الثلاثاء 2019/10/08

آخر تحديث: 19:44 (بيروت)

الشيعة ينفضّون عن "المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى"

الثلاثاء 2019/10/08
increase حجم الخط decrease
الأعداد المحدودة التي شاركت في الاعتصام أمام المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، ليل الاثنين، لإحياء ذكرى الناشطة الراحلة نادين جوني، ليس مؤشراً على حجم التأييد الشيعي لمطالب جوني. ولا تُقاس القضية بأعداد المعتصمين في الميادين، بالنظر الى مؤشر آخر، أكثر حضوراً، يعبّر عن استياء بالغ من أحكام القضاء الجعفري المتعلق بسن حضانة الاطفال. 
والمؤشّر يسكن منصات التواصل الاجتماعي التي كشفت أن التسليم لأحكام المحكمة الجعفرية، بات من الماضي. وأظهرت استياءً متنامياً في أوساط الشيعة، المتديّنين وغير المتدينين، من هذا الملف. 

هو إستياء يصعب احتواؤه، ويطالب القائمون عليه المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان تحديداً، بالتغيير. لا يكتفي هؤلاء بتقديم القضاء الجعفري المزيد من الإجراءات التي بدأ باتخاذها منذ العام 2011 على الاقل، مثل اشتراط الأم أن ترى ابنها يومياً، أو رفع الحد الأدنى للنفقة وغيرها، وهي من الأحكام الفردية التي اتخذها قضاة، بمعزل ما إذا كانت تحت الضغط أو عائدة الى انسانية القاضي، تُضاف الى التعديلات التي طرأت على نظام أحكام الأسرة، شملت المهر والنفقة والحضانة. 

لكن الشيعة في لبنان، لا يكتفون بتلك التغييرات "الطفيفة"، ولا يراهنون على "انسانية" القاضي إذا لم يكن هناك نصّ صريح يحدد له الآلية القانونية، ولا يترك للقاضي مجالاً لتنفيذ النص "المجحف بحق الأمهات". 

والحال ان المناقشات في السوشال ميديا لم تقتصر على غير المتدينين من الطائفة. بل شملت المتدينين أنفسهم، وبدأت من النقاشات التي بدأت مع قضية غدير نواف الموسوي، قبل ثلاثة اشهر، حيث ظهر أنصار هذا الرأي على أوسع نطاق، ولا زالوا يتصدرون النقاشات، رغم تفاهة وضعف حجة معارضي "نشر غسيل الطائفة" في "فايسبوك" و"تويتر". وذلك بحجة أن المرأة توقّع على عقد لدى عقد قرانها، ويمكن لها ان تضع الشروط التي تراها مناسبة، الى جانب ذريعة أخرى تتمثل في توقيف النقاش عن عبارة "الشرع" أو "النصّ"، رغم أن باب الاجتهاد لدى الشيعة لا يزال مفتوحاً، بحسب ما تقول القاعدة الفقهية، وتتيح لـ"المجتهدين" إصدار الأحكام والفتاوى التي تنسجم مع البيئة الاجتماعية، بالنظر الى ان الدين في الاساس ثبت الممارسات الايجابية والاخلاقية، بمنحها الثواب، وحرّم الممارسات السلبية، وتوعد بالعقاب على القائمين عليها. 

والاجتماع الشيعي حول الملف، مردّه الأبعاد الانسانية في المقام الاول. "كيف يمكن أن يعيش طفل من دون أمّه؟" يسأل مغرد، ويطرح عليه آخر السؤال نفسه: "كيف يعيش من دون أبيه؟" الطرفان يجتمعان على فرضية أن الطفل يحتاج الى والديه، لكن في حال حصل افتراق، فإن الأم أولى بتربية الطفل، ما دامت قادرة، وراغبة، وتمتلك الأهلية القانونية. والعكس صحيح. 

البعد الانساني، يتقدم المداولات، إذ لا تخلو قرية من حادثة حرمان أمٍّ من حضانة أطفالها، أو تعسف زوج في استخدام هذا القانون ضد زوجته. والبُعد الإنساني نفسه، فتح باب الاجتهاد عند المسلمين بشكل عام لإخراج ملف الحضانة وحقوق المرأة من النص القديم، وهو ما قامت به تونس وليبيا وتركيا والكثير من الدول الإسلامية. وعند الشيعة أيضاً، تم الخروج على النصوص القديمة باجتهادات دولة، بمعزل عن الحالات الفردية. 

وبرزت في هذا السياق إيران التي بدأت في العام 1967 في تغييره ضمن قانون "حماية الأسرة" الذي تكرس في العام 1975 في زمن الشاه، وطرأت عليه تعديلات أخرى في الحقبة السياسية الحالية ليصبح سن حضانة الأم لأولادها الذكور والإناث، 7 سنوات. أما العراق، الذي يفترض أن المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى يستقي أحكامه منه (مرجعية النجف)، فقد حدد سن حضانة الأم لأطفالها الذكور والاناث بعشر سنوات. 

هذه المتغيرات التي طرأت مع الوقت، دفعت الكثير من رواد مواقع التواصل الشيعة لاعلان سخطهم تجاه الاحكام المعمول بها. أظهر بما لا يحمل الشك، أن هناك نقمة على القضاء الجعفري في لبنان تحديداً، وبدأ البعض بالخروج عليه للجوء الى العقود المدنية، وسط اتهامات بممارسة ظلم على المرأة اللبنانية. وليس هناك أبلغ من صورة تناقلها البعض في مواقع التواصل من أمام المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى، تظهر صورة نادين مذيلة بعبارة "حضانتي ضد المحكمة الجعفرية"، وفي الخلفية لافتة ثبتها المجلس ورفع فوقها شعار "عاشوراء.. صرخة في وجوه الظالمين". 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها