الجمعة 2020/09/25

آخر تحديث: 19:57 (بيروت)

"ميزان فرانس برس": هكذا يمكن التحقق من الأخبار الكاذبة

الجمعة 2020/09/25
"ميزان فرانس برس": هكذا يمكن التحقق من الأخبار الكاذبة
increase حجم الخط decrease
في خلال الأعوام الأخيرة، زاد الاهتمام بتقصي الأخبار والتحقق من المعلومات، وتم تأسيس مبادرات وإطلاق مشاريع عديدة لرصد الأخبار باللغة العربية والصور والفيديوهات والتأكد من صحتها، أبرزها "ميزان فرانس برس" التابع لوكالة "فرانس برس". حتى أن الكثير من الصحافيين باتوا يعيرون اهتماماً خاصاً للتحقق من الخبر قبل التسرع بنشره.


وبالتوازي مع تفشي جائحة كوفيد-19، ووقوع أحداث مأساوية حول العالم خلال النصف الأول من العام 2020، ازداد استخدام وسائل التواصل الإجتماعي لمتابعة الأحداث الطارئة، ومعه ارتفعت نسبة التضليل ونشر الأخبار الكاذبة.

وبحسب دراسة أجراها "المركز الدولي للصحافيين" حول استخدام التكنولوجيا في غرف الأخبار العالمية، تبين أن استخدام أدوات التحقق في وسائل التواصل الإجتماعي ارتفع بشكل ملحوظ، حيث يستخدم 25% من الصحافيين أدوات التحقق بشكل أسبوعي، مقابل 11% فقط العام 2017. كما أصبح ثلث المؤسسات الإخبارية يستعين بمدققين في الحقائق، وتتمثل أبرز الأدوات الرقمية التي يستخدمها الصحافيون للتحقق من المعلومات بتحليل البيانات، محركات البحث، إنشاء تصورات بيانية، وغيرها.

وبحسب الدليل الشامل للتحقق من الأخبار، توجد فئات عديدة للأنباء، أولها الأخبار المزيفة التي تبدو حقيقية للوهلة الأولى وتحتوي على صور وعناوين كالأخبار العادية، لكن من السهل التعرف عليها. وثانيها الأخبار المُضللة التي يعد التعرف عليها أصعب، لأنها تحتوي جزءاً حقيقياً من الخبر، لكنه مأخوذ من سياق معين، ومن دون هذا السياق يختلف المعنى.

أما الأخبار المتحيزة فهي نوع من الأخبار المُضللة التي تسعى لشرح وقائع أو أخبار حقيقية لكن بشكل متحيز. وتبرز العناوين المثيرة التي تستخدم لإثارة للدهشة أو الاستغراب، وتدفع المتابع للضغط عليها من أجل معرفة معلومات، قد تكون حقيقيةً أو كاذبة. أما السخرية فهي محاولة من بعض المواقع إعطاء الخبر صيغة كوميدية، من دون إخبار القارئ بذلك، ليقوم بنشر المعلومات ومشاركتها كأنها أخبار حقيقية.

وهنا، يتحمل الصحافيون مسؤولية التنبه إلى التضليل والتوضيح للرأي العام والمتابعين عن وجود تلاعب في فيديو، أو تعديل في صورة أو نشرها على أنها جديدة في سياق محدد، لكنها تكون قديمة، أو خبراً مضللاً ويحتوي معلومات كاذبة. ومن هنا تزيد أهمية البحث عن مصدر الخبر الأساسي، من هي الجهة التي نشرته وفي أي بلد، استخدام لقطات الشاشة للبحث عن مصدر فيديو ويمكن الإستعانة بخدمة "خرائط غوغل" و"غوغل إيرث" لتحديد المواقع والأماكن التي التقط فيها الفيديو، كما يمكن استخدام عدد من التطبيقات والأدوات لاكتشاف مصادر الصور.

وفيما نشأت منصات في العالم العربي للتحقق من الأخبار مثل "مسبار" و"تأكد" و"فالصو"، برزت خدمة "ميزان فرانس برس" لتقصي صحة الأخبار في وكالة "فرانس برس" باللغة العربية، ضمن مكتب بيروت. ويساهم مع الفريق الذي يعمل في التحقق من المعلومات والصور والفيديوهات، عدد من المراسلين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الذين يراسلون بدورهم الوكالة العالمية.

وأوضحت جويس حنا من فريق تقصي الأخبار في "فرانس برس" في حديث لـ"شبكة الصحافيين الدوليين" أن "فريقاً من الصحافيين في مكتب الوكالة الفرنسية في بيروت يعمل على تقصي الأخبار منذ إطلاق المشروع في شباط/فبراير 2019، بعدما أطلقت الوكالة مشروعاً مماثلاً في فرنسا العام 2017. وأشارت إلى أن الفريق خضع لتدريبات مكثفة حول طرق الإستقصاء والتدقيق بالمعلومات والتحقق من الأخبار.

وأضافت حنا: "نتحقق من الأخبار المضللة التي تنتشر باللغة العربية في أنحاء العالم"، مشيرة الى أن الخبرة في العمل الصحافي والمعلومات التي يمتلكها الصحافيون تساعدهم على اكتشاف علامات التضليل في خبر ما أو أن يلفت نظرهم عنصر ما مضخم في فيديو مثلاً، ما يدفعهم للتحقق من صحته، مثل حجم صاروخ في الفيديو.

وفيما تجري الوكالة تدريبات للصحافيين المهتمين بتعلم طرق تقصي الحقائق، أوضحت حنا أن فريق "ميزان فرانس برس" لا ينشر أي تقرير إلا بعد التأكد من كل الجوانب ويتحقق من المعلومات بنسبة 100%، وشددت على ضرورة البحث عن مصدر أي خبر للتحقق مما ورد فيه، مضيفة أنه ينبغي على الصحافيين الانتباه عند حصول أحداث كبيرة بأن معلومات كاذبة ستنتشر مثلما حدث في أعقاب الإنفجار الذي وقع في مرفأ بيروت. وعن أبرز المفردات التي يستخدمها المضللون عند نشر خبر كاذب، أوضحت أن كلمة "عاجل" باتت تُستخدم بشكل كبير.

وما يساعد "ميزان" كفريق، هو العمل في وكالة تمتلك مراسلين على الأرض في أنحاء العالم، وفي حال لم يتأكدوا من خبر ما من خلال الأدوات المتاحة، يمكنهم الإستعانة بالمراسلين المنتشرين جول العالم ليساعدوهم على التحقق. وحذرت حنا من أن مروجي الأخبار المضللة يسعون إلى التأثير بمشاعر الناس عبر الدين أو السياسة ويثيرون النعرات وتكون أهدافهم تحقيق المنفعة المالية أحياناً من خلال حصول الأخبار الكاذبة على مشاركات في السوشال ميديا.

ويقدم فريق تقصي صحة الأخبار في "فرانس برس" للجمهور 6 نصائح لعدم الوقوع في فخ الأخبار الكاذبة. أبرزها عدم مشاركة المنشورات المشكوك في صحتها، والحذر مما يجري تداوله في مواقع التواصل الإجتماعي لأن المروجين يحاولون اللعب على المشاعر بهدف التضليل أو التحريض أو مجرد كسب الأرباح المادية، ويرفقون منشوراتهم بتعليقات مثيرة.

ومن الجيد أيضاً النظر إلى تعليقات المستخدمين عند قراءة معلومة مثيرة للشك، ففي بعض الأحيان يكون أحدهم قد تحقق من صحة الخبر، ونشر في خانة التعليقات رابط الخبر الصحيح أو الأصلي. وفي بعض الأحيان تكون نظرة واحدة كفيلة بدحض المعلومة، فقد يدعي منشور ما عن حدث مضلل يجري في فصل الصيف، بينما يرتدي الأشخاص في الصورة أو الفيديو المرفقة بالخبر المعاطف. وبالتالي هنالك تفاصيل في المنشورات تدفع إلى التشكيك في صحتها.

ويمكن أيضاً نسخ النص الوارد في المنشورات المشكوك في صحتها، والبحث عنه في محركات البحث، وقد يحيل ذلك إلى نفي أو مصدر رسمي يحمل معلومات مختلفة. وغالباً ما يعمل مروجو الأخبار الكاذبة إلى إلصاق صورة مؤثرة، ويجب هنا عدم التردد في التقاط صورة من الشاشة والتفتيش عنها في محركات البحث مثل خدمة الصور في "غوغل".

إلى ذلك، ينصح فريق "فرانس برس" الصحافيين والناشطين بالتحقق من المصدر، باعتبار هذه القاعدة الذهبية في تقصي المعلومات، فغالباً ما يدعي مروجو الأخبار الكاذبة أن منشوراتهم مأخوذة من مصدر موثوق، لكن لكل وسيلة إعلامية صفحتها في الإنترنت، التي يمكن مراجعتها للتأكد من صحة الخبر. كما يجب التنبه من الأخبار الساخرة التي يتم تداولها في الإنترنت على أنها واقعية.


في السياق، يهتم فريق "فرانس برس" بإشراك الجمهور من خلال استقبال رسائل المتابعين الذين يريدون التحقق من مدى صحة خبر ما، وذلك عبر"فايسبوك" و"تويتر" أو من خلال البريد الإلكتروني. كما يمكن للصحافيين اللجوء إلى مصادر متعددة للتحقق من صحة المعلومات والمصادر على الإنترنت.

فمثلاً يوفر موقع "archive" إمكانية العثور على الصفحة الأصلية في حال كان الخبر الكاذب أو الفيديو محذوفاً. بينما يساعد موقع "Certificate Search" في الحصول على معلومات حول مالكي المواقع الالكترونية، أما موقع "Botometer" الذي ابتكرته جامعة "إنديانا" فيصنف الحسابات المزيفة والوهمية في "تويتر"، ويحدد تاريخ إنشاء الحسابات.

إلى ذلك، يوفر موقع "FactCheck.org" للمستخدمين طرح أسئلة حول صحة الأخبار السياسية، وبالتالي يقوم الفريق العامل في الموقع بتقصي الحقيقة وشرحها بشكل كامل لهم. أما موقع "Fake Bananas" فهو نموذج آلي يمكنه التعرف على المعلومات الخاطئة بدقة، بنسبة 82%، كما أنه يتحقق من المصادر ويعرض تلك الموثوقة. بينما يعمل موقع "Snopes" منذ العام 1994 على تصنيف المقالات والمنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي والصور ومقاطع الفيديو، والبحث عن مدى جديتها، وبدلاً من التصنيفات الحقيقية أو الخاطئة الشاملة، يستخدم الموقع فئات أكثر تحديداً، بما في ذلك "صحيح"، "خطأ"، "مختلط"، "عفا عليها الزمن"، "يساء توزيعها"، وغير ذلك، كما يعرض قائمة تظهر مواقع الأخبار المزيفة.

ويمكن للصحافيين الإطلاع على  "دليل خاص بالتحقق من صحة المحتوى الرقمي"الذي يورد طرق وأدوات التحقق الرقمية، التعرف على هوية الناشر،  طرق التحقق من الأماكن، وأدوات أخرى للتحقق من الصور.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها