السبت 2020/05/30

آخر تحديث: 16:06 (بيروت)

كاميرات الهواتف: سلاح جديد ضد العنصرية في أميركا

السبت 2020/05/30
كاميرات الهواتف: سلاح جديد ضد العنصرية في أميركا
لحظة اعتقال جورج فلويد
increase حجم الخط decrease
من وفاة رجل أسود في منيابوليس، إلى حادث عنصري في سنترال بارك، تُستخدم كاميرات الهواتف بشكل متزايد كسلاح ضد العنصرية، وإن لم تواكبها دائماً الأنظمة القضائية.

وتسرب مقطعا فيديو تم تصويرهما بهواتف ذكية، من وسائل التواصل الاجتماعي، إلى وسائل الإعلام التقليدية، هذا الأسبوع، ليسلطا الضوء على كيفية قيام المارة بالتقاط ما يجري حولهم من أحداث ربما لم يكن يلاحظها أحد في الماضي.

وكان أحد المارة هو من صوّر جورج فلويد وهو يختنق، بينما استمر شرطي منيابوليس الأبيض يضغط بركبته على عنقه لأكثر من خمس دقائق، يوم الاثنين. وتوقف فلويد عن الحركة وأعلنت وفاته في وقت لاحق في المستشفى. وفُصل أربعة من عناصر الشرطة من السلك، لكنهم ما زالوا أحراراً، فيما شهدت المدينة ليلتين من الاحتجاجات الغاضبة العنيفة.

وتساءل مدير مركز أبحاث مناهضة العنصرية في الجامعة الأميركية، في مقابلة مع موقع "الديموقراطية الآن": "لو لم يكن لدينا الفيديو، فهل كان الشرطيون سيفصلون بهذه السرعة؟ هل كانوا سيصدقون كل هؤلاء الشهود الذين شاهدوا ما يحدث ورأوا الشرطيين الذين كان ينبغي وقفهم؟".

في الحادثة الثانية، أبلغت امرأة بيضاء زوراً، الشرطة، عن كريستيان كوبر الذي يهوى مشاهدة الطيور، بعدما طلب منها أن تربط كلبها بدلاً من تركه طليقاً في منطقة مغطاة بالأشجار في سنترال بارك في نيويورك. وقالت لكوبر وهو يصوّرها فيما تطلب رقم الطوارئ 911: "سأخبرهم أن أميركياً أسود يهدد حياتي". وقد شوهد الفيديو أكثر من 43 مليون مرة في "تويتر".

وفي شباط/فبراير، قَتَل رجلان من البيض، بالرصاص، أحمد أربيري، وهو أيضاً أميركي من أصل أفريقي، أثناء ممارسته رياضة الجري في حيهما في جورجيا. وصوّر رجل ثالث، اتهم لاحقاً في قضية مقتل أربيري، جريمة القتل. وأثار الفيديو المصور بهاتف محمول، الغضب لدى تسريبه ونشره في وسائل التواصل الاجتماعي في وقت سابق من هذا الشهر.

والحال أن تصوير مثل هذه الحوادث العنيفة ليس جديداً. فمنذ تعرض رودني كينغ للضرب على أيدي شرطة لوس أنجليس العام 1991، والذي التقطه مصور هاوٍ، توثق مقاطع الفيديو بشكل متكرر أعمال العنصرية في أنحاء الولايات المتحدة. لكن في السنوات الأخيرة، أصبح تصوير مثل هذه الحوادث منهجياً، لتنتشر بعد ذلك على نطاق واسع عبر الإنترنت ثم يتم بثها عبر شبكات الأخبار الرئيسية.

"هذه هي الحقيقة المحزنة"، كتبت في "تويتر"، السيناتور كامالا هاريس، التي كانت تطمح إلى ترشيح الحزب الديموقراطي للانتخابات الرئاسية. وأضافت أن "ما حدث لجورج فلويد وأحمد أربيري وكريستيان كوبر استمر بالنسبة للأميركيين السود على امتداد أجيال. الهواتف المحمولة تجعله مرئياً".

من جهتها، قالت كاثرين راسل براون، مديرة مركز دراسة الأعراق والعلاقات بين الأعراق بجامعة فلوريدا، أن مقاطع الفيديو تذكرنا بأنه "حيثما يكون هناك أشخاص ملونون، هناك ضعف". وأضافت لوكالة "فرانس برس": "من الصعب التفكير في قضايا تتعلق بالبيض والتي تظهر النوع نفسه من حالات الأذى والاعتداء، خصوصاً اذا كنا نتحدث عن تطبيق القانون".

وزاد استخدام ضباط الشرطة، كاميرات تثبت على الجسم، أثناء الخدمة، في العقد الماضي، الآمال في أن يتراجع استخدام القوة ضد الأميركيين من أصل إفريقي. لكن بعدما أظهرت الدراسات الأولية نتائج مشجعة، وجدت تقارير أكثر تعمقاً أن "الكاميرات لا تؤدي إلى التراجع المتوقع في استخدام القوة"، وفقًا لباحث معهد "أوربان انستيتيوت" دانييل لورانس.

وتسمح العديد من أجهزة الشرطة للشرطيين بإيقاف تشغيل الكاميرات وقتما يشاؤون بينما اتُهم بعضهم بتعديل الصور قبل نشرها. وفي حادثة قتل إريك غارنر، خنقاً، على يد شرطي نيويوركي العام 2014 والتي كانت وراء نشوء حركة "حياة السود مهمة" على الصعيد الوطني، فإن الشهود هم الذين صوروا الحادث وليس الشرطة، مثلما جرى لدى وفاة فلويد.

وقالت راسل براون: "إن مقاطع الفيديو هذه التي تُنشر في منصات عامة تشير حقاً إلى نوع من الخلل في نظامنا القانوني الجنائي". وأضافت: "إنه نوع من الإيحاء بأننا بحاجة إلى مواطنين عاديين لضرورة مراقبة الشرطيين أو المسؤولين أو الأشخاص في الأماكن العامة لتحقيق العدالة أو على الأقل دق أجراس الإنذار بشأن ضرورة تحقيق العدالة". ولاحظت راسل براون أيضاً أن وجود الكاميرا لا يمنع غالباً ارتكاب الفعل في الأساس.

ويمكن أن يكون للتصوير أيضاً تداعيات كبيرة، حيث يحذر المتخصصون من مخاطر التسرع في الحكم على الشبكات الاجتماعية. وفي غضون يوم واحد من حادثة سنترال بارك، فقدت إيمي كوبر وظيفتها كنائبة لرئيس شركة لإدارة الثروة، عدا عن فضح هويتها وسط عاصفة إعلامية. وقال كريستيان كوبر الذي لا يمت بصلة إلى إيمي: "أنا لا أبرر العنصرية. لكنني لا أعرف إن كان ينبغي فعلاً تدمير حياتها".

ويقول الخبراء أنه على الرغم من قوة مقاطع الفيديو فإنها لا تعني سوى القليل، إذا لم يأخذ القانون مجراه. وقالت راسل براون، مشيرة إلى الشرطيين المتورطين في وفاة فلويد "لقد تم فصلهم. هل هذا يكفي؟ لا. لدينا قتيل. لذا نريد الآن أن يقوم النظام القضائي بما يجب عليه أن يفعله".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها