الأربعاء 2020/01/15

آخر تحديث: 20:43 (بيروت)

السياسة والمصارف: صفقة عاصية على الثورة؟

الأربعاء 2020/01/15
السياسة والمصارف: صفقة عاصية على الثورة؟
مواجهات وتكسير مصارف في شارع الحمراء (عباس سلمان)
increase حجم الخط decrease
لم يكن التباين بين معلقي مواقع التواصل حول تحطيم واجهات المصارف في منطقة الحمراء، ليل الثلاثاء، انقساماً في الرأي، ولا تفاوتاً في وجهات النظر، ولا اختلافاً نظرياً حول شكل الثورة، بقدر ما كان تصفية حسابات طبقية وسياسية بين فريقين، أولهما يريد الثورة على مقاسه، والثاني يريدها ضد أسباب الأزمة.

وبصرف النظر عن الجهات السياسية (حزب الله) التي حاولت كسب نقاط في مرمى الرئيس المكلف حسان دياب، من خلال دعم التظاهرات أمام المصارف في الحمراء ونفيها للمشاركة فيها، فإن الحملة الشعبية التي اشعلت ليل الحمراء، مساء الثلاثاء، تمثل ردّ فعل شعبياً محقاً ومقدراً للرد على إجراءات مصرفية أمعنت في إذلال الناس طوال ثلاثة اشهر، فولّدت رد فعل عنيفاً استنكره السياسيون.

والاستنكار السياسي للتعرّض للمصارف، هو ما يعطي الحملة زخمها وأحقيتها. ذلك أن الإجراءات المصرفية، بدت محمية بقرار سياسي غير معلن، وبتغطية لا تلحظ حقوق المودعين، ولا تأخذ في الاعتبار معاناة الناس. هي استكمال لإحجاف سياسي يطاول حقوق الناس في البلد، وينسحب منذ ثلاثة اشهر على المصارف التي تماثل بإجراءاتها السلوك السياسي.

كان من الصعب تحديد من يمتثل للآخر: السياسة أم القطاع المصرفي؟ لكن المعطيات تظهر أن الطرفين في موقع واحد. طرف يتخذ اجراءات غير قانونية، وهو المصارف في هذه الحال، وطرف لا يكترث لمعاناة الناس، ويغطّي الطرف الأول، وهؤلاء هم السياسيون. لا يمتثل أحدهما للآخر، لأنهم مجموعة مشتركة، تجمعها عوامل البقاء والتي تتمثل في التقاطع بين مصالح الاثنين، وهو ما يظهر أن التشاركية التي تطغى على علاقتها، عاصية على الثورة.

في هذه اللحظة، برز موقفان سياسيان. الأول يدين التعرض للمصارف، والثاني ينفي انخراطه في الشغب ضد المصارف. والموقفان، هما إدانة لتلك التيارات لجهة دفاعها بالمواربة عن الإجراءات المصرفية. فالتملص من توجيه المسؤوليات مباشرة، يؤشر الى غطاء غير معلن يُعطى للمصارف للاستمرار في إجراءاتها غير القانونية، وكان في الإمكان تخطي هذا الاتهام لها، لو أرجعت الإجراءات إلى قرارات حكومية، ستكون بغطاء قانوني، بهدف حماية البلاد.

وانعكس هذا الجو انقساماً لدى الناس، فالبعض قاده الى أسباب سياسية للحد من تأييد الثورة، حين يُذكر أن "حزب الله" وراء هذا الهجوم على المصارف، علماً أن الحزب مُدان بنفيه المشاركة فيه أو تغطيته. أما الآخرون فتذرعوا بالتكسير، وبأنه ليس شكلاً من أشكال الثورة، وبأنه عنف غير مبرر. هذا العنف الذي لا يعترف به بعض اللبنانيين على أنه شكل من أشكال التمرد.

والحال أن الانقسام، دفع كثيرين الى اعتبار الموقف المعارض للهجوم على المصارف، موقفاً طبقياً. فقير يحطم واحداً من أسس الاقتصاد اللبناني، والثاني يدافع عنه. لا يأخذ هؤلاء في الاعتبار كل التراكم منذ ثلاثة اشهر الذي أدى الى هذا الواقع. وهو ما دفع بعض الناشطين لتكرار عبارة: "دعك على موقفك.. وقف صباح غد في المصرف لتتسول مئة دولار من حسابك البنكيّ".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها