الجمعة 2020/02/07

آخر تحديث: 19:20 (بيروت)

"المناضل" ابراهيم كنعان

الجمعة 2020/02/07
"المناضل" ابراهيم كنعان
increase حجم الخط decrease
ليس من المستغرب أن يستشيط ابراهيم كنعان غضباً عقب أي نقد يوجّه إليه في حواراته التلفزيونية أو حتى مؤتمراته الصحافية. فالرجل نموذج لمعظم الطبقة السياسية، التي دأبت من خلال ظهورها في وسائل الإعلام، أو في المداخلات والحوارات، على رفع صوتها والصراخ وإبراز أعلى درجات الاستنكار والاستهجان، عقب أي نقد أو محاولة تصويب على الأداء السياسي الفاشل.


وتتفشّى هذه الظاهرة خصوصاً عند أصحاب الطموحات من الدرجة الثانية في المراكز الحزبية، والطامحين عادة للبروز أمام رؤسائهم وقاعدتهم على أنهم السدّ المنيع والحصن الحصين، الذي تتمترس وراءه قيادات الأحزاب والكتل النيابية. وعادة ما يكون لكلّ حزب وفئة سياسية، ممن يلجأون لأسلوب الزعيق والفجور، كنهج لتشتيت النقاش وتبديده من خلال انتقالهم من الدفاع إلى الهجوم على الآخر، ما يضيع النقاط الأساسية والجوهرية، إن كان من خلال كيل التهم الشخصية، أو الهروب إلى الأمام من خلال سرد إنجازاتهم البطولية والتاريخية الوهمية.

وهذا تماماً ما حدث في حلقة "صار الوقت"، مساء أمس الخميس، في السجال الذي احتدم بين رئيس لجنة الموزانة والمال في مجلس النواب، ابراهيم كنعان، والنائب السابق روبير فاضل، الذي انتقد أداء كنعان معتبراً إياه شريكاً للزمرة الحاكمة التي تتحمل مسؤولية التدهور الاقتصادي الذي آل إليه الوضع في لبنان، الأمر الذي أفقد كنعان صوابه وجعله يردّ على فاضل بالمزايدة والفوقية ويوجّه إليه سيلاً من الكلام الجارح والتهم، واصفاً كلامه بـ"السذاجة والسطحية"، معتبراً نفسه "المناضل الذي أفنى سنوات عمره بكشف الفساد والسرقات"، وأن كلام فاضل "خطاب شعبوي يهدف إلى استجداء التصفيق وتسجيل النقاط".

فجور كنعان لم يقف عند هذا الحدّ، بل تعدّاه إلى الهجوم على الثوار الذين حاصروا النائب زياد أسود في أحد المطاعم ومنعوه من الخروج، معتبراً أنّ أفعالهم تندرج ضمن إشاعة الفوضى التي لا تؤدّي إلى أي مكان، كونهم لا يُظهرون الاحترام الواجب للسياسيين والزعماء، الأمر الذي يستوجب، حسب رأيه، إطلاق ميثاق شرف بين المجتمع المدني وأهل السياسة.

ما يتجاهله الأستاذ كنعان، أو لعله يجهله، هو أنّ الشعب اللبناني بأغلبيته قد لفظ خطابه وخطاب مجمل الطبقة السياسية التي ينتمي إليها. فالتبجج بالبطولات والانجازات الفارغة والوعود الرنانة الجوفاء، عملة أصبحت خارج التداول. فالانهيار الذي لحق بلبنان لم يكن بفعل صيبة عين أو الاصابة بحمى موسمية، بل بفعل ممارسات أهل السلطة وأحزابها الذين تعاقبوا على تخريب البلد ونهبه وتدمير أسسه الاجتماعية والاقتصادية. وحزب كنعان البرتقالي، ورئيسه امبراطور وزارة الطاقة وسيد الظلمات والنكسات، ووراءه العهد ذو العضلات المفتولة، هم سبب همنا وغمنا وكوابيسنا اليومية، وهم حجر الرحى الذي تنسحق آمال المواطنين في أحضانه.

فيا حبذا لو وفّر علينا الأستاذ كنعان عظاته وخطبه، وبادر بالكسوف والغروب عن أنظارنا وأسماعنا والامتناع عن أن يطالعنا عبر الشاشات، هو وكامل ذوي الحظوة والسعادة والمعالي والدولة والفخامة ومن لف لفيفهم. فيما تتكرر الدعوة هنا لمعدّي البرامج الحوارية ومقدميها، المحسوبين على الثورة والثوار، لمقاطعتهم والكفّ عن إعطائهم المساحة والمنبر لتلميع صورتهم وإطلاق المزيد من الوعود الكاذبة.




increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها