الخميس 2019/11/28

آخر تحديث: 21:30 (بيروت)

كيف تُفتعل أزمة الدولار.. وتخمد؟

الخميس 2019/11/28
كيف تُفتعل أزمة الدولار.. وتخمد؟
increase حجم الخط decrease
القراءات الاقتصادية لارتفاع سعر صرف الدولار خلال الأزمة الحالية، تنتقص الى عامل مهم يتحكم في سعر الصرف، ظهرت ملامحه مساء اليوم الخميس، عندما تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي أنباء عن انخفاض سعر صرف الدولار الى عتبة الـ1650 ليرة، بعدما سجلت صباحاً 2300 ليرة. 


ومن الصعب تقدير أسباب هبوط سعر الدولار بهذا الحجم في السوق الموازية، مثلما من الصعب تقدير أسباب صعوده خلال اليومين الماضيين الى مستوى يتخطى عتبة الـ2000 ليرة، وفقدانه ثلثي قيمته الفعلية. 
ثمة عوامل خفية، لم يستوعبها رواد مواقع التواصل، ولم تقنعهم تصريحات لمسؤولين في قطاع الصيرفة تتحدث عن اقبال كثيف لدى المواطنين لبيع الدولارات عشية اضراب الصرافين بدءاً من يوم غد الجمعة، وهو ما يطرح اسئلة كثيرة عن توافر العملة الصعبة في ايدي اللبنانيين، وعن أسباب الأزمة، وأسباب انفراجها. 

والحال أن الأزمة تفاقمت إثر شائعات انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي، وتم تناقلها عبر مجموعات الواتسآب عن انهيار محتمل، دفع الناس الى الاحجام عن التداول بالعملة الصعبة، ففُقِدَت في السوق، وازداد الطلب عليها، ما أدى الى ارتفاع سعر الدولار في السوق الموازية. شائعة واحدة، كانت كفيلة برفع سعر الصرف، قبل أن يهبط سعر الصرف عملياً بعد الظهر اليوم، بحسب ما تم رصده في مواقع التواصل. 

والمستغرب في هبوط سعر صرف الدولار، يعود الى أن تراجع سعر صرفه تم تسجيله بدءاً من الساعة الرابعة، وهو التوقيت عندما يفترض أن يبدأ الصرافون بإغلاق صناديقهم، كذلك المصارف تكون قد أغلقت أبوابها. فما الدليل على انخفاض سعر الصرف؟ وهل فعلاً يتحكم العرض والطلب فقط بسعر صرف الدولار؟ 

الواضح أن هناك غرفة عمليات تقع وراء الأجهزة الذكية، لنسج الشائعات والاخبار التي تزيد القلق او تطمئن الناس حول العملة. فإذا صح انخفاض السعر، فهذا يعني أن ارتفاعه لم يكن حقيقياً، بل كان نتيجة شائعات نُسجت، أقلقت الناس، ثم تراجعت عن ذلك لأسباب اقتصادية أو سياسية، بدليل أن المصارف لم تبدل، اليوم، في استراتيجية تسليم العملة الصعبة حتى الآن على أقل تقدير، وبالتالي، لا أسباب واضحة تقف وراء انخفاض السعر.

القراءة المنطقية في الرسائل المتداولة في المواقع الالكترونية، تفيد باحتمالين: اولهما سياسي، يدفع باتجاه تهدئة إقبال الناس على بيع العملة الصعبة، وتبديد هواجسهم حول الانهيارات وشائعات إفلاس المصارف، وهي بالتأكيد غير حقيقية وغير واقعية.  

أما الاحتمال الثاني فيفيد بأن سوق الصيرفة أشبع بالعملة الصعبة، وهو احتمال ضئيل بالنظر الى قدرته على تصريفها بسهولة، أو انه التزم تعليمات سياسية تضغط عليه للتوقف عن شراء القطع بأسعار مرتفعة، منعاً لتهافت الناس على بيعها، وبالتالي سحبها من المصارف لصالح الاتجار بها كسلعة ورقية في السوق الموازية. وعليه، تتكامل فرضية تراجع الطلب مع الضخ الالكتروني لتهدئة الاسواق النقدية. 

كان الإعلام يقوم بهذا الدور في السابق. وكان يحتاج الى تصريحات من مسؤولين يبرّرون ارتفاع العرض أو ارتفاع الطلب. أما الآن، فلا داعي لهذا الاحراج وهذا التبرير. مقطعان صوتيان يبدوان كافيَين لتحريك السوق. مقطعان صوتيان يتم تناقلهما في مجموعات الواتسآب لافتعال أزمة، ونحتاج مثلهما لتهدئة الأزمة. أما "فايسبوك" فيتكفل بالنشر وبالتحليل. إنها أزمات مفتعلة، يحركها مجهولون خلف ألواح ذكية. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها