الخميس 2020/01/02

آخر تحديث: 19:52 (بيروت)

اسرائيل مطمئنّة: إيران لا تردّ على ضرباتنا..في سوريا والعراق

الخميس 2020/01/02
اسرائيل مطمئنّة: إيران لا تردّ على ضرباتنا..في سوريا والعراق
إحراق السفارة الأميركية في العراق (أ ب)
increase حجم الخط decrease
بالنسبة لإسرائيل، فإن أهم ما في وقائع الاحتجاجات في محيط السفارة الأميركية في بغداد والتي أعقبت هجمات أميركية متزامنة ضد مواقع للحشد الشعبي المدعوم من إيران، فجر الأحد الماضي، هو أن هذا الاشتعال جاء ليؤكد أن الولايات المتحدة لا تزال في وضعية "التسخين" مع طهران بالمنطقة وأن إمكانية الحوار معها لا تزال بعيدة!

كما وجدت إسرائيل ضالتها في الهجمات الأميركية كي تبدد مخاوفها من تخلّي الرئيس دونالد ترامب عنها وجعلها في وجه المدفع الإيراني.. وهي مخاوف عبّرت عنها تل أبيب- ضمنياً- قبل أشهر في أعقاب الهجوم المنسوب للجمهورية الإسلامية ضد المنشأة النفطية السعودية "أرامكو". حينها طرحت إسرائيل سؤالها الأكبر: "ها هو ترامب تخلّى عن السعودية..ما الضامن ألا يتخلى عنا أيضاً من أجل مصلحته وضمن منطق الربح والخسارة خاصته؟!".

إذا ما خضنا في تحليل الخطاب الرسمي الإسرائيلي منذ الوهلة الأولى لوقوع الهجمات الأميركية الأخيرة ضد ما يسميه جماعة "حزب الله العراقي"، فإن الدولة العبرية لم تتردد في المسارعة للترحيب بهذه الهجمات، على لسان رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو خلال اتصاله الهاتفي بوزير خارجية الولايات المتحدة مايك بومبيو.. نتنياهو وصف الضربة الأميركية بـ"المهمّة".

التعليق الأمني الإسرائيلي على ما حدث، هو الآخر كان واضحاً عندما اعتبر قائد "سلاح الجو" عميكام نوركين، أن الهجمات الأميركية الأخيرة في سوريا والعراق تكمن في طياتها فرص لحدوث "تحوّل"، وأنها "ستشكل منعطفاً".. لكن هذا الجنرال الإسرائيلي لم يوضح المنعطف الذي يقصده ولشيء ما سيتسجد لاحقاً.. ثم أنه لم يبين أين تقع إسرائيل من هذا المنعطف العسكري المرجوّ!

بالتعمق أكثر في قراءة مواقف أجهزة الإستخبارات الإسرائيلية، فإنها إلى جانب مشاطرتها الموقف نفسه مع نتنياهو حيال الضربة الأميركية، فإنها تضيف أهمية رئيسية لها، وتكمن في وضع حد لما أسمتها "الاستفزازات الإيرانية" المتصاعدة في المنطقة بالفترة الأخيرة، سواء تلك التي تمثلت بإسقاط القوات الإيرانية للطائرة المسيّرة الاميركية في مضيق هرمز، ومروراً بالقصف الذي أسفر عن مقتل متعهّد مدني أميركي في القاعدة العسكرية الاميركية قرب كركوك شمال العراق.. وكذلك، الهجوم المنسوب لإيران على منشآت النفط التابعة لشركة "أرامكو" في السعودية. 

والحال، أن الصحافة الإسرائيلية عكست في اللحظات الأولى للإعلان عن الضربة، توجس الرأي العام في الدولة العبرية، وخشيته من إنزلاق التوتر المتصاعد بين الولايات المتحدة وإيران وتحوّل العراق الى ساحة مواجهة مباشرة... لينتقل إلى تصعيد بين ايران واسرائيل على الحدود الشمالية للأخيرة، مع لبنان وسوريا. 

لكن سُرعان ما اتسمت تغطية هذه الصحافة بالهدوء، بعدما طمأن "الأمن الاسرائيلي" الجبهة الداخلية حين استبعد هذا السيناريو؛ لسببين رئيسين: الأول، أن العملية نُفذت في العراق الذي لا وجود لحدود مشتركة له مع إسرائيل.. وثانياً، أن المتضرر المباشر من الضربة هو فصيل ناشط على أرض العراق فقط، ولا وجود مباشر له- على ما يبدو- في سوريا أو لبنان.

الواقع، أن هناك سببين أضافهما إعلام إسرائيل في قراءاته حيال استبعاد توتر الجبهة الشمالية جراء أحداث العراق، لا سيما أن الضربة نفسها وجهتها الولايات المتحدة وليست إسرائيل، فضلاً عن أن المتتبع لتصريحات المسؤولين الإيرانيين، تظهر أنهم لا زالوا غير راغبين بأي حرب.. وأن امتدادها لتشمل إسرائيل الآن، سيزيد احتمالية توسّعها، وهو الأمر الذي لا يريده اي من الأطراف الآن.

ولهذا، لم يحظَ تحذيرٌ أطلقه وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في وجه إيران من مغبة إقحام إسرائيل في قضية اقتحام السفارة الأميركية في بغداد، بكثير من التحليل من قبل الإعلام العبري؛ فبدا تحذير كاتس يندرج في الإطار الدعائي والإعلاني الإسرائيلي فقط، ولا يوحي بمخاوف إسرائيل الأمنية، لدرجة تستدعي إستنفار إعلامها.

ومن هذا المنطلق، فإن "المدن" لم ترصد في الإعلام الإسرائيلي الذي واكب الهجوم الأميركي، ومن ثم تداعياته التي تمثلت بحصار المحتجين للسفارة الأميركية في بغداد وإحراق جزء منها، ما يوحي بأي إجراءات إسرائيلية احترازية واستثنائية.. أو حتى أي تلميح لوقف أو تجميد الهجمات الإسرائيلية ضد أهداف في سوريا التي دأبت على تنفيذها كلما حانت الفرصة.

على العكس تماماً، فقد ذكرت أقلام إسرائيلية أن تل أبيب ستواصل التصدي للتموضع العسكري الإيراني في سوريا كالمعتاد رغم التصعيد في العراق، وكأن شيئاً لم يكن. 

وتدعم هذه القراءات بشأن "إصرار" إسرائيل وعدم اكتراثها "الشكلي" بأحداث العراق، عبر القول إن "الحرب الدائرة هناك، ليست حربا عراقية- أميركية، بل هي إيرانية-اميركية تجري على أرض العراق.. وبالتالي فإن القرارات المتعلقة بها تصدر من طهران وواشنطن".. وفي ذلك، تُطمئن إسرائيل نفسها عبر طرح سؤالها: "إيران لا ترد على ضرباتنا في سوريا، فكيف لها أن تردّ على الضربات الأميركية في العراق؟!".

بالرغم من استبعاد إسرائيل لإحتمالية أن يتسبب الهجوم الأميركي في العراق بتصعيد حدة التوتر في الجبهة الشمالية، إلا أن هذا لا يُخفي القلق الإعلامي الإسرائيلي على الدوام، ويعكسه سؤاله الدائم: "هل نقترب من أصعب حرب في تاريخ إسرائيل؟".. فالحرب الأصعب على الإطلاق منذ نشوء إسرائيل، تقرّ التقييمات العبرية أنها آتية وحتمية لا محال، بيدَ أنها تسأل عما إذا كانت المسافة الزمنية التي تفصلنا عن تلك الحرب المدمرة قد قلّت أم لا؟

قبل أيام من الضربة الأميركية المذكورة في العراق وسوريا، نشرت صحيفة "هآرتس" تحليلاً عسكرياً، قالت فيه إن الحروب تُقاسُ على أساس العلاقة بين ثمنها وفائدتها. فثمن الحرب المقبلة سيكون باهظاً، وفائدتها ضئيلة؛ والأزمة ستكون كبيرة. وترى "هآرتس" أنه "يمكن أن نجد أنفسنا في وضع مفاده: أبداً لم يدفع فيه العديد من الناس هذا القدر الكبير لقاء هذا القدر القليل".

وهنا، تعتقد "هآرتس" أنه في مواجهة "التهديد" الذي يقترب، يتعيّن على "زعماء الدولة أن يشرحوا للإسرائيليين من أجل ماذا سنذهب إلى القتال ولماذا. لأننا في نهاية الأمر، نحن من يدفع الثمن".

ولأنّ لبنان جزء من ساحة التسخين الإسرائيلية، فإن رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق، عاموس يدلين، اقترح على الجيش الإسرائيلي، الأربعاء، وفي خضم التصعيد في العراق، تنفيذ ضربات وصفها بـ"الوقائية" و"الاستباقية" في لبنان، كي "نحرم العدو من كثير من قدراته".

اقتراح يدلين الذي يشغل حالياً رئاسة معهد "الأمن القومي" الإسرائيلي، يأتي في ظل التقارير الإسرائيلية المتعددة في الشهرين الأخيرين، حول وصول صواريخ دقيقة إلى حزب الله في الآونة الأخيرة.. ومروراً بإستعدادات قيادة المنطقة العسكرية الشمالية لتجهيز الجيش الإسرائيلي لخوض حرب يقوم خلالها مقاتلو حزب الله بشن هجوم عسكري على المستوطنات الإسرائيلية المحاذية لمنطقة الحدود مع لبنان.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها