السبت 2019/01/05

آخر تحديث: 12:39 (بيروت)

لولا فراس الخطيب وعمر السومة..

السبت 2019/01/05
لولا فراس الخطيب وعمر السومة..
وقّع الأسد على قمصان لاعبي المنتخب وكأنه نجم "بوب"
increase حجم الخط decrease
لأسباب أجهلها تماماً، كنت أبحث بشكل مستمر عن فريق كرة قدم يمثلني في مسابقة كأس العالم وفي المحافل الكروية الكبرى، رغم أني لم أستمتع يوماً بمشاهدة مباراة لكرة القدم ولم أتمكن من فهم السبب الذي يجعل هذه اللعبة هي الأكثر شعبية في العالم.

لكني دائماً ما كنت اختار فريقاً يمثلني، وأتباهى بانتصاراته بين أصدقائي، ودائماً ما كنت أبدل الفريق الخاص بي تبعاً لإعجابي بهيئة لاعب أو مهاراته، أو لتعاطفي مع أحد اللاعبين أو المدربين، بل إنني أحياناً كنت أختار فريقي في السوق وأنا أشتري العلم، قبل أن أعرف اسم أو شكل أي لاعب في الفريق. 

وخلال النسخ الأربع الماضية من كأس العالم، شجعت أربعة فرق مختلفة، فشجعت ألمانيا سنة 2006، وإيطاليا في المسابقة التالية، ومن ثم هولندا، واخترت فرنسا في المونديال الأخير، وهو الفريق الذي جعلني أختبر شعور الانتصار في كأس العالم وأستمتع به. 

وعلى مستوى الأندية، كنت أشجع ريال مدريد لسنوات ماضية، وكانت لدي العديد من الاكسسوارات المتعلقة بالفريق، لكني تخلصت منها جميعاً الصيف الماضي بعدما رحل رونالدو عن الفريق، وحولت القميص الذي كنت أرتديه أثناء حضوري للمباريات النهائية ومباريات الكلاسيكو، إلى ممسحة، بعد رحيل نجمي المفضل، وأصبحت مع جوفنتوس تلقائياً، قبل أن أتابع أي مباراة للفريق. 

ورغم طبيعة علاقتي بكرة القدم واختياراتي الاعتباطية فيها، فإن اتهامات غريبة وُجّهت إلي في الفترة الأخيرة؛ فبالتزامن مع تحضيرات المنتخب السوري لكأس آسيا، بدأ الموالون يوجهون إليّ تهمة الخيانة العظمى بسبب عدم مشاركتي بدعمي للمنتخب السوري، ولكوني معارضة غير وسطية "لا تفصل السياسة عن الرياضة" ولا تتمتع بالحس الوطني الكافي لتحظى بالاحترام. وهذه الاتهامات هي ما دفعني لرصد علاقتي بكرة القدم ومحاولتي لإيجاد خيط رفيع يوضح بأنني أقرن بين السياسة والرياضة فلم أجد، أنا من رفعت أعلام دول كنت أجهل أسماء حكامها وطبيعة أنظمة الحكم فيها، فقط لأني اخترتها رياضياً. 

لم أكن أشجع المنتخب السوري يوماً، وذلك لم يكن يقترن بالسياسة في البداية؛ ففي زمن ما قبل الثورة كنت أجهل كل الأمور التي تتعلق بالمنتخب السوري والأندية السورية. وكنت أتشارك هذا الجهل مع جميع الناس من حولي، ولم نحضر مباراة كرة قدم واحدة في سوريا داخل الملعب، حتى قبل أن يتحول ملعب العباسيين إلى ثكنة عسكرية. وذلك يعود غالباً إلى عدم اهتمام الدولة بالرياضة وكرة القدم، بالإضافة لأسباب تتعلق بتلافينا الخزي والخيبة. فأنا أذكر جيداً أن نتائجنا في كرة القدم مخيبة، ونتيجة الـ7-1 التي خسر بها منتخبنا عند ملاقاته لمنتخب البرازيل، هي الأمر الوحيد الذي كنت أعرفه عن تاريخنا الكروي.

وعندما وصل المنتخب السوري إلى مرحلة متقدمة في تصفيات كأس العالم الماضي، لم أكن متحمسة له، لكني لم أكن أعتبر أن تحقيقه إنجازاً رياضياً أمر مزعج. كنت لا أهتم فحسب. وكان زوجي يتابع تلك المباريات ويقول بأنه لا يهتم بالانتماء السياسي للاعبين، وأنه لن يقاطع المنتخب لأنه "لا يُجرِّد السوريين الموالين من الجنسية السورية"، وأنه سيشجع الفريق طالما أن أفراده لا يقاتلون في صفوف جيش النظام ولا يروجون لسياسة الأسد. 

وعندما التحق لاعبون معارضون بصفوف المنتخب، أمثال فراس الخطيب وعمر السومة، بدأت أقتنع بأفكاره، وحاولت أن أغض الطرف عن العلَم ذي النجمتين في قميص المنتخب، لكني لم أتمكن من ذلك. بل إن تعاطفي مع المنتخب صار مستحيلاً بعدما التقى لاعبوه، بشار الأسد، ووقّع على قمصانهم كأنه نجم "بوب"، وصرّح بأن إنجازات المنتخب لا تنفصل عن إنجازات الجيش!

قبل سنة، كان يتم الترويج للمنتخب السوري لكرة القدم، باعتباره منتخباً للشعب، بعيداً من السياسة وتعقيداتها، حين كان السومة والخطيب محسوبَين على المعارضة، فكان الأمر يحتمل الجدل ربما.

لكن اليوم، وبعدما بات المنتخب مؤدلجاً بتوجه سياسي واضح، وأعلن الثنائي نفسه ولاءهما للأسد "راعي الرياضة والرياضيين"، فقد أصبح الجدل محسوماً. منتخب سوريا هو منتخب الأسد ومنتخب البراميل (كما يحلو للبعض تسميته)، ولا يمكن أن يمثلنا الآن. فكيف يمثلنا وهو يستخدم شعارات مشتقة من شعارات حزب البعث، ويظهر لاعبوه ليؤكدوا دور القيادة السورية والأسد في تحقيق الإنجاز الرياضي.. إن تحقق!  
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها