الخميس 2020/11/12

آخر تحديث: 20:26 (بيروت)

LBC تتبنى خطاب السلطة: حقائق مجتزأة حول النازحين السوريين

الخميس 2020/11/12
LBC تتبنى خطاب السلطة: حقائق مجتزأة حول النازحين السوريين
عودة نازحين من لبنان (غيتي)
increase حجم الخط decrease
الانتقائية في اختيار الأرقام، والبناء عليها من دون النظر الى وقائع مختلفة، خطأ وقعت فيه قناة "أل بي سي" في تقرير سألت فيه عن "الثمن الاقتصادي" الذي دفعه لبنان جراء النزوح السوري..

والتقرير الذي يضيء على أرقام الخسائر، يستند الى فحوى مداخلة وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال، رمزي المشرفية، خلال مشاركته في مؤتمر النازحين في دمشق، وتظهر المعاناة، من غير التطلع الى التقديمات الدولية، تلك التي ساهمت في رفع جزء من ملاءة الحكومة المالية بالعملة الصعبة، جراء تقديمات المانحين. 

والحديث الاعلامي عن المعاناة، والضغوط التي مورست على البنية التحتية اللبنانية وسوق العمل والبطالة، هو وجه واحد من حقيقة، واظب السياسيون اللبنانيون على الترويج له من دون النظر في جوانب أخرى، وعادة ما تُستخدم في خطاب سياسي يحثّ على استدعاء المساعدات الخارجية وأموال المانحين، بحجة النزوح السوري. 

تجاهلت القناة الوقائع الأخرى المطلوبة لرسم مشهدية كاملة. فلم يذكر التقرير أن هناك ما يناهز المليار و350 مليون دولار، تنفقها الأمم المتحدة في لبنان على شكل مساعدات للسوريين والمجتمع المضيف، ومن بينها وظائف ومئات فرص العمل التي تم توفيرها للبنانيين العاملين في ملف النزوح وغيره. 

هذه التقديمات، لا تعود فوائدها على السوريين فحسب، فدخولها الى المصرف المركزي وخروجها بالليرة اللنبانية في ظل الأزمة النقدية والمالية اللبنانية، يضيف ملاءة بالعملة الصعبة للمصرف المركزي. وفي المقابل، يحصل عليها السوريون بالليرة اللبنانية. فالفرد السوري كان يحصل من برنامج الغذاء العالمي على 27 دولاراً، أي 40 ألف ليرة، ازدادت خلال الأشهر الماضية الى 70 ألف ليرة، ما يساوي 10 دولارات وفق سعر الصرف الرسمي، وأخيراً منذ مطلع تشرين الثاني/نوفمبر، بات الفرد يحصل على 100 ألف ليرة، اي 15 دولاراً وفق سعر الصرف الرسمي. ما يعني أن هناك 14 دولاراً من حصة كل فرد سوري دخلت خزينة الحكومة اللبنانية. 

وبدلاً من الحديث عن النقص، كان يجب فتح ملف الفساد في الإدارات والوزارات اللبنانية على حساب أموال النازحين السوريين، في قطاعات التربية والصحة والإسكان وتجهيزات المأوى، ليتضح كم تلاعب اللبنانيون بتلك الأموال، ما انعكس في مراحل لاحقة على الاستحقاقات الانتخابية نتيجة لتأثير الزبائنية والمحاصصة. 

هذا الجانب من الحقيقة، تجاهله التقرير الذي ما زال يتحدث عن أن السوريين يتقاضون بالدولار ويشترون البضائع السورية. ومع أن التقرير عمّم وتبنّى هذه الحقيقة، الا أن ذلك يجافي الواقع، ذلك ان السوريين في المناطق غير المتاخمة للحدود، يشترون البضائع اللبنانية او المستوردة الموجودة في السوق اللبناني، وهو اختزال غير مقبول. 

والأسئلة التي يجب أن توجه إلى معدّ التقرير المتحيّز: كم ألف عائلة لبنانية استفادت من إيجارات منازل السوريين؟ وكم تضاعفت أرباح الأفران ومستهلكي المواد الغذائية وفواتير الاتصالات والنقل؟ تلك السلع التي يستهلكها لزاماً، مليون سوري على الأقل، يتواجدون على الأراضي اللبنانية، وثمة أرقام تشير الى زيادة العمل في قطاعات انتاجية. 

وإذا كان التقرير يتبنى الخطاب القائل بأن السوريين يزاحمون العامل اللبناني، فإنه يتجاهل حقيقة أن السوريين يعملون في ورش العمال والقطاع الزراعي منذ الخمسينيات، وقد منحت الحكومات المتعاقبة تسهيلات للإقامة في لبنان لهذا السبب، وبلغ عدد العمال في العام 2005، نحو 800 ألف، ما يقارب نسبة النازحين الآن. 

والأرقام يجب ألا تكون وجهة نظر، ولا مجتزأة. ثمة ضغط نتيجة النزوح، نعم. لكنه لا يعني أن هناك منافع، خصوصاً في الأزمة النقدية والمالية الحالية، لم تتطرق إليها القناة في تقريرها، تكراراً لخطاب السلطة اللبنانية، وخصوصاً "العهد القوي، التي حولت النازحين الى شمّاعة. وإذا كانت هواجس بعض الأطراف اللبنانية من النزوح، ديموغرافية، ولحسابات مستقبلية مرتبطة بالتوطين أو غيرها، فهو أمر مقبول، ويحتمل النقاش. لكن الأرقام لا تحتمل أي نقاش، وهو ما لم تلحظه القناة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها