السبت 2020/10/24

آخر تحديث: 16:02 (بيروت)

ليست حرباً ضد الإسلام بل دفاعاً عن الحرية

السبت 2020/10/24
ليست حرباً ضد الإسلام بل دفاعاً عن الحرية
أعادت مدن وبلدات فرنسية نشر رسوم شارلي إيبدو في أماكن عامة (غيتي)
increase حجم الخط decrease
دافع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن الحرية في ازدراء الأديان معتبراً أن "الإسلاميين يريدون الاستحواذ على مستقبلنا". وقال بأن الفرنسيين لن يتخلوا عن رسم الكاريكاتيرات، متعهداً بدعم الشباب وحرية التعبير من دون تمييز، واصفاً البروفيسور سامويل باتي الذي قتل على يد مهاجر شيشاني لعرضه رسوماً "مسيئة للنبي"، رمزاً للحرية. 


تصريحات ماكرون خلال حفل تأبين باتي، واجهت حملة ردود واسعة من قبل الجمهور المسلم في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انتشر وسم "مقاطعة المنتجات الفرنسية" رداً على ما وصف بأنه إساءة الفرنسيين للنبي محمد والإسلام.

وسبقت ماكرون، حملة تعاطف مع البروفيسور الفرنسي، إثر الصدمة التي أحدثها قتله بهذه الطريقة الهمجية شملت العام بأسره، وخصوصاً الرأي العام الفرنسي، الذي دان الجريمة وفي الوقت نفسه اعتبر أن المسلمين يشكلون "خطراً" على مستقبل حرية التعبير في فرنسا. كما ترافق حفل تأبين صمويل بنشر صورة غلاف "مجلة شارلي" إيبدو تحتوي رسماً كاريكاتيرياً ساخراً من النبي محمد.

ونشرت إحدى المجلات الفرنسية رأساً مقطوعاً لامرأة تمثل الحرية مرفقة بعبارة "إلى متى سنبقى منبطحين؟" كما نشر العديد من الفرنسيين صوراً تعبر عن خوفهم على مستقبل فرنسا من وجود التطرف الاسلامي بينهم.

قبلها كان ماكرون قد اتخذ قراراً بإلغاء جمعيات اسلامية وإغلاق مساجد، حيث داهمت الشرطة الفرنسية جمعية "بركة سيتي" واعتقلت مؤسسها في 14 تشرين الأول/أكتوبر، وكشف وزير الداخلية الفرنسي عن إغلاق 73 مسجداً ومدرسة خاصة. هذه القرارات اعتبرت من قبل الكثير من المسؤولين الدينيين المسلمين هجوماً على الإسلام لتحقيق مكاسب  سياسية، متهمين ماكرون بالإسلاموفوبيا.

لكن المشكلة تبقى قيمية بالدرجة الأولى، حيث يعتبر العرب أن الدين يقع في مرتبة مقدسة تنتهي حرية التعبير عند حدود المساس به وفي جميع الدول العربية، هناك قوانين تجرم ازدراء الأديان. أما بالنسبة للغرب، فإن قيمة حرية التعبير تبقى قيمة مقدسة لأنها تعلي من قيمة العقل البشري والتفكير من أجل عدم الجمود وتطور المجتمع، ويتضمن ذلك نقد الأفكار التي قد يكون مسلَّماً بها، ولا توجد بالتالي مصطلحات مثل ازدراء الأديان التي تتضمن حكماً سلبياً مسبقاً على كل من يناقش الأفكار الدينية، ولو حتى بالسخرية الفجة.

وهنا، فإن المهاجرين المسلمين إلى فرنسا يحملون معهم قيمهم ويصدمون مع القيم الغربية. ولا تساعد دورات الاندماج التي تنظمها الحكومة الفرنسية في هذا الصدد، حيث لا يتعدى الموضوع حضور 4 جلسات تناقش فيها أمور شديدة العمومية، مع افتراض اندماج اللاجئين والمهاجرين بمجرد حضورهم وتوقيعهم على ورقة يتعهدون فيها باحترام قيم الجمهورية.

بالدرجة الثانية، المشكلة تكمن في ردّ الفعل، حيث أن ذبح رجل في فرنسا أو طعن المارة أو إطلاق النار على مجلة "شارلي إيبدو"، هي ردود أفعال غير مقبولة قياساً بالفعل. ولجأ المسلمون هذه المرة إلى رد فعل مختلف، استعمال السلاح الاقتصادي المشروع دفاعاً عن دينهم. وحتى هنا، يظهر مجدداً كيف أن العالم الإسلامي والعالم غير الإسلامي باتا لا يتسامحان مع بعضهما البعض، مع مزيد من الاستقطاب والتوتر.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها