السبت 2019/09/21

آخر تحديث: 20:22 (بيروت)

اللبنانيون يدعمون المصريين: ثوار الحناجر.. وثوار الكيبورد

السبت 2019/09/21
اللبنانيون يدعمون المصريين: ثوار الحناجر.. وثوار الكيبورد
احتجاجات مصر (رويترز)
increase حجم الخط decrease
كشف الحراك المصري الأخير، قصر النظر اللبناني، وأوهامه وأمنياته على حد سواء. فهو إذ يؤيد الحراك، يفشل في صناعة مثيل له، أو شبيه به على ساحته المحلية، فتحوّل الى مادة للتندر في مواقع التواصل الاجتماعي، ومادة أخرى للجَلد، قام بهما طرفان، أولهما استسلم لواقع لبناني متردٍّ، والثاني يستغل كل حراك للتقليل من حجمه.
 
ومع أنه من المبكر الحكم على الحراك المصري، وحجمه وظروفه، إلا ان حجم التأييد اللبناني له، أظهر ان الأمنيات اللبنانية بالثورة، تنطوي على فشل تدفع اللبناني لتأييد ثورات الغير وشجاعتهم من وراء لوحة المفاتيح، ويتقاعس عن اداء واجباته. 

واللبناني، اختبر الحراك مرتين، في المرة الأولى فشل بالانضمام الى قوى يسارية استلهمت الحراك المدني في الدول العربية لتحقيق خرق في الستاتيكو اللبناني القائم. أما في المرة الثانية، فكان الحراك أكثر جدية، لكنه ظرفي وتم حصره في أزمة النفايات، فتم استيعابه مع احتواء الأزمة حكومياً، وعاد كل من الناشطين الى لوحة مفاتيجه، يغرد تأييداً لحراك الغير، ويثني عليه. 

والحال أن معوقات الثورة في لبنان كثيرة، تبدأ من الخناق الطائفي الذي روّض المتظاهرين واستوعبهم، لكنها ليست أكثر تعقيداً من الظروف المصرية، أو سواها من الدول العربية.

وبصرف النظر عن العدد وحجم الحراك، الا ان المداولات التي ظهرت خلال 24 ساعة في مصر، تظهر أن الظروف في لبنان قد تكون اسهل، وأكثر تحفيزاً، لكنها ملتزمة ضوابط سياسية وطائفية واقليمية يستطيع أن يتخطاها مواطنو الدول الاخرى. 

فخلال 24 ساعة في مصر، أظهرت المداولات أن الخارجين طلباً لاسقاط الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، يتحدون منظومة اعلامية وأمنية وسياسية وشبكة مصالح دولية، قد تصطف بأكملها في وجوههم. ومع ذلك، لم ييأس المصريون، ولو أنهم يعانون ما عاناه أسلافهم في العام 2011، ولم يشكلوا قوة ضغط حقيقية قادرة على جمع الجموع حتى الآن. 

فالثورة، خرجت بلا تمهيد ثوري لأسباب الحراك. عندما سنحت لهم الفرصة بالخروج الى ميدان التحرير، طالبوا فوراً باسقاط السيسي، خلافاً لثورة 25 يناير التي تدرجت من الأزمة المعيشية والسياسية، وصولاً الى اسقاط النظام. أما الآن، فلم يترك الحراك مجالاً لعدم تسييسه، اعلامياً على الاقل، بهدف مواجهته. ولم يعطِ نفسه فرصة جمع الجموع تمهيدا للمطالبة باسقاط السيسي. ولم يظهر قائداً له سوى مقاول في المنفى، كان حتى الامس القريب جزءاً من النظام ومستفيداً من منظومته، في اشارة الى الفنان محمد علي الذي بكى في احد مقاطع الفيديو، مطالباً الناس بالحراك كي تتسنى له العودة. 

قد تكون هذه الوقائع جزءاً من الثغرات، لكن الشعب المصري حاول، ويحاول، على الاقل، لتغيير مشهد عوّل عليه عندما حقق تغييراً في 2011، واحبطه عند التعديل الدستوري لولاية الرئيس، وهو ما قضى على فرصه بالتغيير، وعلى فرص المتطلعين لخلافة السيسي ضمن منظومة الحكم نفسها، فاجتمع الطرفان، أحدهما مجاهراً، والثاني سراً، على هدف التغيير. 

التعقيدات المصرية، لم تثنِ المصريين عن المحاولة، حتى لو كانوا أفراداً، فيما اللبنانيون يغردون دعماً من وراء لوحات المفاتيح. هم الثوار الافتراضيون، بمعظمهم، والذين يترددون عن النزول الى الشارع، منعاً للمسّ ببرستيجهم الثوري!


increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها