الخميس 2020/09/10

آخر تحديث: 15:49 (بيروت)

حريق المرفأ.. الدولة العدوّة

الخميس 2020/09/10
حريق المرفأ.. الدولة العدوّة
increase حجم الخط decrease
فيما لا يزال اللبنانيون، وسكان العاصمة خصوصاً، يعانون الآثار المترتبة على انفجار المرفأ، النفسية منها والمعنوية، أصرت الدولة، بإهمالها وتقصيرها على إعادة تذكيرهم بها. 
لم يكد اللبنانيون يلملمون شتاتهم وذاكرتهم ليمسحوا جراحهم، حتى أعادتهم الدولة إلى النقطة الصفر. ويقول لبناني: "حرقتونا نفسيًّا ومعنويًّا.. ما في تبرير، في إهمال".


وبسبب الإهمال والتقصير الواضحين، وربما لأسباب أخرى قد تتكشف وقد لا تتكشف، اندلع حريق ضخم في المرفأ اليوم، أصاب سكان بيروت بالذعر.


وعلى الرغم من التطمينات التي صدرت عن الجيش وبعض الجهات الرسمية، إلا أن الجميع بدأ بإخلاء المناطق المحيطة بالمرفأ مخافة وقوع انفجار آخر يودي بحياتهم.
 

كانت التطمينات أن الحريق لن يؤدي إلى انفجار، لذلك لا داعي للقلق. مجرد دخان سيلوث سماء المدينة، ويتسلل الى رئات سكانها. مجرد حريق في مسرح جريمة قد يأتي على جزء من الأدلة، حريق سيجعل اللبنانيين يعيشون في قلق وخوف، لكنه لن ينفجر. وهو التطمين الذي جاء على لسان إحدى اللبنانيات التي سألت: "هل أغلق النافذة وينهار الزجاج عليّ، أم أفتحها فيتسلل الدخان الأسود الى رئتي؟"
والدولة، إثر تكرار الحوادث غير المفهومة، أصبحت العدو الأول لشعبها الذي لا يرى فيها سوى الشر. كل مواطن يعتبر أن هذه الدولة تستهدفه، في لقمة عيشه، وأمنه، وحياته، ولا مفر أمامه سوى الهرب.

أما الدولة فتتعامل باستخفاف تام، كأن انفجار 4 آب لم يحدث في لبنان، كأنه حدث عابر ليس على ما يسمى دولة، أن تتعلم منه، على الأقل وقف التسيب والاستخفاف بحياة الناس.

سيطر رعب الحريق اليوم على العاملين في المرفأ والسكان وعلى الناشطين في مواقع التواصل. انتشرت فيديوهات في منصات السوشيال ميديا لعمال يغادرون المرفأ بهلع. وعبّر الناشطون الذين ما زالوا يعانون تروما الانفجار عن اكتفائهم وقرفهم من هذه الدولة.
مهما كان سبب الحريق فإن الإهمال سمته الرئيسية، والغباء بطبيعة الحال. تواترت أنباء عن أن جهة ما قامت بحرق بعض المخلفات ثم امتد الحريق إلى عنبر يحتوي على إطارات وزيوت. 

لكن بالنسبة إلى الناس الذين يرون في هذه الدولة محوراً للشر والقتل والتآمر، بدا الموضوع أكبر من ذلك، إذ عبّر ناشطون عن خشيتهم من أن يكون الحريق هدفه التخلص من الأدلة في حين أن التحقيق في جريمة المرفأ لم ينتهِ بعد. وحتى انتهائه، فإن المرفأ يعتبر مسرح جريمة يجب عدم المسّ به.


وفي ظل زحمة الأسئلة، كانت قلوب اللبنانيين مع فوج الإطفاء الذي توجه إلى المرفأ للتعامل مع الحريق ومحاولة إخماده، هؤلاء الذين واجهوا الموت سابقاً، عادوا اليوم مجدداً وفي رؤوسهم تدور صور زملاء لهم قضوا لأن أحداً لم يخبرهم عن الخطر المحدق بهم. كذلك، يظهر أحد مقاطع الفيديو، صور زملائهم في فوج الاطفاء على الآليات الهارعة لإطفاء الحريق. هؤلاء ليس لهم سوى الله ودعاء أمهاتهم. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها