الجمعة 2020/02/21

آخر تحديث: 16:34 (بيروت)

الشائعات تصدق والمسؤولون يكذبون

الجمعة 2020/02/21
الشائعات تصدق والمسؤولون يكذبون
increase حجم الخط decrease
غياب الشفافية من قبل السلطة وإصرارها على عدم مصارحة الشعب بالحقائق والأرقام والاحتمالات المفتوحة لتخطّي الأزمة الضاربة، جعل من لبنان بيئة خصبة لنمو الشائعات وانتشار الأخبار الكاذبة، لا سيما في الفترة التي تبعت ثورة 17 تشرين، حيث أضحت الشائعات وفبركة الأخبار، صناعة يومية، لا تستثني مسؤولاً أو حزباً أو مصرفاً أو حتى الثورة والمشاركين فيها، وذلك بحسب الأجندة والمخططات التي يعمل مطلقوها وفقها.


ولا شكّ أن التضارب الحاصل بين أقوال وتصريحات المسؤولين وبين الوقائع على الأرض، يجعل أيّاً من هذه التصريحات أو التعهدات تذهب أدراج الرياح، تاركين البلد مرتعاً خصباً لتنامي الشائعات والأقاويل والتخمينات والتسريبات المزعومة. وليس أدلّ على ذلك من التعهّد الذي أطلقته نقابة الصيارفة بعدم جعل الدولار يتخطّى عتبة الـ2000 ليرة، ليتخطّى الـ2500 في سوق الصيارفة. كما سبق وانتشرت شائعات حول مسألة تطبيق سياسة الـHaircut، والتي تزامنت مع نفي مطلق من قبل المسؤولين لهذا الأمر، ليعود ويصير حقيقة ملموسة، ولو بشكل غير مباشر، تماماً مثلما تحوّل هبوط الليرة اللبنانية وانهيارها إلى واقع بعد نفي متكرر من قبل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وإصراره على وصف الأمر بالشائعة المغرضة.

ويشجّع ذلك على المضي في صناعة الشائعات وإطلاق الأخبار الكاذبة بشكل مضطرد، لا سيما من قبل السلطة والمسؤولين، الذين تقوم لعبتهم على إطلاق شائعة صادمة تحدث بلبلة بين المواطنين، قبل أن يعودوا وينفوا ما ورد فيها. فيما يندرج ذلك ضمن سياسة التجهيز النفسي للشعب بهدف تمرير قرارات وسياسات جديدة، تبدو أقل وطأة مما ورد في مضمون الشائعة أو الخبر "الكاذب"، بينها مثلاً الحديث عن الشروط القاسية التي قد يفرضها صندوق النقد الدولي على لبنان، بالتعاون مع البنك الدولي، في حال طلبت الحكومة خطّة إنقاذ من هاتين المؤسستين الدوليتين، لتقوم بعض الجهات في الوقت نفسه برفع أسعار بعض السلع، في ظل انشغال اللبنانيين وقلقهم من الاجراءات المتوقعة.

واليوم صدر عن المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء، حسان دياب، بيان جاء فيه إنّ "بعض الجهات تصرّ على ممارسة الفساد الأخلاقي الذي يشكل أساس الفساد السياسي والمالي. ولجأت هذه الجهات خلال الأسابيع الماضية إلى تزوير الحقائق وترويج الشائعات والتحريض وتشويه الوقائع. لكن خطرها تمدد إلى تزوير مستند عن قرار مزعوم بتخفيض رواتب الموظفين وعن أوضاع مالية غير صحيحة، وتم تذييلها بتواقيع مصورة من مستندات رسمية، ما يجعل هذا المستند تزويراً جنائياً". وأضاف البيان أن دياب أحال إلى مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات هذا المستند المزور لملاحقة المزورين الذين يعبثون بالإستقرار الوطني".

وقبل ذلك، أطلق المكتب الإعلامي لمصرف لبنان المركزي، بياناً، نفى فيه ما يتم توزيعه عبر تطبيق "واتس آب" ويُنسب إليه عن تعميم يحمل رقم 107، قائلاً إنه "لا أساس له من الصحة". وجاء في الخبر المفبرك أن "حاكم مصرف لبنان، بناء على قانون النقد والتسليف، لا سيما المادتين 70 و74 منه، وبناء على القانون رقم 132بتاريخ 26/1/1999 المتعلق بمصرف لبنان، بناء على قرار المجلس المركزي المنعقد في 20/2/2020 ينحصر التداول داخل الأراضي اللبنانية في الليرة اللبنانية. وفي حال أراد أي مودع سحب أمواله في العملات الأجنبية، فتصرف على سعر الصرف الرسمي 1515 ل.ل.، ويبدأ التنفيذ بهذا القرار إبتداء من 15/3/2020".

ورغم نفي رئيس الحكومة ومصرف لبنان، وما سبقه من نفي أطلقه مسؤولون آخرون تجاه أخبار وشائعات طاولتهم في الأيام الماضية، إلا أنّ تراكم التضارب بين التصريحات والترجمة العملانية على الأرض، جعل الشعب يفقد الثقة بشكل نهائي. ومع استمرار التخبط وانعدام المصارحة والخطط الملموسة، لن تتوقف الشائعات عن الانتشار وإثارة القلق والهلع بين المواطنين، خصوصاً أن الوقائع تُثبت يوماً بعد آخر تحقق الشائعات وتلاشي وعود السلطة، فيما الشعب يدفع الثمن كالعادة، حيث تزداد عليه التكلفة والضرائب والأعباء، بينما يزداد المسؤولون فساداً وسرقة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها