أغلق موقع "إنستغرام"، الجمعة، الحساب الفرنسي الخاص بالمرشد الإيراني علي خامنئي، بعد نشره رسالة مقتضبة موجهة للشباب الفرنسي حول تصريحات الرئيس إيمانويل ماكرون الداعمة لنشر رسوم كاريكاتورية عن النبي محمد.
وصورت وسائل الإعلام الإيرانية القضية على أنها انتصار يسجله خامنئي بعد يومين من نشره رسالة بالفرنسية، طالب فيها الفرنسيين بالتساؤل عن السبب الذي يجعل التشكيك بالهولوكوست جريمة في فرنسا بينما تجوز "الإساءة" للنبي محمد، حسب تعبيره. علماً أن "أنستغرام" لم يحذف حساب خامنئي الأساسي بالفارسية الذي نشر نفس الرسالة ورسائل أخرى مشابهة.
وبالطبع فإن الجواب عن ذلك السؤال، وهو سؤال يطرحه كثير من المعلقين في مواقع التواصل، لا يتعلق بوجود نظرية مؤامرة ضد الإسلام وداعمة لليهود طبقاً لصراع تاريخي بين الديانتين، تؤجهه سياسات متطرفة في الشرق الأوسط منذ عقود. بل يعود إلى حقيقة أن الهولوكوست يتعلق بجريمة بشرية قام بها بشر ضد بشر آخرين بناء على تمييز عنصري مقيت، وتشكل إدانته المستمرة تعبيراً عن ضرورة تجاوز البشرية تلك القواعد العنصرية، بينما تمثل الرسوم الكاريكاتورية الساخرة من الأديان، تحدياً لأفكار قديمة وجامدة أولاً وتحدياً للسلطة الدينية المفروضة على الناس حول الكوكب ثانياً.
وإن كانت صحيفة "شارلي إيبدو" الفرنسية الساخرة نشرت في السابق رسوماً حول الهولوكست، فإن المسلمين الغاضبين لا يرون ذلك ولا يتحدثون عنه، خصوصاً أن الدعاية الرسمية والخطاب السياسي من دول تقدم نفسها ناطقة باسم كل المسلمين، تصور الأمر كمكيدة ضد المسلمين. ويعزز ذلك شعور مسلمين بـ"جرح أحساسيهم الشخصية" في القضية ككل، لأن تعزيز الهوية الدينية في مجتمعات الشرق الأوسط وسحق كل مكونات الهوية الأخرى على المستوى الفردي، هي سياسة متبعة في دول المنطقة، كطريقة بسيطة لضمان الدكتاتوريات الحاكمة بقاءها في السلطة.
وعند الدخول إلى صفحة خامنئي حالياً تظهر رسالة مفادها أنها "غير متاحة". لكن خامنئي دشن حساباً جديداً بالفرنسية، وأعاد نشر رسالته الموجهة إلى الشباب الفرنسي مجدداً، مهاجماً الرئيس ماكرون ومتهماً إياه بارتكاب "عمل أحمق"، ودعا الفرنسيين إلى الاحتجاج على تصريحات ماكرون قائلاً: "اسألوا رئيسكم لماذا يدعم إهانة رسول الله ويعتبرها حرية تعبير؟".
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها