الثلاثاء 2019/04/09

آخر تحديث: 16:58 (بيروت)

ما هي المنظمات الإعلامية التابعة للحرس الثوري "الإرهابي"؟

الثلاثاء 2019/04/09
ما هي المنظمات الإعلامية التابعة للحرس الثوري "الإرهابي"؟
increase حجم الخط decrease
بينما يدفع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن تصنيف الحرس الثوري الإيراني، منظمة إرهابية، نحو تأجيج التوتر في الشرق الأوسط، قد تعني الخطوة الأميركية غير المسبوقة فرض مزيد من العقوبات على أجهزة مرتبطة بالحرس الثوري، والتي كانت حتى يوم الاثنين الماضي، خارج نطاق العقوبات الأميركية، ومنها الأجهزة الإعلامية والثقافية المرتبطة به.


ويعد الحرس الثوري الإيراني المؤسسة الأكثر أهمية في إيران، حيث تتمتع المؤسسة الأمنية العسكرية بنفوذ هائل في كل جانب من جوانب الحياة العامة الإيرانية، من الثقافة والبيئة إلى الاقتصاد والسياسة والعملية القضائية والإعلام، وأياً كان المجال الذي ينشط فيه، فإن الحرس الثوري الإيراني غير مطالب بالإبلاغ عن نشاطاته لأي شخص وليس يكون مسؤولاً أمام أي جهة رسمية أيضاً.

وتم إنشاء الحرس الثوري الإيراني في وقت مبكر بعد الثورة الإسلامية العام 1979 بأمر من المرشد الأعلى السابق روح الله الخميني. وكانت مهمته المعلنة هي حماية الثورة وإنجازاتها. مع مرور السنين وسعت المنظمة نطاق أنشطتها، وتضاعفت الكيانات الخاضعة لسيطرتها إلى درجة أنها تعمل الآن بشكل فعال كحكومة موازية، وباتت تتدخل في كل شؤون البلاد الحالية وتهدف إلى السيطرة على كل جانب من جوانب طريقة إدارة إيران.

وكانت العقوبات السابقة تطاول شخصيات متهمة بالإرهاب ضمن الحرس الثوري الإيراني، لكن التصنيف الأميركي الجديد يعني أنها تطاول كافة المؤسسات التابعة للحرس والأشخاص العاملين فيها، بما في ذلك المكتب السياسي للحرس الثوري والذي تم تأسيسه العام 1979، وهو مسؤول عن "جمع الأخبار والأحداث السياسية وتعديلها وتحليلها". ورغم أن هذا المكتب وفقاً لميثاق الحرس الثوري الإيراني، يعد تابعاً لقائد الحرس الثوري الإيراني، مباشرة، لكنه بات مع الوقت جزءاً من مكتب ممثل المرشد الأعلى، ويقوم بتقديم نشرة "الأخبار والتحليل" والتي تعد أهم منشور داخلي للحرس الثوري. ويوجد نسختان من هذه النشرة: "سرية" مخصصة لقادة الحرس الثوري الإيراني، و"عامة" مخصصة لجميع كوادر الحرس الثوري.

وينشر المكتب أيضاً صحيفة "صبح الصادق" الأسبوعية" ويشرف على موقع "بصيرات" الإلكتروني، وتتبع له أيضا صحيفة "جافان" اليومية المتشددة، التي تأسست العام 1998، ويرأسها المتشدد عبد الله جاني، وتعتبر ناطقة باسم الحرس. وباتت في السنوات الأخيرة وسيلة الإعلام الأكثر دفاعاً عن سياسات الحرس في وجه الانتقادات الداخلية، من قبل الإيرانيين العاديين والسياسيين الإصلاحيين مثل الرئيس حسن روحاني، والتي تقول أن الحرس الثوري تجاوز مهمته الأصلية بتدخله في كافة شؤون البلاد الأخرى.

في السياق، تبرز وكالة "تسنيم" للأنباء التي تأسست العام 2012. وهدفها العام هو "تعزيز الحركات الإسلامية والصحوة الإسلامية في جميع أنحاء العالم"، وتم دعمها بشكل مباشر من قبل القسم الثقافي والاجتماعي في الحرس الثوري. وتمتلك الوكالة مكتباً واحداً على الأقل في جميع المحافظات الإيرانية، وتسعى إلى تغطية أخبار السياسة والاقتصاد والمجتمع والرياضة بما يتماشى مع أهداف النظام "المقدس" للجمهورية الإسلامية، حسب وصفها. وتحاول تعزيز طبيعة وإنجازات الثورة الإسلامية باستخدام نموذج الشعوبية الإسلامية بدلاً من النموذج الديموقراطي الليبرالي.

من جهتها، تعتبر وكالة "فارس" للأنباء"، التي تأسست العام 2002، واحدة من أكبر الوكالات الإعلامية في إيران، حيث تغطي الأخبار على مدار الساعة باللغات الفارسية والإنجليزية والتركية والعربية. ولديها 31 موقعاً لتغطية 31 محافظة في إيران و17 مكتباً في أنحاء البلاد. كما تدير مكتباً يركز على الأخبار الأفغانية.

وبحسب مواقع إيرانية معارضة، يصف مديرو "فارس"، وكالتهم  بأنها على "الخط الأمامي للحرب الناعمة"، بمعنى محاربة النفوذ الغربي والمعارضين. وخلال العقد الماضي لعبت الوكالة دوراً مهماً في المشاريع التي تستهدف الناشطين السياسيين والمدنيين، بموازاة كونها وكالة دعائية تابعة لوحدة الاستخبارات في الحرس الثوري الإيراني. وفي العام 2008 بدأت الوكالة ورشة عمل صحافية لتدريب المراسلين، وأطلق عليه لاحقاً اسم "نادي Tavaana"، وتم تكليف النادي بتعيين وتدريب موظفي الوكالة، علماً أن الوكالة تنشط في إنتاج محتوى لوسائل التواصل الاجتماعي وإجراء دورات عبر الإنترنت.

إلى ذلك، تتبع وكالة أنباء الطلبة الإيرانية، للحرس الثوري أيضاً، حيث تأسست العام 2003 وتديرها منظمة "الباسيج" للطلاب الجامعيين، وتمتلك مكاتب في جميع المحافظات الإيرانية، ويعمل فيها الطلاب من أعضاء "الباسيج" كمراسلين فخريين في كل جامعة. ورغم ذلك، تعتبر "وكالة أنباء الباسيج" التي تأسست العام 2012، هي المنظمة الإعلامية الرئيسية في "الباسيج"، وفي العام 2014 ، أصبح "نادي مراسلي الباسيج" (Basij Reporters Club) فرعاً للوكالة، وبات أعضاء النادي ينتجون الأخبار للوكالة بانتظام.

في سياق متصل، تبرز شبكة "الباسيج" لخدمات المعلومات، وهي الشبكة الداخلية لمنظمة "الباسيج"، وأنشئت العا م2011 من أجل تمكين الأعضاء فيها من التواصل مع بعضهم البعض بشأن المعلومات غير السرية. وتدعي الشبكة أن لديها 44000 نقطة وصول لأعضاء "الباسيج"، وصممت الشبكة أيضاً تطبيق الدردشة المرئية الداخلية الخاص بها والمسمى "مركز SAMT".

وبينما تبدو المنظمات السابقة إعلامية بالمعنى الكلاسيكي، تتفرد منظمة "حكايات النصر" (Revayat-e Fath Foundation) بتقديم دور إعلامي أرشيفي، وتتمثل مهمتها في الحفاظ على الوثائق الصوتية والمرئية فيما يتعلق بالحرب الإيرانية العراقية (1980 - 1988). ولديها عدد من الشركات التابعة بما في ذلك، جمعية "سينما الثورة الإسلامية والحرب المقدسة" ومجمع "سينما الثورة الإسلامية والحرب المقدسة" وغيرها. وتعمل المنظمة مجتمعة على إنتاج أفلام وثائقية وأفلام روائية ورسوم متحركة وتنظيم مهرجانات سينمائية ودورات تدريبية ورحلات ميدانية إلى مناطق القتال بين إيران والعراق. كما تنظم مهرجانات فيلم المقاومة ومسرح المقاومة ومهرجانات فنية.

ولا يتوقف الدور الدعائي لمنظمات الحرس الثوري على جانب السياسة الخارجية، بل تعتبر الدعاية الموجهة للإيرانيين أنفسهم، من أبرز ما تقوم به تلك المنظمات الإعلامية، ولعل أبرزها ما يسمى "دوائر الاستقامة" (Righteousness Circles) والتي بدأت تتشكل على نطاق محدود العام 2008 لكنها باتت المهمة الأكثر أهمية للدعاية الداخلية الإيرانية، بعد الثورة الخضراء العام 2009، وتتم معاملتها على أنها منظمة إعداد المجتمع للشيعي لنهاية العالم وظهور المهدي المنتظر". وتعمل المنظة على إنتاج المحتوى الإعلامي الإسلامي، وتعقد المنظمة مؤتمرات موسمية تستضيف قادة الحرس الثوري الإيراني، وأحياناً المرشد الأعلى علي خامنئي، من أجل وضع المبادئ العامة التوجيهية لعمل الدوائر، والتي تتألف من حلقات صغيرة، تستهدف خمس فئات عمرية، تبدأ من سن السابعة وصولاً لمن هم فوق الخمسين.

وإلى جانب النشاطات غير الإعلامية، تشمل المشاريع الأخرى التي تقوم بها الدوائر: إنشاء قواعد للإنترنت وتطوير مراكز لتدريس نمط الحياة المناسب، ونوادي الخطابة الإلكترونية حول نمط الحياة الصحيح، ونوادي المراسلين الإلكترونيين، وبثاً إذاعياً عبر الإنترنت  وأسئلة وأجوبة على الإنترنت.

نشاطات الحرس الثوري تمتد أيضاً نحو السوشيال ميديا، فمنذ خريف العام 2008 بات لـ"الباسيج" بالتحديد وجود واضح عبر منصات بديلة، وتم إطلاق 10 آلاف مدونة في وقت واحد من أجل "تزويد الإنترنت بالمحتوى الفاضل". وبعدها تم تأسيس "مجلس الباسيج للإنترنت" العام 2009 الذي توسع دوره من أجل "تدريب المحاربين على الحرب الإكترونية"، وأشرف على إعداد قراصنة إلكترونيين من أجل اختراق مواقع الويب وحسابات البريد الإلكتروني، وكانت تلك اللحظة دليلاً على أن الحرس الثوري الإيراني يدخل مرحلة عدوانية في مجال الحرب الإلكترونية، بشكل غير مسبوق.

ووفقاً لنائب كبير المدعين العامين في إيران، عبد الصمد خرم آبادي، كان هنالك 18 ألف شخص العام 2017 في فرقة العمل الإلكترونية التي راقبت ونشرت الأخبار والمقالات الأخيرة على الإنترنت، وخصوصاً أي أنشطة من جانب المعارضة للحكومة الإيرانية.

ويعتبر "مركز الباسيج للفضاء الإلكتروني"، شبكة واسعة من المستخدمين عبر الإنترنت المكلفين بإنتاج المحتوى الخاص بوسائل التواصل الاجتماعي وإنتاج ألعاب الفيديو والرسوم المتحركة وإجراء الندوات والمعسكرات التدريبية عبر الإنترنت. وتقوم المنظمة بتوسيع أنشطتها من أجل إنشاء "جيش الباسيج السيبراني".

كما تبرز منظمة "سراج" وهي الجهة المنظمة الرئيسية لأنشطة "الباسيج" الإلكترونية. وتشمل وحداتها الفرعية مركز دعم الخدمات والبرامج ومركز الألعاب والترفيه ومركز الوسائط والخلوية ومركز البيانات ومركز الوسائط المرئية ومركز الوسائط عبر الإنترنت ومركز التدريب ومركز محو الأمية السيبرانية ومركز الحملات الإلكترونية ومركز التواصل الاجتماعي وعيادة اضطرابات إدمان الإنترنت.

تتمثل المهمة المعلنة لمنظمة "سراج" في تنسيق وتوحيد عمليات الجماعات الثورية الفردية والناشطين المشاركين في الحرب السيبرانية وتحويلها إلى حركة سياسية. وتم إطلاق الموقع الإلكتروني لهذه المنظمة في آب/أغسطس 2015 من قبل نائب الحرس الثوري للشؤون الاجتماعية والثقافية، اللواء حسين نجاة ، وخبير الفضاء الإلكتروني كوميل خوجاسته ومدير منظمة "سراج" منصور أميني.

آخر المؤسسات الإعلامية، هي مؤسسة "أوج" للإنتاج الفني والإعلامي. وتركز منذ تأسيسها العام 2011 على إنتاج الأفلام والبرامج التلفزيونية، وتضم عدداً من الوحدات الفرعية بما في ذلك مركز الأفلام الطويلة والبرامج التلفزيونية، ومركز الإنتاج الإعلامي الدولي، وبيت مصممي الغرافيك للثورة الإسلامية، ومركز الثورة الإسلامية للفنون البصرية، والمركز الإسلامي دار الأفلام الوثائقية.

وتعتبر "أوج" واحدة من أكثر المؤسسات الإعلامية غزارة في الإنتاج، وتروج للآراء العسكرية والمتشددة في الحرس الثوري الإيراني والتي تتناقض في بعض الأحيان مع الآراء الرسمية للحكومة الإيرانية، بما في ذلك إنتاجاتها المعارضة للاتفاق النووي الإيراني. كما أنها الجهة المشرفة على تقديم الدعاية الإيرانية الحديثة مثل المقاطع الموسيقية مع مغني الراب أمير تاتالو، أو تقديم أفلام مثل "Bodyguard" و "Damascus Times"، والتي تحتفل بإنجازات الحرس الثوري الإيراني الخارجية.

وتعد "أوج" مستثمراً رئيسياً في صناعات الأفلام والتلفزيون في إيران. وتبث قناة "أوفوج" المملوكة من قبل التلفزيون الإيراني الرسمي، وتبث دولياً باللغة الفارسية، بانتظام إنتاجات "أوج"، بالإضافة للإشراف على مهرجان "عمار" للفنون الذي يعتبر منافساً لمهرجان "فجر" الوطني الذي تنظمه الحكومة الإيرانية.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها