صفحات سورية في "فايسبوك" عن إزالة إعلانات طرقية لشركة عصير محلية تدعى "فيوز داي" من الشوارع، بأوامر مباشرة من وزارة الأوقاف، التي أكدت مصادر سورية لـ"المدن" أنها أتت بعد تواصل مكتب الوزارة شخصياً مع مع مجلس الوزراء ووزارة التربية ووزارة الإعلام ووزارة الداخلية لإزالتها لاحتوائها على إيحاءات جنسية تتنافى مع قيم المجتمع.

وبحسب المعلومات أيدت وزارة التربية موقف وزارة الأوقاف بهذا الخصوص، بينما تماشت وزارتا الإعلام والداخلية مع الموقف من دون تأييد أو رفض له. وعليه فرضت غرامة مالية على الشركة وأُمهلت 24 ساعة لإزالة اللوحات وطباعة لوحات جديدة، وتطوير حملة جديدة حتى الخميس المقبل.

ولا يمكن فهم الإيحاءات التي تتحدث عنها الوزارة، لأن الصور المتداولة للإعلانات في مواقع التواصل لا تتضمن سوى صور للمنتج المذكور لا أكثر. ويبدو أن الموضوع متعلق بالفساد المتواجد في البلاد حالياً، والصراعات الموجودة بين القوى الاقتصادية الناشئة بعد الحرب، مع تحول مؤسسات النظام إلى واجهات تمثل مصالح تلك القوى، لا أكثر، ومن ضمنها شركات الإعلان.

وإن كان هذا النقاش بعيداً من مواقع التواصل، في ظل الخوف من الملاحقات الأمنية، فإن الحديث مستمر عن تحول البلاد بفضل وزارة الأوقاف إلى "قندهار" جديدة"، ولا يعتبر ذلك مفاجئاً عطفاً على تاريخ الوزارة. ففي العام 2018 رفضت قناة "الإخبارية السورية" الرسمية إجراء لقاء مع رئيسة جمعية "أرسم حلمي" الفنية هيام سلمان، الأحد، بسبب لون شعرها المائل للزُّرقة. ولم يكن ذلك قراراً شخصياً من قبل المذيعة سلمى عودة حينها، بل أتى بعد مشاورات مع إدارة القناة، وتحديداً مديرها محمد مصة الذي أعطى أوامره بالإلغاء، منعاً لإغضاب وزارة الأوقاف على ما يبدو.

وتتضافر جهود وزارة الإعلام ووزارة الأوقاف معاً في حرصهما على المظاهر المجتمعية "اللائقة" وتكريس مفاهيم الحياة "النبيلة" دينياً ومجتمعياً، في معرض تقديمها للنظام على أنه محافظ على القيم العائلية والدينية "السمحة" في المجتمع السوري ونبذ العادات الغربية التي تشجع على الحرية الفردية.

والحال أن وزارة الإعلام تسيطر على سوق الإعلان في البلاد عبر "المؤسسة العربية للإعلان" التي تعطي الرخص للشركات الخاصة من أجل العمل. وأوقفت المؤسسة في أيلول/سبتمبر 2017، عمل شركة "المجموعة المتحدة للنشر والإعلان والتسويق" التي كانت تحتكر الاستثمار في مجال الإعلانات الطرقية، بعد انخفاض أرباحها بنسبة 77%، مقارنة مع أرباحها العام 2016. وفي مطلع العام الجاري برزت شركة جديدة هي شركة "إيلا" التابعة لشركة "إيما" للاتصالات التي تمتلكها أسماء الأسد، زوجة الرئيس السوري بشار الأسد، كمساهم أساسي في سوق الإعلانات المحلي.

ويجب القول أن نفوذ وزارة الأوقاف زاد بشكل واضح في البلاد بعد العام 2011، فبعد أشهر من انطلاقة الثورة السورية، استقبل رئيس النظام بشار الأسد وفداً من "كبار العلماء" ومنهم رجل الدين الراحل محمد سعيد رمضان البوطي، وتم حينها عقد صفقة بين الطرفين، بدعم رجال الدين للنظام بدلاً من الانحياز للثورة، في مقابل الحصول على امتيازات ومطالب، منها إغلاق كازينو دمشق الذي افتتح قبل الثورة بأشهر قليلة، بحجة أنه "نادٍ للقمار"، ثم افتتاح قناة فضائية دينية رسمية تحت اسم "نور الشام".

ومع "انتصار" النظام العسكري في الحرب السورية، بدأت طبيعة تلك الصفقة الغامضة التي تتحدث عنها مواقع سورية معارضة، تتضح تدريجياً، عبر سلسلة من القرارات. وأحدث مشروع القرار 16 للعام 2018 ردة فعل غاضبة بين الموالين للنظام الذين اتهموا "المسؤولين الفاسدين" بإعطاء صلاحيات لـ"دواعش الداخل" لحكم البلاد بدلاً من تطبيق العلمانية التي يصدقون أن النظام السوري يمثلها.