الإثنين 2019/10/21

آخر تحديث: 18:51 (بيروت)

"الهاتفون ضد السيد حسن.. زبالة"!

الإثنين 2019/10/21
"الهاتفون ضد السيد حسن.. زبالة"!
سقطت المحرّمات الشيعية.. فاستاء "حزب الله" (غيتي)
increase حجم الخط decrease
"كل هول يللي عم يتظاهروا ويهتفوا ضد السيد حسن، عالم زبالة"، يقول أحد الأشخاص لمراسل تلفزيون "الجديد" في رسالة مباشرة على الهواء، صباح اليوم الخامس لانتفاضة الشعب في وجه الزعماء والسلطة وفسادهم. ويكمل الشاب، الذي زجّ نفسه ورفاقه أمام الكاميرا، أنه "لن يسمح لأحد بالتطاول على سماحة السيد حسن نصر الله"، ليتدخل زميله بالقول منفعلاً: "ليس فقط السيد حسن بل الأستاذ نبيه بري أيضاً".


المشهد نفسه تكرر منذ ساعات الصباح الأولى على أكثر من شاشة وفي أكثر من منطقة، حيث كان واضحاً تعمّد البعض الاندساس بين المتظاهرين والقفز للحديث أمام الكاميرات أو افتعال اشكالات مع المحتجين المنادين بشعارات ضدّ نصر الله وبرّي، في محاولة مكشوفة لإعادة التموضع حول الزعماء وإلغاء كلّ مفاعيل التظاهر، وهو ما حصل أيضاً عبر شاشة "إم تي في"، حين قام أحد الأشخاص بالتهجّم على إحدى المتظاهرات التي كانت تتحدث إلى مراسلة القناة وتنادي بإسقاط كل الزعامات السياسية من مختلف الطوائف والأحزاب.

وليس دفع هذه المجموعات نحو ساحات التظاهر بهدف ترهيب المحتجين وتعويم فكرة التمسّك بقداسة الزعيم، سوى هدف لإعادة فرز وتدمير التظاهرات وإرجاعنا إلى ما قبل يوم 17 تشرين الاول، حين كان "حزب الله" وحلفاؤه في السلطة مرتاحين للمشهد، إذ لم يكن هناك ما يؤرقهم أو يقضّ مضاجعهم. لكن التكاتف المدهش الذي أظهره الشعب في وجههم، لا بدّ أنه أفقدهم صوابهم، خصوصاً بعدما سقطت الفزاعة التي يقوم عليها الحزب ويحكم قبضته من خلالها. ولا يقتصر الأمر هنا على سقوط المحرّمات الشيعية لناحية انتقاد زعيمي الثنائية "حزب الله" و"حركة أمل" أو شتمهما، بل حتّى لناحية الوحدة الوطنية التي عكستها التظاهرات، وهي ما تجلّت بشكل واضح في شعار "طرابلس تُحيّي صور والضاحية".

وفي حال الاستمرار على هذه الحال، فإنّ "حزب الله" يرى في ذلك بداية نهايته، حيث سيكون مصيره التلاشي والزوال، إذ لا يمكن للحزب أن يكون قوياً ضمن دولة لا تقوم على تعزيز المذهبية، وهو لذلك يسعى، بشتّى الطرق، لإعادة زرع الأحقاد تحت مسميّات بسيطة، بهدف استجرار ردود لإعادة شد العصب المذهبي.

التخوّف الذي يًبديه "حزب الله" تجاه النَّفَس العابر للطوائف والجرأة غير المسبوقة في انتقاد وشتم الأمين العام وحلفائه في السلطة، تُرجم أيضاً في السجالات المفتعلة في مواقع التواصل، حيث أطلقت حملات تسعى إلى تكريس الفرز بين المواطنين، بينها تلك التي حملت شعار "مع المقاومة ومع الثورة"، والتي تروّج لفكرة أن "لا ثورة من دون مقاومة" وأنّ "كلّ ثورة تنقلب على المقاومة هي ثورة مزيفة".


ولا ريب أن الفكر الاستراتيجي لـ"حزب الله" تتخطّى رؤيته للمشهد المليوني الثائر بالعين اللبنانية المحلية، إذ تتعداها إلى خشيته في حال تقديم الحس الوطني واندثار النزعة الطائفية والمذهبية لصالح الانطلاق من إدراك أن الاصلاح الاقتصادي وتحسين المعيشة والظروف الحياتية لا تتأتى إلا بالمطالبة بإسقاط النظام ومحاكمة رموز فساده، ما قد يُشكّل إلهاماً ودافعاً للشعوب الخاضعة لحكم ولاية الفقيه، مثل العراق وإيران، والتي ينوء أهلها تحت الفقر والحرمان وتُنهب ثرواتها، فتنتفض على حكامها، مستلهمة حركتها من المشهد اللبناني، الذي سيحاول "حزب الله" وأده بشتى الأساليب، ومن ضمنها تنفيذ تهديداته بالنزول إلى الشارع وفرض إرادته بالقوة، ومحاولة إحكام قبضته على كافة مراكز القرار والسلطة في لبنان.

كلّ ذلك، يأتي ضمن محاولة مكشوفة لإعادة رسم الخطوط الحمر واسترجاع ما سقط من هيبة وقدسية "السيد والأستاذ"، ووضع الشرخ بين الجماهير ودفعها لإعادة اصطفافها تحت عباءة زعمائها وأحزابها وطوائفها، وهي البيئة الخصبة التي لطالما كان "حزب الله" و"حركة أمل" يكرسان احتكارهما لصوتها من دون أي منازع.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها