الأربعاء 2020/02/05

آخر تحديث: 21:21 (بيروت)

أدرنالين زياد أسود

الأربعاء 2020/02/05
أدرنالين زياد أسود
increase حجم الخط decrease
لا يمل من التذكير بعراضات النائب زياد أسود. في الاصل، لا يمل سعادة النائب من التذكير بها، وتفوقه على سائر رفاقه في "التيار الوطني الحر" وكتلة "لبنان القوي" برفع العضلات وعرضها، للإثبات بأنه موجود، بقوته وفتوته، التي يعتقد انها سبيل للدفاع عن التيار. 

وقف اسود أمام الكاميرا محدثاً مناصريه وخصومه من خلال فيديو يعرف أنه سيتم ترويجه في مواقع التواصل الاجتماعي. "ما حدا بيضهّرنا لا من مطعم ولا من بيت ولا من طريق.. وما حدا يلعب معنا، من هلأ ورايح المزح خلص". 

أتم كلمته التي ترافقت مع الاصبع التهديدي، وجلس ليستأنف نارجيلته. حاول القول ان كلمته لا تتكرر. وأنه حاسم وحازم، وأنه يمتلك القوة والشرعية التي تخوله تهديد صِبية هتفوا من وراء الستار مطالبين اياه بالمغادرة. 

والحال إن لهجة التهديد التي اعتمدها أسود، هي الأولى في أدبيات "التيار الوطني الحر" الذي يلوح عادة بالاجراءات القضائية. هو الوحيد الذي يرفع اصبعه، ويرفع صوته. لم يقم من سبقه من المسؤولين بعراضات شبيهة، ولم يسبقه اليها أحد من شخصيات التيار نفسه الذي لم يخضع استراتيجيته لتحول على هذا القدر من العراضات الفارهة المزينة بالسيجار وكأس الويسكي ونارجيلة التنبك.. بل ترك لأسود فرصة إظهار فرادته في المجموعة. 

وأسود، بالفعل، نائب فريد. عادة ما يتعهد اللهجة العالية نيابة عن زملائه في التيار. تجده في ساحات يحتاج فيها العونيون الى عراضات الفتوة. هو نائب الفتوة، الذي حرمه الوقت من أن يكون جزءاً من زمن عارضي العضلات. لم يلبِ الزمن رغبته بالتواجد في الميادين، كحارس لعهد مضى، او مدافع سياسي، او مهاجم في حلبات المتقاتلين. لذلك، تجده الآن يمارسها بمفعول رجعي، مرة في السياسة، حين يرفع الصوت في وجه خصومه السياسيين، جنبلاط والحريري وبري... ومرة في الميدان الذي لم يعد متاحاً كساحات اقتتال داخلي، فحولها الى المطعم. 

في المطعم، لا أداوت للاقتتال سوى عدسة الهاتف. أطلق الناشطون العدسات في وجهه، فردّ عليها بعدسة من محوره. ساحة ضيقة، متراسها عبارة عن ستارة يتلطى خلفها، قبل أن يستريح الى نارجيلته. بذلك، خلق أعداءه المفترضين، متوعداً: "المزح خاص". عن أي مزاح يتحدث؟ هل يعتبر الثورة اللبنانية مزاحاً؟ عراضة كتلك التي نفذها على مرأى نواب آخرين يشاركهم الطاولة نفسها؟ هل يطرح نفسه قيّماً على حماية المجموعة؟ وبماذا يهدد؟ من يلعب معه؟

لا يلعب ناشط معه، ولا يحابيه. الناشطون يطردونه، إسوة بنواب ومسؤولين آخرين طردوا من الاماكن العامة، كردّ فعل انتقامي على تكريس الأزمات المعيشية. يهول أسود هذا السلوك. لا يحتمل نفسه في مشهد ضعيف، فيلجأ الى قوة مزعومة تنم أولاً وثانياً عن ضعف. ضعف العاجز عن التغيير، والعاجز عن الاصلاح، والعاجز عن اعلاء سقف الأزمة الى مرتبة الذوبان. 

أسود يدفع التيار الى عراضات هو في غنى عنها. الأعداء ليسوا ناشطين يطالبون بحقوقهم، ويعملون على الاقتصاص، ولو رمزياً، من السياسيين، وفق منطق "كلن يعني كلن". فهو يصنف نفسه خارج هذه المجموعة، وهي قليلة. مجموعة النواب "المشكلجية"، الذين يعانون فائض الأدرنالين عندما يلمحون ناشطاً مسلحاً بعدسة رصد. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها