الثلاثاء 2020/02/25

آخر تحديث: 19:45 (بيروت)

وفاة مبارك:ترحّم على ما قبل السيسي والأسد..و"قومية سعودية" جديدة

الثلاثاء 2020/02/25
وفاة مبارك:ترحّم على ما قبل السيسي والأسد..و"قومية سعودية" جديدة
الرؤساء الذين طيّرهم الربيع العربي.. أرحم ممّن بقوا؟ (غيتي)
increase حجم الخط decrease
انتشرت مقاربات في "تويتر" بين مصر ودول المنطقة بعد الربيع العربي، إثر وفاة الرئيس المخلوع حسني مبارك (91 عاماً). كان أبرزها المقارنة مع سوريا التي دمرتها الحرب المستمرة للعام العاشر على التوالي، والتي مازالت تستخدم في خطاب الثورة المضادة، شعبياً ورسمياً، لتخويف الشعوب العربية من فكرة المطالبة بحقوقهم والرضى بالسلطات القائمة.

وبدا المشهد في "تويتر" منقسماً بين الحزينين على مبارك من جهة، والذين تحدثوا عن جرائمه وانتهاكاته خلال فترة حكمه لمصر لثلاثين عاماً (1981 - 2011) من جهة ثانية. وفيما كتب متعاطفون مع مبارك أنه رغم كل مساوئه لم يدمر بلده مثلما فعل بشار الأسد، استنكر مغردون سوريون وعرب هذه المقاربة، خصوصاً أنها تماثل ما يكرره الموالون للنظام السوري عن حماية الأسد لسوريا من المؤامرة الغربية، والتي رد مغردون مصريون بأن مبارك انتبه لها قبل الجميع "ولهذا فضل التنحي" عن منصبه!

الانقسام في "تويتر" غذته وسائل الإعلام المصرية الرسمية ووسائل إعلام عربية، وصفت مبارك بـ"الرئيس الأسبق" ما أثار استياء في "تويتر" تمثل في تغريدات طالبت وسائل الإعلام باعتماد تسمية "الرئيس المخلوع"، فيما تحدث المعلقون عن الثورة المضادة التي قادتها السعودية ودول خليجية لقتل الربيع العربي، في مصر وبقية دول المنطقة، بدعمها الديكتاتوريات العسكرية الجديدة، ومنها الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي.

وفي السعودية تحديداً، كانت التغريدات تتحدث عن دور مبارك في مقاومة حركة الإخوان المسلمين، التي تعاديها السعودية باعتبارها "حركة إرهابية"، كما تحدث مغردون عن دور مبارك القومي، وتحديداً في حرب الخليج الثانية و"وقوفه في صف القضايا العربية دوماً"، ويشير التماثل في التغريدات ربما إلى توجه عروبي ما.

وفسرت بعض التعليقات، حالة الترحم الواسعة على مبارك، بأنها جزء من الأخلاق الإسلامية الواجبة، فيما تحدث آخرون عن إعجاب الشعوب العربية بفكرة "الرجل القوي" الذي بات مبارك تمثيلاً لها في تغريدات متتالية، تحدثت عن مبارك كقائد للجيش المصري وكمقاوم للغرب ولإسرائيل وغيرها من الصفات التي فندها مغردون آخرون، بحديثهم عن انتهاكات مبارك لحقوق الإنسان ودوره في قمع الثورة المصرية، ومسؤوليته عن شهداء ثورة 25 يناير.

وقالت إحدى المعلقات المصريات في "فايسبوك": "فكرة الأب الدكتاتور الحكيم كلي القدرة والبطش اللي كانت/مازالت منتشرة في المجتمعات البدائية اللي حكمتها لمدة طويلة أنظمة قمعية وتسلطية وشمولية هي فكرة مناسبة تماما لبيئة بيميزها انعدام المأسسة، وضعف الوعي السياسي والوعي بمعناه التشريحي حتى، وسيطرة الفكر الديني، وسيادة نمط العائلة الأبوية وتقديس الأب الراعي وعبادة الهيراركية العائلية والبلح ده كله".



وتحيل كمية التعاطف الملحوظة مع مبارك في "تويتر" إلى مآلات للربيع العربي والثورة المصرية تحديداً، مع عودة مصر إلى الديكاتورية مجدداً، فيما تقول منظمات حقوق الإنسان الدولية، أن عهد الرئيس السيسي أسوأ بمراحل من حقبة حكم مبارك، من ناحية الاعتقالات والتضييق على الحريات العامة، علماً أن مصر شهدت العام الماضي احتجاجات محدودة، بعد فيديوهات نشرها الفنان والمقاول محمد علي من إسبانيا، بشأن قضايا فساد تخص السيسي شخصياً، فيما تتحدث وسائل الإعلام الغربية عن الموجة الثانية من الربيع العربي، في دول المنطقة، وترشح مصر لمزيد من هذه النوعية من الاضطرابات، لعدم وجود حلول جذرية للمشاكل التي أدت للثورة المصرية ضد مبارك أصلاً.

ولم تخلُ مواقع التواصل من قصص مؤثرة، تحدث فيها معلقون عن تجاربهم الشخصية مع حكم مبارك، فعلى سبيل المثال، كتب الصحافي يحيى وجدي: "كفاية بس افتكر له وانا طفل في العاشرة، لما أصحى الصبح أروح المدرسة فألاحظ أثر بيادات الأمن المركزي على السجادة الحمراء في صالة بيتنا، فأفهم إنهم أخدو أبويا (الله يرحمه) الفجر، وإن أمي (الله يرحمها) بذلت مجهود جبار عشان ما نصحاش رغم الدوشة ونشوف المشهد ده. انطباع التراب على السجادة بكعوب البيادات ده طفولتي، وبداية معرفتي بحسني مبارك".

إلى ذلك، استنكر معلقون مصريون، التعزية التي قدمها الناشط المصري، وائل غنيم، لمبارك، واصفاً إياه بـ"المحب والمخلص لمصر"، ومشيراً إلى أنه تحمل الكثير في نهاية عمره.

وقال غنيم عبر حسابه الرسمي في "تويتر": "رحمة الله على الرئيس حسني مبارك. كل نفس بما كسبت رهينة وكلنا رايحين لربنا اللي أحسن من البشر كلهم. ربنا يصبر أهله ومحبيه ويبارك في عمر أحفاده. كان محبا ومخلصا لمصر. تحمل مسؤولية ضخمة تجاه الشعب المصري فأصاب كثيرا وأخطأ كثيرا وصبر على كثير من الأذى في نهاية عمره. وسيحكم التاريخ".

وكان غنيم أحد أبرز الوجوه التي ساهمت بإشعال "ثورة 25 يناير" والتي أطاحت حكم مبارك في مصر العام 2011. وأنشأ الناشط المصري صفحة "كلنا خالد سعيد" في "فايسبوك" العام 2010 وكان الهدف منها المطالبة بمحاسبة المسؤولين عن مقتل الشاب المصري خالد سعيد. وكان غنيم من أول المطالبين بالنزول إلى الشارع في 25 كانون ثاني/يناير 2011 للمطالبة بإجراء إصلاحات سياسية وإلغاء قانون الطوارئ لتؤدي هذه الثورة لاحقاً لإسقاط حكم مبارك في مصر.

وبرزت تعليقات لفنانين ونجوم عرب، قدموا التعازي بوفاة مبارك، وفيما يمكن القول أن تعزية فناني النظام المصري بوفاة مبارك تبقى متوقعة، إلا أن تغريدات أخرى رسمت علامات استفهام. فالنجمة السورية أصالة كتبت في "تويتر" نعت مبارك بالقول: "الله يرحمه ويغفر له ويسكنه فسيح جناته، ويعينكم على الفراق يارب العالمين"، وهي المشهورة بدعمها لثورات الربيع العربي، وتحديداً في سوريا، حيث كانت واحدة من أبرز الأصوات المعارضة لنظام الرئيس بشار الأسد.

والحال أن هذا المشهد امتد ليشمل سياسيين عرب، من بينهم رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، اللذين اعتبرا بشكل منفصل، أن مبارك كان "صديقاً كبيراً ووفياً للبنان".

وقال الحريري في "تويتر": "تنطوي برحيل الرئيس حسني مبارك حقبة من تاريخ مصر والأمة العربية حفلت بالإنجازات والإخفاقات على حد سواء، وتركت بصمات من التطور والحداثة في مختلف المجالات. الرئيس مبارك كان صديقاً وفياً للبنان وعلامة مضيئة من علامات التضامن العربي، نذكره بالخير ونسأل له الرحمة والرضوان. أحر التعازي القلبية للقيادة المصرية ولعائلة الفقيد الكبير".

من جانبه، قال جنبلاط في تغريدة: "الأمانة التاريخية تقتضي الاعتراف أن الرئيس مبارك كان صديقاً كبيراً للبنان، ووقف معنا في أوج المحنة بعد اغتيال رفيق الحريري لإخراج قوات النظام السوري، كما ساهم في إنشاء المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الحريري. تبقى مصر العربيةً داعما لاستقرار لبنان واستقلاله، ودولة محورية في الشرق العربي".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها