الخميس 2019/04/04

آخر تحديث: 20:03 (بيروت)

مسلسلات رمضان المصرية.. بتوجيهات كيم جونغ أون

الخميس 2019/04/04
مسلسلات رمضان المصرية.. بتوجيهات كيم جونغ أون
من كواليس تصوير مسلسل "الفالنتينو" من بطولة عادل إمام سيعرض في رمضان 2019
increase حجم الخط decrease
بعد إحكام السيطرة على وسائل الإعلام وقمع المعارضة في البلاد، تتجه السلطات المصرية للتحكم في المسلسلات الدرامية التي تعرض في شهر رمضان وتأكيد الطابع الداعم للحكومة فيها.


وكشفت صحيفة "نيويورك تايمز" أن عناصر أمنية في الحكومة المصرية أبلغت المخرجين والمنتجين في البلاد، بضرورة أن تتضمن مسلسلاتهم إشادة بالجيش والشرطة، وتشويهاً لسمعة جماعة الإخوان المسلمين المحظورة، وأن كلُّ من يخالف تلك القواعد لن يُبث إنتاجه خلال رمضان المقبل.

وبحسب مخرجين وممثلين مصريين، فإن مسؤولي حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي باتوا يملون عليهم النصوص الواجب تمثيلها، ويحددون الأجور، كما باتت شركة مرتبطة بالجيش تتحكم في بعض البرامج التلفزيونية الكبرى في البلاد. فيما قال الكاتب والدبلوماسي السابق عزالدين شكري فشير، الذي سبق أن تحولت روايات له إلى مسلسلات تلفزيونية، أن الأمر بالنسبة للسيسي لا يتعلق فقط بالسياسة أو السلطة، وإنما هي محاولة "لإعادة تثقيف" الرأي العام المصري.

والحال أن الحملة الأخيرة للسيسي على قطاع الدراما في مصر، تعكس صورة أخرى من صور الديكتاتورية التي وصلت إليها مصر تحت حكم العسكر. ورغم أن الرئيس السابق حسني مبارك، الذي حكم البلاد طوال 30 عاماً قبل إطاحته في ثورة شعبية العام 2011، ترأس بدوره نظاماً قمعياً قاسياً في كثير من الأحيان، إلا أنه سمح بمساحة لمراكز السلطة الأخرى، مثل حزبه السياسي ومجلس القضاء الأعلى، حيث أصدر القضاة أحكاماً مزعجة له من وقت لآخر، والصحف كانت تنتقده، وفي العام 2005 فازت حركة الإخوان المسلمين بخمسة مقاعد بالبرلمان.

واختلف الوضع في عهد السيسي، الذي تولى السلطة العام 2013 إثر انقلاب عسكري على الرئيس الإسلامي محمد مرسي، فقد أُغلق هذا الفضاء المحدود من الحرية وبات السيسي يدير الدولة من خلال مجموعة صغيرة من المستشارين، معظمهم من العسكريين والأجهزة الأمنية وعائلته التي باتت تتمتع بنفوذ اقتصادي كبير.

ونقلت الصحيفة عن الباحث في مركز كارنيغي الشرق الأوسط في بيروت، يزيد صايغ، قوله: "بصراحة، قد أشعر بالأمان لو تحدثت في السياسة في دمشق أكثر من القاهرة"، وأضاف أن السيسي "يحاول السيطرة على الفضاء السياسي بالمطلق، بحيث لا يستطيع أحد قول أي شيء في مكان خاص يمكن أن يعدّه أصحاب السلطة تمرداً عليهم. هذا هو الخوف الذي تحاول الأنظمة الديكتاتورية كلها زرعه، إنهم يجعلونك تعتقد أنهم يسمعونك حتى لو كنت بمفردك".

ولم يصدر تعليق من الحكومة المصرية على هذه الأنباء، مع الإشارة إلى أن البرامج الحوارية المصرية التي كانت حتى وقت قريب عبارة عن نقاش صاخب، تحولت إلى برامج مؤيدة للحكومة، ما دفع المصريين لتجنبها.

ونقلت الصحيفة عن إيمي هارثورن، الباحث في مشروع الديموقراطية في الشرق الأوسط، أن السيسي ليس صدام حسين أو كيم جونغ أون، لكنه يدفع مصر إلى هذا النوع من أنظمة الحكم. وفي الشهر الماضي، قال المؤلف المصري الشهير علاء الأسواني، مؤلف رواية "عمارة يعقوبيان"، أن محكمة عسكرية سرية حاكمته غيابياً بتهمة التحريض على الكراهية ضد النظام، رغم كونه في السابق أحد أبرز داعمي السيسي.

تضييق السلطات المصرية على قطاعات الثقافة والفن والإعلام امتد ليطاول أسماء بارزة، مثل المغنية شيرين عبد الوهاب، والممثل المصري البارز عمر واكد، الذي قال في كانون الثاني/يناير الماضي أن محكمة مصرية أصدرت عليه حكما بالسجن لمدة 8 أعوام لأنه انتقد السيسي، وطردته نقابة الفنانين مع الممثل زميله خالد أبو النجا، لمشاركتهما في جلسة استماع في الكونغرس ناقشت التعديلات الدستورية، واتهمتهما بالخيانة العظمى.

يذكر أن السيسي تدخل في النقاش حول ما يعرض عبر محطات التلفزيون المصرية في خطاب له العام 2017، عندما مدح البرامج التلفازية القديمة، منتقداً الإنتاجات الحالية، ورد المسؤولون في العام التالي بالضغط على صناع الأفلام من خلال الرقابة والترهيب الخفي. 

إلى ذلك، نقلت الصحيفة عن أحد المخرجين المصريين، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن مسلسلات رمضان هذا العام قُلصت إلى النصف، ولن يكون هناك سوى 12 – 15 مسلسلاً. في حين قال أحد كبار المديرين، طالباً عدم الكشف عن اسمه أيضاً، أن كتاب السيناريو تلقوا أوامر لتمجيد الجيش ومهاجمة الإخوان المسلمين وتشجيع القيم العائلية، ودعوة الشباب للاستماع لكلام شيوخهم.

وتعتبر "المجموعة المصرية للإعلام" شركة إنتاج لها صلات بالمخابرات المصرية العامة، وهي الشركة التي تهيمن على الإنتاج التلفزيوني، كما أنها اشترت العديد من شبكات التلفزيون في مصر. وقد يكون هذا التوجيه دليلاً آخر على وجود اختلاف كبير بين السيسي ومبارك. ففي عهد مبارك كان هناك على ما يبدو رضى عن وجود خلل وظيفي في مصر، بينما يسعى السيسي لإعادة تشكيل الهوية الأخلاقية والفكرية للمصريين، و"تطهير" ما يعتبره تيارات فكرية خطيرة على المجتمع، فقد حاضر على المصريين، ودعاهم للالتزام بأخلاق معينة، وحذرهم من السمنة.


increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها