الخميس 2020/03/12

آخر تحديث: 20:20 (بيروت)

دولة MTV.. عاجزة وتتبجّح

الخميس 2020/03/12
دولة MTV.. عاجزة وتتبجّح
increase حجم الخط decrease
من المفيد، قبل انتقاد قناة "أم تي في"، أو تأييدها لخطوة اعلان حالة الطوارئ، توجيه اسئلة اليها: كم تملك من مخزون سلع غذائية ومحروقات ومواد طبية وكادر بشري لتلبية أمور الناس؟ ما هي قدراتها على محاصرة الوباء؟ وما هي إمكاناتها لمنع طائرات من الهبوط في مطار بيروت، أو الغاء رحلات؟ 
إذا كانت "أم تي في" تملك كل تلك القدرات، فإنها ستمتلك كل الحق في إعلان حالة طوارئ، أما في حال لم تكن قادرة على تنفيذ أي قرار، ولا تملك الامكانات لتطبيقه، فإن إعلانها لن يتخطى وصفه برصاص خلّبي، أطلقته على الحكومة، كموقف سياسي لا يراعي أصول المسؤولية الاجتماعية والمهنية التي يفترض بأي وسيلة اعلامية التزامها في الأزمات. 

عللت القناة موقفها بـ"تقاعس الدولة عن القيام بواجباتها، وتأخرها في اتخاذ الكثير من التدابير". نصبت القناة نفسها في موقع المسؤولية الحكومية، كبديل من مفقود، حسبما أوحت. لكن ماذا تستطيع أن تقدم غير دعوة الناس الى الالتزام بالبقاء في منازلهم وعدم التنقّل، الا للضرورات القصوى، "حفاظاً على سلامة المواطنين"، كما قالت؟


والحال ان القناة، كما المصابين بإعلان حالة الطوارئ في مواقع التواصل الاجتماعي، تجاوزت الأعراف والأصول المتبعة في إدارة الأزمات إعلامياً. بدلاً من تهدئة روع الناس، زادت في قلقهم. شرّعت الهلع، وأوحت بأن الموت اقترب من الأبواب، لمجرد ان رئيس مجلس الوزراء لم يعلن حالة الطوارئ، رغم أن ما جرى إعلانه، يضم جزءاً من الإجراءات والتوصيات في حالات الكوارث، من غير إثارة هلع اضافي تنطوي عليه العبارة، ومن غير أن يرتب على الدولة ما يفوق قدرتها. 

وقد نفذت حالة الطوارئ في مدينة ووهان الصينية، التي تعرضت للعزل التام، منعاً لانتشار الفيروس ولاحتكاك المصابين بغير المصابين. وتمتلك الصين القدرة على توفير ما يكفل بقاء الناس على قيد الحياة، وتمتلك من الإمكانات والقرار السياسي والأمني ما يسمح لتنفيذ قرار إعلان الطوارئ في مدينة استوجبت ذلك، كما في مقاطعات إيطالية عديدة في شمال البلاد. 

فإعلان الطوارئ، عُرفاً، في حالات الكوارث، يعني وضع قيود على حرية الأشخاص وحركتهم، وإغلاق مدن ومصالح وأماكن عامة ومواقع عمل، وإخلاء بعض المناطق أو عزلها وفرض منع التجول فيها وإغلاق الطرق العامة أو بعضها، وتنظيم وسائل النقل والمواصلات وحصرها وتحديد حركتها بين المناطق المختلفة.

اتخذت الحكومة معظم الإجراءات التي تتطلبها الحالة، باستثناء عزل المدن والمناطق. فهي بذلك، تنفذ ما تتطلب منها الأزمة، ونجحت الى حدّ كبير في ذلك، بدليل ما تناقله اللبنانيون من صور لشوارع خالية، ومطاعم وأماكن عامة مقفلة أو فارغة، ولحركة مكثفة للكوادر الطبية وطواقم الاغاثة. كما أثبتت النتائج حتى الآن، احتواء لانتشار الفيروس، بالحد الأدنى، ما ينفي أي حاجة لتبرير الهلع ومضاعفته، أو لفرض إجراءات على الحكومة، لا تبدو ضرورية، على الأقل حتى هذا الوقت، مثل إخلاء المدن أو حظر التجول فيها نهائياً، طالما ان منشأ الفيروس ليس محلياً، وانتشاره ما زال محدوداً. 

غير أن المبادرة بهذا الشكل، تُقرأ في السياسة. فإحجام الحكومة عن إعلان حالة طوارئ تريدها القناة أو أي طرف آخر، سيمثل مادة لانتقاد سياسي، طالما أن مستشفى رفيق الحريري أثبت جدية في التعاطي مع المرض. 


كان يمكن للقناة أن تعلن عن حملة لحث الناس على الالتزام بمواقعهم. كان يمكن أن تطالبهم بالالتزام بالتعليمات الحكومية والطبية حول عدم الاختلاط، وتجنب الاحتكاك، وفرض الحجر المنزلي إلا في حالات اضرارية. كان يمكن أن تهدّئ المخاوف، بالقول أن الالتزام بالإرشادات، سيقلص مساحة الانتشار وقدرة الفيروس على الانتقال، وهو أمر متبع. 

القناة، بإعلانها الأخير، تخطت دورها كمنصة إعلامية تلتزم بالمسؤولية الاجتماعية. نصبت نفسها في مكان الحكومة التي يختلف كثيرون على قدرتها المحدودة على التعامل مع أزمات صحية شبيهة.
 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها