السبت 2020/12/12

آخر تحديث: 18:36 (بيروت)

إسرائيل ترغب بقناة تفاوض خلفية مع لبنان بشأن "الترسيم"؟

السبت 2020/12/12
إسرائيل ترغب بقناة تفاوض خلفية مع لبنان بشأن "الترسيم"؟
الحدود اللبنانية الإسرائيلية (غيتي)
increase حجم الخط decrease
"اللبنانيون غير جديين، بدليل مطالبهم المستحيلة، حزب الله عطّل المفاوضات، وإسرائيل جمدتها".. هذه أبرز الرسائل التي دأبت تل أبيب على بثها خلال الأيام العشرة الأخيرة عبر إعلامها، بدءاً من صحيفة "اسرائيل اليوم" المقربة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وليس انتهاء بـ"هآرتس" اليسارية، بخصوص مفاوضات الترسيم البحري المؤجلة مع لبنان.

وتسعى الإدعاءات الآتية من مستويات سياسية وأمنية في إسرائيل، إلى أن تكون "رسائل دعائية موجهة" للضغط باتجاه تحقيق غاية معينة، بالقول أن "المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود نتيجة عدم التقدم"، بذريعة "توجه أكثر صرامة من الجانب اللبناني"، وفق نسخة "هآرتس" الصادرة الجمعة. لكنّ هذه الدعاية تُبقي هامشاً لإستمرارية المفاوضات وإمكانية نجاحها إذا ما توافرت ظروف معينة رغم "المسافة الكبيرة عن الحل".

يمكن استنتاج ذلك من جملة أوردتها "هآرتس" على لسان مصدر إسرائيلي مطلع على جولات التفاوض الأربع، خلال الشهرين الأخيرين، في قاعدة "يونيفيل" برأس الناقورة، ومفادها أن "لبنان يتخوف من أي مؤشر لتطبيع العلاقات. ولا يسمحون، حالياً، بحوار غير رسمي خارج طاولة المفاوضات".

وفيما لم يُفهم المقصد الإسرائيلي من وراء تعبير "حوار غير رسمي خارج الطاولة التفاوضية"، لكنه بدا منسجماً مع استفهامات تحوم حول مساع إسرائيلية، عبر تسريباتها الإعلامية، للدفع باتجاه استحداث قناة خلفية سرية بموازاة مفاوضات الناقورة!

والحال أن هناك مؤشراً لافتاً لهذا المُراد من قبل دولة الاحتلال، إن لم تكن "قناة الظل" موجودة فعلاً، بعيداً من الإعلام ضمن استراتيجية "المد والجزر" و"الالتفاف على المعيقات" على أمل الوصول إلى الاتفاق المنشود، وبما يحقق فخ إسرائيل بضرورة أن يكون لأي اتفاق محتمل تداعيات أوسع على صعيد العلاقة اللبنانية الاسرائيلية.

وتبرز الإشارة لهذا الاتجاه في قراءة قدمها معهد "الأمن القومي" الإسرائيلي، زعم فيها أن موقف الرئيس اللبناني ميشال عون الرسمي بشأن مقترح لبنان بالمفاوضات يختلف عن الإشارات الواردة من قصر بعبدا حيث تظهر الأخيرة أكثر "براغماتية" في مقابل ما سمّاها "محاولات التعطيل من قبل الثّنائي الشيعي وخصوصاً حزب الله". والسؤال هنا: كيف وصلت إشارات المرونة من قصر بعبدا إلى إسرائيل؟ هل هي مجرد تكتيك تفاوضي لبناني أم أنها تعبير عن قناة اتصال وأحاديث تتم بعيداً من القناة الرسمية المعلنة؟

أما الإشارة الثانية التي تنم ضمناً عن رغبة إسرائيلية في قناة ظل تفاوضية، بحجة أهميتها لتذليل عقبات الناقورة، فهي الحملة الإعلامية الإسرائيلية على قائد الجيش اللبناني جوزيف عون منذ الجولة التفاوضية الثانية، مروراً بالادعاء بأن المفاوضات تأجلت لأن "المشاكل تكمن داخل الطاقم اللبناني". خصوصاً أن الاحتلال يدعي أن ميشال عون وأتباعه يسعون إلى استمرار المفاوضات للوصول إلى حل، ارتباطاً بمحاولات الطرف المسيحي في لبنان إرضاء الولايات المتحدة في هذه المرحلة المعقدة بلبنان والمنطقة.

ويقابل ذلك موقف الضغط من الثنائي الشيعي، تحديداً حزب الله، لتأجيل المفاوضات إلى ما بعد تسلم الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن مهامه، وذلك بطلب إيراني، لأن طهران تود استخدام المفاوضات اللبنانية كورقة ضغط ومساومة في أي تسوية لملفها النووي، وفق ادعاء معهد دراسات "الأمن القومي" الإسرائيلي.

والواقع أن القراءات المتاحة تشير إلى مزاعم إسرائيلية بأن قناة الظل، حتى لو كانت بوساطة جهة أخرى غير الولايات المتحدة، يمكن أن تيسر مفاوضات الناقورة. ومن أجل تسويغ دعايتها، تستعين تل أبيب بحملة ضد الطاقم التفاوضي اللبناني، وكذلك ضد حزب الله، تحت عنوان أن الأخير يلعب بحق لبنان في المياه الاقتصادية كورقة ضغط لصالح ايران، بدليل تسبّبه في تأجيل المفاوضات إلى حين تسلم بايدن مهمته رسمياً.

إلا أن الباحث الإسرائيلي في شؤون الشرق الأوسط، ايال زيسر، رأى في لقاء إذاعي أنه لا حاجة مُلحَّة لقناة تفاوض خلفية، معتبراً أن المفاوضات تجري على مستوى تقني وليس رفيعاً، وأن الحل بسيط إذا ما أراده الجانبان اللبناني والإسرائيلي، موضحاً أن مفاوضات الترسيم ليست مجمدة بالكامل، بقدر ما تنتظر بيروت وتل أبيب حقبة الرئيس بايدن في البيت الأبيض.

بموازاة ذلك، يمارس الاحتلال الاسرائيلي ضغطاً نفسياً ابتزازاياً، عبر القول: "أنتم لستم جديين في المفاوضات، وليس لدينا مشكلة بوقفها، إذ نستطيع إنشاء نقطة التنقيب عن الغاز في بلوك 9 من الجهة الجنوبية قليلاً، من دون المفاوضات، فضلاً عن وجود آبار أخرى لدينا، أما أنتم فوضعكم صعب وأكثر حاجة للتنقيب".

يذكر أن الولايات المتحدة بادرت إلى هذه المفاوضات، التي تجري في مقر الأمم المتحدة في الناقورة، في الجانب اللبناني من الحدود. وعُقدت حتى الآن أربع جولات مفاوضات، امتدت كل منها بين ثلاث وخمس ساعات. ويرأس الوفد اللبناني الجنرال باسم ياسين، فيما يرأس الوفد الإسرائيلي مدير عام وزارة الطاقة، أودي أديري. ويشارك في المفاوضات وسطاء أميركيون ومندوبون عن الأمم المتحدة.

ورغم ذلك، يدحض الجانب الإسرائيلي ادعاءه بنفسه، حول دوافع الخط الصارم الذي يطرحه اللبنانيون حالياً، فيقول أنه "ما زال يواجه صعوبة في فك رموز الخط الصارم هذا". وبهذا المعنى، فإن حديث تل أبيب عن عدم حماسة "حزب الله" حيال المفاوضات كسبب للخط الصارم، ظهر في سياق "الاعتقاد الجائز" إذا ما تم التمعن بفي حديث المصدر الإسرائيلي لـ"هآرتس".

وألغى الأميركيون جولة مفاوضات أخرى بعدما اتضح أن الفجوة بين مواقف الجانبين كبيرة. وقالت الصحيفة الإسرائيلية أن "التخوف الآن، وعلى خلفية تغير الإدارة في واشنطن، هو أن الاتصالات ستُجمد لفترة طويلة واحتمال حل الخلاف سيتراجع بشكل كبير". وفي إسرائيل، ما زال هناك تقدير بأن الاحتمالات متعادلة، و"أن الاتفاق سيخدم الجانبين، لكن احتمالات ذلك الآن تبدو أقل مما كانت عليه في تشرين الأول/أكتوبر الماضي".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها