السبت 2020/02/29

آخر تحديث: 21:09 (بيروت)

معركة إدلب بالمنظار الاسرائيلي: شيعة وسنة.. وأعداؤنا يضعفون

السبت 2020/02/29
معركة إدلب بالمنظار الاسرائيلي: شيعة وسنة.. وأعداؤنا يضعفون
تشكك التحليلات الإسرائيلية في مقدرة النظام السوري على فتح جبهة جديدة في مواجهة تركيا (غيتي)
increase حجم الخط decrease
خلافاً للنهج الماورائي والصامت الذي يغلّف مراقبة إسرائيل أمنياً وسياسياً لمجريات معركة إدلب شمال غربي سوريا، والمستعرة منذ نحو شهر، قدّم الإعلام العبري قراءات عديدة للمعركة عبر مقالات مكتوبة وتحليلات مسموعة ومرئية.


ورغم أنّ وتيرة التغطية الإعلامية خفتت في الأيام العشرة الأخيرة، بسبب الانشغال الإسرائيلي بجولة التصعيد التي وقعت منتصف الأسبوع في جبهة قطاع غزة، علاوة على تركّز الاهتمام على انتخابات الكنيست التي تبقى لها أيام قليلة جداً.. إلاّ أن صحافة إسرائيل ومواقعها الإخبارية مازالت تستحضر ملف إدلب من زوايا عديدة.

أحدث القراءات تجلّى في مقال عنوانه "المعركة على إدلب - لعبة شطرنج بالنسخة السورية"؛ كتبه ثلاثة باحثين يتبعون لمعهد دراسات "الأمن القومي" الإسرائيلي.

يخلص المقال إلى نتيجة تتوافق كثيراً مع البروباغندا الإسرائيلية، حينما تم إبعاد تل أبيب وواشنطن من المشهد كلاعِبَي نرد، وبقيت ثلاث دول هي تركيا وروسيا وإيران، في لعبة "الشطرنج" في إدلب- كما وصفها كُتّاب "الأمن القومي".

رغم ذلك، يذكر الباحثون الإسرائيليون في مقالهم، اسم الولايات المتحدة في تطورات إدلب، لكن "كحاضر غائب"، بحجة أنه لا مصلحة لها بالتدخل مباشرة في ما يحدث في شمال غربي سوريا.. غير أنّ الولايات المتحدة تدرك ما ينطوي عليه التوتر الناشىء بين تركيا وروسيا، وانعكاساته السلبية المحتملة على دينامية القتال في منطقة إدلب، وعلى أميركا نفسها، وفي الأساس على قواتها التي مازالت منتشرة وتعمل إلى جانب الأكراد في الشرق السوري.

والحال، أن مضمون المقال يتوافق مع قراءات إسرائيلية أخرى، حينما صنّف ادلب كجيب أخير للمعارضة المسلحة، ما يجعل نظام بشار الأسد ينتظر حسمها لصالحه بمساعدة روسية وإيرانية، من أجل تلاوة بيان "الإنتصار" والسيطرة الكلية على أراضي سوريا.

وفيما يشكك مقال معهد "الأمن القومي" الإسرائيلي في مقدرة النظام السوري على فتح جبهة جديدة في مواجهة تركيا، أو في مواجهة المزيد من مسلحي المعارضة على الرغم من إصرار الأسد على استعادة سيطرته على منطقة إدلب وترسيخ مكانته.. فإن قراءات أخرى في صحف عبرية قللت استباقياً من قيمة أي "تقدم" أو سيطرة كلية قد يحرزها النظام على عموم الأراضي السورية؛ باعتبار أن هذه السيطرة شكلية وجاءت بمساعدة من موسكو وطهران.

وتستند القراءة الإسرائيلية في استنتاجها هذا، بأنه خلافاً للفكرة السائدة، فإن نظام الأسد بات هشاً ومنهاراً بعد تسع سنوات من القتال الضاري. وقد يقود حسمه لمعركة إدلب إلى الاستمرار في التراجع في قوة أجهزة الدولة السورية وتماسكها، في مقابل بروز قوة وسطوة المليشيات التي قاتلت مع النظام في بعض المناطق.

ولأنّ العامل الإيراني يُعدُّ لافتاً أيضاً بالنسبة للإعلام الإسرائيلي عندما يحلل معركة إدلب، فإن مقال "الأمن القومي" ينتقد سياسة إسرائيل التي تقبل استمرار حكم الأسد، داعياً تل ابيب لإعادة النظر بسياستها التي تتقبل هذا النظام المسؤول عن قتل نحو نصف مليون سوري والذي يسمح بالتموضع الإيراني في الدولة السورية.

وبنظرة شمولية على الاعلام العبري، فإنه تناول قضية إدلب من جانبين: الأول من ناحية الصدام المباشر بين النظام السوري والجيش التركي، بعدما كان الصدام بـ"الوكالة"، بحسب تعبيره.. هذا التطور دفع إسرائيل إلى ترقب الميدان بإثارة، طارحة أسئلة من قبيل "كيف سينتهي هذا الصدام، ومن سيخرج منه منتصراً؟!..كيف سيتأثر التموضع الإيراني؟".

وارتباطاً بالجانب الأول، أشارت وسائل إعلام عبرية يمينية إلى علوّ يد روسيا على الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، لكن هذا الإعلام، بالطبع، لا يمتلك موقفاً واضحاً؛ لأنّ أياً من الأطراف المتصارعة سواء النظام أو المعارضة ومروراً بتركيا، ليست "ودودة" بالنسبة للدولة العبرية.. هذا الأمر جعل أصواتاً يمينية تشعر بالسعادة إزاء المواجهة المباشرة بين تركيا والنظام، كون "تورط تركيا بالإشتباك المباشر مع النظام من شأنه أن يضعف الجميع، وهذا مهم لإسرائيل".

أما الجانب الثاني الذي ركزت عليه الصحافة الإسرائيلية في تغطيتها ومتابعتها لموقعة إدلب، فقد تمثّل في الأزمة الإنسانية التي خلفت نحو مليون نازح، إضافة إلى أعداد كبيرة من الضحايا.

في ذلك، وجدت صحافة إسرائيل ضالّتها بغية الترويج لما تسمى "أخلاقية" الجيش الاسرائيلي في الحروب عبر اللجوء لأكذوبة المقارنة. فلا يكاد خبر مكتوب أو تقرير يبث في شاشات التلفزة في الدولة العبرية، إلا ويتطرق لهذا المُعطى الدعائي.

الصحافيون الإسرائيليون عندما يأتون على ذكر الصدام بين تركيا وسوريا، سرعان ما يستغلون قضية المدنيين السوريين الذين يدفعون ثمن هذا الصدام باهظاً وغالياً، سواء قتلاً أو نزوحاً وتشريداً، كما لو أنها أخباراً مثيرة ضمن قاعدة "bad news is good news"، الخبر السيء والتراجيدي هو الأكثر جدارة بالنشر.

ودأب المحللون في الراديو الإسرائيلي، على المقارنة بين "أخلاقية" الجيش الإسرائيلي، و"بربرية وقسوة الجيش السوري في النزاعات".

الواقع، أن أنظمة دموية وديكتاتورية عربية قدمت لإسرائيل هدية ثمينة عبر منحها فرصة تسويق عنجهيتها واستعماريتها، كما لو أنها "ناعمة، وهي لا شيء مقارنة بما يجري للعرب من حكامهم وأبناء جلدتهم".

بعد ذلك كله، تُفسّر شاشات التلفزة الإسرائيلية معركة ادلب على أساس طائفي. فعلى سبيل المثال، يقول مراسل الشؤون العربية في القناة العبرية الثالثة عشرة، تسفي يحزكائيلي، إن "النزاع الرئيسي في الشرق الأوسط هو بين السُنّة والشيعة، وهو نزاع وحشي قاسٍ وبلا رحمة. علينا ان ندرك أن أعداءنا وحشيون، الحديث يدور عن جيش قتل مليون شخص، وشرّد سبعة ملايين في البرد من دون رحمة، والعالم يتفرج". 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها