الجمعة 2020/07/03

آخر تحديث: 18:09 (بيروت)

"فايسبوك" ينحني لإرادة المستبدين العرب

الجمعة 2020/07/03
"فايسبوك" ينحني لإرادة المستبدين العرب
يشعر الكثيرون أن فايسبوك لم تعد المنصة التي يمكنهم استخدامها لمحاسبة الأقوياء (غيتي)
increase حجم الخط decrease
في شهر حزيران/يونيو الماضي، عادت معارك السوريين المعارضين مع موقع "فايسبوك" إلى الواجهة، بعد إيقاف آلاف الحسابات التابعة لناشطين معارضين، وحذف العديد من المشاركات التي توثق جرائم النظام السوري بحق المدنيين في البلاد. وهو ما أعادت مجلة "إيكونوميست" البريطانية التذكير به، في تقرير مطول اتهمت فيه أكبر موقع للتواصل الاجتماعي في العالم بـ"الانحناء لإرادة المستبدين في المنطقة العربية".

وأشارت المجلة إلى تلقي الناشط المعارض سارية البيطار، من إدلب السورية، رسالة صادمة من إدارة "فايسبوك" جاء فيها: "تم تجميد حسابك بشكل دائم لأنك لم تتبع معايير مجتمع فايسبوك. للأسف لن نكون قادرين على إعادة تفعيله لأي سبب". وعلق على ذلك بالقول أن 14 عاماً من صور العائلة والذكريات ويومياته عن الحرب الأهلية السورية، إلى جانب 30 ألف متابع، تمت إزالتهم بجرة قلم، رغم أنه كان حذراً في منشوراته، حيث لم يصف قتلى المعارضة بالشهداء، ولم ينشر صوراً بشعة عن الجرائم.

وتدور توقعات بأن السبب وراء إسكاته هو اهتمامه بنجم كرة قدم سوري، قام بعد أشهر من الاحتجاجات بحمل السلاح، وقتل على يد نظام بشار الأسد. في إشارة إلى المعارض البارز عبد الباسط الساروت، الذي اقال ناشطون سوريون الشهر الماضي، أن اسمه بات واحداً من الكلمات التي يحظرها "فايسبوك"، من دون وجود تأكيد رسمي من طرف الشركة بذلك.

وعلقت المجلة بأنه "في منطقة يحكمها الديكتاتوريون تزعم شركة فايسبوك أنها تعطي حرية التعبير بأقصى مستوى ممكن، وهو ما منحها شعبية، فالمنصة لديها مستخدمون في دول الخليج أكثر من أي دولة في العالم، بالنسبة لعدد السكان، كما نسب إليها الفضل في انتفاضات الربيع العربي العام 2011. لكن الشركة ومنذ اكتتابها العام 2012 أصبحت أكثر حذراً مع الديكتاتوريين الذي يسمحون لها بالعمل، وأقل تسامحاً مع الناشطين، كما يقول النقاد".

والحال أن المنصة قامت في الأشهر القليلة الماضية، بعملية "إعدام" لمئات المستخدمين في تونس وإيران، وحذفت مئات الآلاف من المنشورات. وقالت مروة فطافطة من منظمة "أكسس ناو": "يشعر الكثيرون أن فايسبوك لم تعد المنصة التي يمكنهم استخدامها لمحاسبة الأقوياء". ويضاف هذا إلى التحديات الأخرى التي تواجهها الشركة، بعدما خسرت سلسلة من الشركات التي أوقفت دعايتها عبها، بسبب فشلها في وقف محتويات الكراهية.

وربما يكون الحجم جزءاً من المشكلة، فلدى "فايسبوك" 2.7 مليار مستخدم يكتبون بلغات مختلفة. ويتم فحص المنشورات والتأكد من خلوها من محتويات كراهية أو دعوات للتحريض. لكن الفريق المتخصص في التحكيم بالمحتويات ويبلغ قوامه 15 ألف شخص، يواجه صعوبات في متابعة ما ينشر. وهناك عدد كبير منهم لا يعرف اللغة العربية أو لهجاتها، ولهذا تعتمد الشركة على الفلترة الآلية التي عادة ما تخطئ. فهي بالعادة ما تفحص كلمات بعينها لكنها لا تفهم المحددات الثقافية والسخرية عند استخدامها.

ولا تقدم شركة "فايسبوك" أي مبرر لحذفها محتويات، كما أنها ملزمة بالقانون الأميركي، حيث تتعامل الولايات المتحدة مع عدد من اللاعبين في الشرق الأوسط كإرهابيين. وتحظر الحرس الثوري الإيراني وحزب الله في لبنان وحركة حماس وعدداً من المنظمات الإسلامية المسلحة. وعادة ما تسمح المراسلات الإعلامية لعدد من ممثلي هذه الحركة فرصة للظهور على الهواء، إلا أن "فايسبوك" لديها سياسة وتلتزم بتفسير متشدد للقانون ضد دعم ومساعدة الإرهاب. وتقوم بهذه الحالة بمنع الناس المتعاطفين مع هذه الجماعات، أو تحذف المحتويات التي تشير إليهم.

وحتى أعداء حزب الله يقومون بكتابة اسمه بطريقة تمنع "فايسبوك" من حذف منشوراتهم. وأصدرت الحكومات العربية قوانين ضد الجريمة الإلكترونية والإرهاب على الإنترنت، من أجل بث الخوف بين شركات التواصل الإجتماعي ومستخدميها. وتحاول الشركة الالتزام بالأوامر المحلية. وافتتحت مكتباً لها في دبي للتنسيق مع المسؤولين في المنطقة.

ونقلت المجلة عن مسؤول خليجي من دون الكشف عن هويته، أن "المنصات الرقمية تعمل جهدها للتعاون مع المنظمين وتجنب تداعيات خرق التنظيمات المحلية"، علماً أن الحكومات تقوم باستخدام وسائل أكثر مكراً مثل تهديدها بفرض الضريبة على موارد "فايسبوك" في البلد ودعاياتها. وتقوم بعض الأنظمة بتعبئة جيوش إلكترونية لغمر "فايسبوك" بمحتويات تهاجم الجماعات المعارضة.

وفي إسرائيل، توجد مجموعة رقابة اسمها "إكت.إل" لديها 15 ألف متطوع على الإنترنت من 73 دولة لمراقبة المنصة. ولهذا يقول النقاد، أن "فايسبوك" تقوم بمراقبة المحتوى الفلسطيني بقوة أكثر من المحتوى الإسرائيلي.

وفي محاولة لاستعادة ثقة المستخدم، قامت الشركة بحذف مئات الحسابات المزيفة التي تدعم السعودية وإيران ومصر. وأعلنت في أيار/مايو الماضي عن مجلس رقابة سيعمل كـ "محكمة عليا" وسيتلقى استئنافات، ويراقب المواقع الحكومية للبحث عن محتويات تحريضية. وقالت توكل كرمان، الناشطة اليمنية الحائزة على جائزة "نوبل" للسلام، التي تعمل في أحد مجالس الرقابة في "فايسبوك": "التصنيف الإرهابي الرسمي لن يعمينا، خصوصاً عندما يأتي من الحكومات الديكتاتورية التي تسيء استخدام الإرهاب لانتهاك المعارضين".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها