الأربعاء 2019/12/11

آخر تحديث: 18:55 (بيروت)

القاضية غادة عون.. منزوعة الغطاء

الأربعاء 2019/12/11
القاضية غادة عون.. منزوعة الغطاء
من التظاهرة أمام منزل القاضية غادة عون في الاشرفية ليل الثلاثاء (ريشار سمور)
increase حجم الخط decrease
ليس عابراً أن تتعرض قرارات مدعي عام جبل لبنان، القاضية غادة عون، للانتكاسة على مدى يومين متتاليين. في اليوم الأول، كسر مدعي عام التمييز، القاضي غسان عويدات، قرارها وأخلى سبيل أربعة متظاهرين أوقفهم الجيش في جونيه أثناء محاولة إقفال الطرق، وفي اليوم التالي، اعتصم النائب هادي حبيش في قصر العدل معلناً "اننا سلكنا الطرق القانونية لمحاسبة القاضية غاده عون على كل ارتكاباتها"، وتم تداول فيديو اعتصامه هذا بكثرة في مواقع التواصل.


وأصدرت النائب العام الإستئنافي في جبل لبنان، القاضية غادة عون، قراراً يقضي بتوقيف مديرة "هيئة السير"، هدى سلوم، بناءً على الإخبار المقدم من المحامي وديع عقل بجرائم الرشوة والتزوير وهدر مال عام وإثراء غير مشروع وإخلال بموجبات وظيفية. 

اللافت أن القاضية عون، تعرضت لهجوم من طرفين متناقضين. الأول، هو من الناس المتظاهرين الذي وقف مدعي عام التمييز الى جانب مطلبهم، ونقض قرار عون. والثاني من السلطة، أحد أطراف السلطة، ما أظهر أن هناك تكتلاً عليها من طرفين متناقضين، لا يمكن تفسيره إلا بنزع الغطاء السياسي عنها، بصرف النظر عن صوابية القضاء.

ونزع الغطاء، مصطلح يستخدم للتدليل على ضعف النفوذ. فنفوذ أي شخص في موقع إداري أو قضائي بارز، يُستمدّ عملياً من الجهة التي عيّنته، أو تغطّيه. وبذلك، يبدو أن نفوذ "التيار الوطني الحر" الذي كان داعماً لها في قراراتها، قد ضعف، وهو ما يشرّع نقض قرار لها، بعد نقض قرار سابق تمثل في استدعاء الرئيس نجيب ميقاتي في ملف "بنك عودة". 

وإذا كان القرار السابق مرتبطاً بحيثية سياسية وإدارية، فإن قرارها بتوقيف هدى سلوم غير مرتبط بالصلاحيات القضائية. ومع ذلك، استسهل النائب حبيش التظاهر في قصر العدل مطالباً بإحالتها الى التفتيش، ومدافعاً عن موظفة. 

والحال إن التظاهر في وجه قاضٍ، وإسقاط قراراته تحت ضغط الشارع أو تحت ضغط سياسي يمارس آلية الشارع نفسها، يُعدّ سابقة في لبنان، ويطاول هيبة القضاء.. كما تطاول هيبته المحسوبيات والمحاصصة ضمن القضاء.

للمرة الأولى، يُحاصَر قاضٍ/قاضية في الشارع، سواء أمام منزلها ليل الثلاثاء، أو أمام مكتبها في سراي بعبدا يوم الأربعاء، وانتشرت الفيديوهات في مواقع التواصل. وهو ما يثبت أن التحولات الأخيرة في لبنان، بعد 17 تشرين، كسرت بعض المحرّمات، ولو أن ممارسات من هذا النوع تحمل مؤشرات خطيرة على استضعاف المؤسسات، خصوصاً القضاء، الذي يتضمن آليات رقابة وتفتيش يفترض أن تمنع استخدام الشارع لمواجهة أي قاضٍ، تماماً كما يفترض ضمان استقلال القضاء عن النفوذ السياسي ومحسوبياته... وطالما أن الاستقلال القضائي التام ما زال شرطاً غير محقق، فإن تأثير الشارع في القضاء لن يُحجّم.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها