الجمعة 2019/02/15

آخر تحديث: 19:36 (بيروت)

أوروبا يقلقها تناغم اليمين المتطرف مع روسيا

الجمعة 2019/02/15
أوروبا يقلقها تناغم اليمين المتطرف مع روسيا
increase حجم الخط decrease
في مايو/أيار المقبل، سيتوجه 350 مليون ناخب أوروبي إلى صناديق الاقتراع لانتخاب 751 نائباً أوروبياً للسنوات الخمس المقبلة. واستناداً إلى نتائجها، سيتم اختيار رئيس جديد للمفوضية الأوروبية وهي الذراع التنفيذي للاتحاد الاوروبي. انتخابات تثير القلق حتى قبل انطلاقها، إذ يُخشى من انتشار الأخبار المضللة سواء في المواقع الالكترونية أو في شبكات التواصل الاجتماعي بهدف التأثير في نتائجها. 
منذ الانتخابات الأميركية الأخيرة، بات مصطلح "الأخبار المضللة" رائجاً في القاموس السياسي. بحسب منظمة Freedom House، فإن هذا النوع من الدعاية أثر في نتائج ما لا يقل عن 18 استحقاقاً انتخابياً على مستوى العالم منذ العام 2016. 

فالدعاية المضللة، هي نشرٌ متعمّد للأخبار الكاذبة أو المتحيزة لغايات سياسية. وما يعزز خشية الأطراف الأوروبية (المفوضية، البرلمان الأوروبية، الحكومات الوطنية) من هذه الظاهرة، أن أكثر من نصف الأوروبيين بات يتتبع الأخبار والمستجدات في مواقع التواصل الاجتماعي، أي عبر منصات الكترونية بعيدة من المهنية الصحافية المطلوبة في نقل الخبر لا سيما لناحية التأكد من مصدره ومصداقيته. 

الأخبار المضللة ليست حديثة العهد في السياسية، لكن عاملين اثنين، على الأقل، سمحا بأن تصبح مؤخراً ذات تأثير ملموس: في المقام الأول يأتي التقدم التكنولوجي الذي أتاح سرعة انتقال الخبر، أما العامل الثاني فهو تراجع الثقة في وسائل الإعلام التقليدية. وبحسب دراسة صادرة العام 2017، فإن 24% من الفرنسيين فقط يعتقدون أن الصحافيين حياديون في أدائهم لمهنتهم. 

مع تنامي نفوذ الأحزاب المتطرفة والشعبوية في عدد من الدول الأعضاء في الاتحاد الاوروبي، لا تخفي المفوضية الأوروبية خشيتها من لجوء جهات من داخل الاتحاد وخارجه، لا سيما روسيا، الى هذا الاسلوب في الدعاية الانتخابية. لذا، بادرت المفوضية إلى اتخاذ اجراءات لضمان سير الاستحقاق الأوروبي في أفضل الظروف، فأعلنت في ديسمبر الماضي، خطة للتصدي للأخبار والدعاية المضللة. 
ورغم تعدّد الإجراءات المتخذة على هذا الصعيد، كإنشاء شبكة أوروبية مشتركة لتعقب هذه الأخبار، لا تخفي المفوضية أن تحقيق هذا الهدف يرتبط أساساً بالتعاون مع الشركات العالمية. ففي اكتوبر/تشرين الاول الماضي، وقّع كل من فايسبوك و"تويتر" و"غوغل" و"موزيلا" على ميثاق لتعزيز الشفافية ومضاعفة جهودهم للتصدي لانتشار الأخبار المضللة. وعليه، وحتى انتهاء انتخابات البرلمان الأوروبي، ستقوم الشركات الأربع بتقديم تقارير شهرية للمفوضية الأوروبية. 

بعد دراستها للتقارير الأربعة الأولى، وجّهت المفوضية الأوروبية دعوة لمضاعفة الجهود، كما أبدت ملاحظاتها حول أداء كل من الشركات الأربع. من الواضح أن جهود هذه الشركات لحذف الحسابات المروجة للأخبار المضللة، والحد من المواقع الإلكترونية "المشبوهة"، غير كاف بالنسبة للمفوضية التي هددت باتخاذ إجراءات تنظيمية بحقها. 

فدعت "فايسبوك" إلى تقديم توضيحات بشأن كيفية استخدام أدواته لمكافحة الأخبار الكاذبة، كما آلية التعاون بينه وبين الدول الأعضاء. وطلبت من "غوغل" توسيع اجراءاته لتشمل عدداً أكبر من الدول الأوروبية. أما بخصوص "تويتر"، فتساءلت المفوضية هل حذف الحسابات المشبوهة كاف للحد من انتشار الأخبار المضللة؟ وأخيراً طلبت المفوضية توضيحات عملانية عن فعالية متصفح البحث لشركة موزيلا. 

ولعل موقع "فايسبوك" هو الأكثر نشاطاً على مستوى الاستعداد للانتخابات الاوروبية، لا سيما بعد الاتهامات التي وجهت له بعدم ادراكه للدور الروسي في الانتخابات الأميركية الأخيرة. فأعلنت الشركة، نهاية الشهر الماضي، إنشاء وحدة خاصة لضمان سلامة ونزاهة الانتخابات الاوروبية، وستتمتع هذه الوحدة بالاستقلالية في عملها لناحية اتخاذ الإجراءات المناسبة إزاء الأخبار المضللة التي يتم رصدها على الشبكة. ولمزيد من الشفافية، أعلنت الشركة عن السماح للمتصفحين بالاطلاع على هوية الممولين للإعلانات الموجهة. 
والجدير بالذكر أن تأكيد "فايسبوك" على حيادية الوحدة المذكورة هو للحؤول دون تحول الشركة إلى طرف في أي سجال انتخابي. 

إضافةً لما ذكر آنفاً، بادر عدد من الدول الأعضاء الى اتخاذ إجراءات على المستوى الوطني استعداداً للاستحقاق الأوروبي المنتظر. ففي نوفمبر/تشرين الثاني من العام المنصرم، اقرت الجمعية الوطنية الفرنسية قانوناً يتيح بموجبه للقضاة إصدار أحكام بحذف منشورات إلكترونية مضللة من على مواقع التواصل الاجتماعي وذلك في غضون 48 ساعة فقط من تاريخ تقديم الشكوى. قانون لن يكون ساري المفعول إلا في الأشهر الثلاث التي تسبق انتخابات البرلمان الاوروبي. 

منتصف شهر ديسمبر/كانون الثاني الماضي، اعتبر رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر انتشار الأخبار المضللة، سواء أتت من جهات داخل الاتحاد الأوروبي أو من خارجه، نوعاً من تقويض الديموقراطيات الغربية. 

ويتضح من كلام يونكر أن المصلحة المشتركة التي تجمع احزاب اليمين المتطرف الأوروبية بالنظام الروسي تحولت إلى مصدر قلق لهيئات وأجهزة الاتحاد الأوروبي. فإمكانية أن تعزز هذه الأحزاب حضورها داخل البرلمان الأوروبي، يمكن أن يتحول إلى تهديد للإستبلشمت الأوروبي القائم.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها