الثلاثاء 2020/02/11

آخر تحديث: 23:24 (بيروت)

حكومة انهيار.. لا إدارة أزمة

الثلاثاء 2020/02/11
حكومة انهيار.. لا إدارة أزمة
الرئيس دياب وأركان حكومته في جلسة الثقة (حسن ابراهيم)
increase حجم الخط decrease
النتيجة النهائية التي توصّل اليها ثوار الشارع اليوم، تجزم بأن الحكومة الحائزة على ثقة خجولة اليوم، هي حكومة إدارة الانهيار، وهو انطباع لا يشوبه شك، ذلك ان المؤشرات الاقتصادية التي تدركها، وحُمّلت أرقامها في مداولات مجلس النواب اليوم، تفضي الى هذه الواقعة المؤجلة. 
منذ سقوط حكومة الرئيس عمر كرامي في الشارع قبل 28 عاماً، لم تتبوأ في البلاد حكومة محملة بهذا الوزر الاقتصادي والضغط المعيشي، من غير حاضنة عربية ودولية. يغرد الرئيس دياب الذي يتلقى تهاني المسؤولين والاحزاب السياسية، وحيداً في فضاء الأزمات، آملاً أن يستطيع إدارة أزمة، ما انفكت تحاصره، وتمهّد لموجة جديدة من الاحتجاجات ستندلع لأي سبب. 

والحكومة، لا تحمل عنواناً آخر للعناوين الاقتصادية. ليست حكومة إعادة النازحين ولا النأي بالنفس ولا استخراج النفط، وليست حكومة إدارة النزاع بين المحاور المتصارعة في المنطقة. عنوانها الوحيد هو إدارة الازمة الاقتصادية والمعيشية على ضفتين متوازيتين: شارع اشتعل، ولا يمكن اخماده كلما لاح الجوع في الرقاب، ومعارضة سياسية اتخذت خيارها بالابتعاد عن المشهد عندما بدت مؤشرات الانهيار تلوح في الافق.

وينتظر الطرفان، الشارع والمعارضة السياسية، كما المجتمع الدولي، فشل الحكومة العاجزة عن استدراج دعم أجنبي بلا اصلاحات قاسية، تلك (الاصلاحات) المستحيلة بحكم التعقيدات السياسية والتركيبة الطائفية الداخليتين، بينما تقف الخيارات السياسية لأطراف ممثلة في الحكومة حائلاً دون استدراج دعم غربي أو عربي لاعادة احيائها. 

واسباب اندلاع الاحتجاجات الداخلية المتوقعة، كثيرة. فصندوق النقد الدولي الذي تحتكم القوى السياسية الى مشورته لدفع سندات الخزينة بالعملة الصعبة (يوروبوندز)، لن ينصح الحكومة بإعادة هيكلة الدين العام أو إعادة جدولته. وعليه، فإن احتياطي مصرف لبنان سيقصّر عن دعم المواد والسلع الاساسية، وبالتالي فإن الاحتجاجات ستندلع مرة أخرى. 

وإذا تأخرت، فإن التحضيرات لموازنة العام 2021، التي ستتضمن قرارات أكثر قساوة وقد تطال تقديمات لموظفي القطاع العام، بمعزل عن المقترحات الدولية لتطال نسبة من الرواتب التقاعدية، فإنها ستخرج الموظفين العامين الى الشارع. 

خيارات الحكومة الاقتصادية ضيقة. فالنفط لا يزال متأخراً، والتجاذب الاقليمي على اوجّه، وخطة الكهرباء لن توفر مليار دولار هذا العام، وحاملو السندات السيادية لا ينتظرون تأجيلاً لمواعيد استحقاقاتهم. وعليه، لا سبيل لإدارة أزمة من غير استعادة أموال منهوبة، وهي مهمة معقدة ومستحيلة خلال الشهرين المقبلين على أقل تقدير، ما ينفي عن الحكومة صفة الانقاذ التي حملتها، وصفة ادارة الازمة المتوقعة من أقطاب يتمثلون بها. هي حكومة الانهيار، أو التمهيد له وادارة الغوص فيه. 

لا ينكر أحد تلك النتائج. السياسيون، كما المراقبون الدوليون، وأبناء الشعب الذي خرج في الشارع نهاراً، وغرد ليلاً عن الانهيار تحت وسم #مبروك_الانهيار. وإذا اجتازت الحكومة اختبار الثقة في البرلمان اليوم، فإن اجتياز مخاوف الناس ليس مهمة سلسة، وتحتاج الى تطمينات كثيرة في مقابل مدّ بصري يتجدد يومياً في المنصات الافتراضية ادانة لسلوك الحكومة، واستهزاء باكتشافاتها ووعودها، بانتظار وصول الانهيار. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها