السبت 2020/08/08

آخر تحديث: 14:17 (بيروت)

زيارة ماكرون إلى "بيروت الفوضى": انقسام فرنسي

السبت 2020/08/08
زيارة ماكرون إلى "بيروت الفوضى": انقسام فرنسي
increase حجم الخط decrease
دفعت زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى بيروت، بالصحف الفرنسية إلى مقاربة مختلفة للتطورات الأخيرة في لبنان، في تغطية دلت على إلمام بتفاصيل الملف اللبناني حيث لم تتردد في الغوص بتفاصيله، ما يشير إلى تعطش القراء الفرنسيين لمتابعته، إلى جانب إدراك تلك الصحف أن عيون اللبنانيين ستكون مركزة عليها لاستشراف أي إشارة تتعلق بالحركة الديبلوماسية الفرنسية.


وتكهن الصحافيون الفرنسيون بالآمال التي عقدتها شريحة من الرأي العام اللبناني على زيارة ماكرون، كما التوجس الذي تملك شريحة أخرى من هذه الزيارة. وعليه يمكن القول بأن الصحف الفرنسية لم تكتف في ذاك النهار بالتوجه للقارئ الفرنسي، بل خاطبت أيضاً الشارع اللبناني.

وأول ما يمكن التوقف عنده هو تحول الحدث اللبناني إلى عنوان رئيسي بخلاف اليوم التالي للانفجار حين اكتفت غالبية الصحف بالتغطية من دون وضعه على صفحاتها الرئيسية.

"لو فيغارو" عنونت يوم الزيارة "انفجار في بيروت: غضب وعدم فهم لما جرى" فيما عنونت في اليوم الذي تلاها "ماكرون يدعو القادة اللبنانيين إلى اليقظة". عناوين تماهت مع ما صدر عن صحيفة "لوموند" خلال هذين اليومين. أما صحيفة "ليبراسيون" فعنونت يوم زيارة الرئيس الفرنسي "بيروت ... الفوضى".

الملفت في تغطية الصحف الفرنسية ليست هذه العناوين بقدر المواضيع التي تناولتها، والتي دلت على تقاطع في ما بينها لناحية الخط التحريري. فبداية، أشارت جميع الصحف إلى أن ماكرون حضر ليؤكد وقوفه إلى جانب الشعب اللبناني وليس قادته السياسيين. وهي رسالة للشارع اللبناني مفادها أن فرنسا لم تعد بوارد تعويم الحكم اللبناني كما في السابق. ويمكن اعتبارها أيضاً رسالة للقارئ الفرنسي للدلالة على حالة الشرخ بين اللبنانيين ودولتهم حتى غابت حالة الوحدة الوطنية التي تعرفها الدول في ظروف مشابهة.

الأمر الثاني الذي اشتركت الصحف الفرنسية في تناوله هو موقف ماكرون من المتحكمين بمفاصل الدولة. فصحيفة "Les Echos" عنونت أن ماكرون وبخ الطبقة السياسية اللبنانية غير آبه بالحساسيات الداخلية. أما صحيفتا "لوموند" و"20minutes" فأشارتا إلى أن الرئيس الفرنسي يسعى للوصول إلى "ميثاق لبناني جديد".

والحال أن ما صدر عن ماكرون في هذا الاطار أفضى إلى انقسام حاد ليس فقط بين اللبنانيين، بل أيضاً في الداخل الفرنسي. فتعددت الانتقادات من أقصى اليسار إلى اليمين المتطرف مروراً بالاشتراكيين: بين من اعتبر أن ماكرون يتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية محذراً الشعب اللبناني من الاصلاحات التي يسعى إلى فرضها عليهم، إلى من رأى أن لبنان في غنى عن هذا السائح، مروراً بمن تساءل على أي أساس يعتبر ماكرون نفسه منقذاً؟ 


ولا تعني هذه التغريدات أن اصحابها يعيبون على الرئيس الفرنسي مد يد العون إلى لبنان، بل يمكن قراءتها في سياق تسجيل النقاط الداخلية، خصوصاً أن الأحزاب الفرنسية باشرت الاستعداد للانتخابات الرئاسية المقبلة.

وردت الصحف الفرنسية بصورة غير مباشرة على هذه الاتهامات، فاستحضرت جميعها تاريخية العلاقات اللبنانية - الفرنسية، مذكرة بزيارات سابقة قام بها رؤساء فرنسيون إلى لبنان في ظروف مشابهة، للقول بأن هذه الزيارة تندرج في سياق طبيعي يحتم على فرنسا التواجد على الخطوط الأمامية.

وهنا، انفردت صحيفة "لوفيغارو" بالرد على العريضة التي وقعها لبنانيون للمطالبة بإعادة فرض انتداب فرنسي على بلدهم، فاعتبرت أن زمن الانتداب ولى إلى غير رجعة، مضيفةً أنه وفقاً للقانون الدولي يمكن وضع لبنان تحت الإدارة المؤقتة للأمم المتحدة على غرار تيمور الشرقية وكوسوفو، وهو قرار مرهون بتوازنات سياسية دولية، وفقاً للصحيفة الفرنسية.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها