الإثنين 2020/04/20

آخر تحديث: 20:40 (بيروت)

من نصدق.. "حزب الله" أم خصومه؟

الإثنين 2020/04/20
من نصدق.. "حزب الله" أم خصومه؟
increase حجم الخط decrease
لن يستطيع "حزب الله"وضع حدّ للفيديوهات والتسجيلات والتسريبات التي ينفيها حيناً، او لا يعلق عليها في أحيان أخرى، أو يثبتها بالبيانات والمعلومات، أو حتى يتجاهلها على قاعدة "لا تستأهل الرد". 

فالحزب الذي صنع صورته الاعلامية من كونه حزباً أمنياً، ويتمتع بمنظومة حديدية تخفي غالبية تفاصيله الداخلية، لم يعد في إمكانه إنهاء سيل الفيديوهات والمعلومات التي تشترك في ترويجها مختلف الأطراف، المؤيدة له، والمتخاصمة معه، والتي تعاديه أيضاً.. فتصبح أي معلومة قابلة للتصديق، حتى لو كانت معطياتها قابلة للدحض، وهي مهمة يشترك فيها جميع الأطراف أيضاً، المؤيد والخصم والعدو. 



ينطبق هذا الحال على التسريب الأخير الذي ضجت به مواقع التواصل حول رجل من الشويفات يدعى أبو جعفر، يسأل عن ولده، مقاتل في الحزب، وابنه مقاتل في الحزب. ويقول التسريب ان نجله كان على متن الطائرة التي عادت من إيران في بدايات أزمة انتشار فيروس "كورونا" في لبنان. ويشكو ابو جعفر، في التسريب، اختفاء ابنه، لمسؤول من الحزب ضاحية بعدما أرسل الى سوريا، ونقلت اليه العدوى بالمرض من رفاقه. ويُسمع في الفيديو أنه تم ارسال المقاتلين الى سوريا لتلقي العلاج في مستشفى ميداني بسبب فقدان أي مساحة تستوعبهم في مستشفى "الرسول الأعظم". 

لم يصدر عن الحزب أي نفي، كما لم تصدر أي مؤشرات تثبت. يكتنف الملف الغموض. اثباته صعب، كونه يستند الى تسريب صوتي يتيم، علماً أن مقومات الدحض واقعة من فرضية أن مستشفى الرسول الاعظم لم يستخدمها الحزب قط لعلاج مرضى "كورونا". فقد جهز الحزب مستشفى آخر هو "السان جورج" في الحدث، التابع لمستشفى "الرسول الاعظم"، لاستقبال المصابين في "كورونا" في حال تدهورت الأمور وصارت هناك حاجة لمستشفيات جديدة، فضلاً عن أن الحزب جهّز مراكز أخرى في أكثر من منطقة تحسباً لأي طارئ. 

وفي المقابل، لا يمكن نفيه بالمطلق، ولا تجاهل الأمور بالنسبة لناشطي مواقع التواصل الذين يعرفون عن الحزب "سريّته" و"أمنياته" التي أثبتت في أكثر من مجال. فضلاً عن أن الحزب المتواجد في سوريا، في مواقع عديدة، يمكن أن يكون قد جهز مستشفيات ميدانية يشرف عليها.

والأهم، ان الرجل الذي يتحدث عبر الهاتف في المقطع الصوتي، وهو لم يعرف من اسمه الا كنيته، يمكن أن يكون له ولد يقاتل في سوريا، وهذا أمر منطقي، ويمكن أن يكون ابنه مصاباً، ولا يمكن نفي أن يكون هناك ابن، لم يعد الى لبنان خلال عشرين يوماً، أو تكون هناك مجموعة من الاشخاص المصابين. 

فالتسريبات الصادرة عن الحزب، يحيط بها الغموض، كما يحيط الغموض نشاطاته، وتحديداً العسكرية التي لم يقدم مسؤولوه فيها أي تفاصيل، وتغيب عنها شفافية مخاطبة الرأي العام، سواء في الملفات المرتبطة بها، مثل عدد قتلى الحزب في سوريا أو عدد المقاتلين المنتشرين على الأراضي السورية، أو في ملف "كورونا" في صفوف المقاتلين، ولو أن الملف الأخير يحاول الحزب تعميم شفافية حوله، في وقت يقول خصومه انه من غير المنطقي أن لا تكون هناك حالات كثيرة في صفوف بيئته، التي كانت ترتاد إيران، كما هو حال بيئات في مناطق أخرى. 

والهالة التي صنعها الحزب حول نفسه، هي بيئة خصبة لتعميم الشائعات والمعلومات والتسريبات، بصرف النظر عن صحتها. لم يتردد الحزب، منذ 35 عاماً، في تكريس هذه الصورة، وتعميقها لدى كافة الشرائح، وهو بالتأكيد يستفيد منها اعلامياً. فهي تترك مجالاً للتخيل وتتيح تصورات "بطولية" عنه في صفوف مؤيديه، كما تترك غموضاً عميقاً في صفوف خصومه في الداخل اللبناني، وتصنع التباساً في التقديرات حول قدراته واستعداداته لدى أعدائه وتحديداً اسرائيل.

بسبب ذلك، سيبقى الحزب بيئة خصبة للشائعات ومادة جذابة لنسج المعلومات وتناقل التسريبات، الى ان يسطر الحزب تجربة شفافية جديدة، مختلفة عن تجربته الاعلامية المتراكمة منذ 35 عاماً. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها