الأحد 2019/01/20

آخر تحديث: 17:12 (بيروت)

إعلام القمة..سجن 5 نجوم

الأحد 2019/01/20
إعلام القمة..سجن 5 نجوم
لن يرشح عن القمة سوى شعارات لا تسمن ولا تغني من جوع الشعوب العربية الى الأمن والإقتصاد (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

مع إنطلاق أعمال القمة العربية التنموية المنعقدة في بيروت يوم الأحد 20 كانون الثاني، بدأ الإختبار الحقيقي لدقّة التنظيم الإعلامي. الوصول الى فندق "مونرو" حيث يتجمّع الصحافيون، سهل. بعض الترتيبات الروتينية من تفتيش وتسجيل للأسماء، تسبق الإنتقال الى مكان إنعقاد القمة بواسطة باصات تحتكر آلية الوصول.


يضعك الباص أمام مدخل إحدى القاعات في الواجهة البحرية لبيروت. تفتيش آخر، فدخول الى باحة كبيرة. طاولات مستطيلة عليها بعض الحواسيب وآلات طباعة الأوراق لتسهيل عمل الصحافيين، وشاشة عملاقة لعرض وقائع القمة. هو مشهد يوحي بدقة التنظيم، خاصة في ظل وفرة الشبّان والشابات المُستعان بهم من كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية، لتنظيم العمل الإعلامي المواكب للقمة.


لكنّ الشكل يتنافى مع المضمون. إذ سرعان ما يكتشف الإعلاميون انهم وُضِعوا في سجن 5 نجوم. وسيلتهم الوحيدة لمعرفة مجريات القمة، هي الشاشة العملاقة. أما المكتب الإعلامي الرسمي، فلا يملك سوى برنامج يحدد مواقيت الجلسات وأسماء المتحدّثين فيها. فيما طلاب الجامعة اللبنانية يُحيلونك الى بعضهم البعض لدى إستفسارك عن أي أمر يتعلّق بالشؤون الإعلامية. فلا كلمات مطبوعة مسبقاً تختصر الوقت على الإعلاميين لإتمام عملهم، وهو ما يحصل في أبسط مؤتمر صحافي محلّي. ولا مجال للتواصل مع ممثلي الوفود العربية لإجراء أي مقابلة.

فالصحافيون يجلسون في قاعة منفصلة تماماً عن تلك التي تجري فيها القمة. والتواصل الوحيد الذي إستحوذ عليه الصحافيون، هو دخول المصوّرين - حصراً - الى قاعة القمة مع إفتتاحها رسمياً. أما المراسلون، فيتابعون المجريات ويُطلعون مؤسساتهم الإعلامية على ما تنقله الشاشة، ويختصرون الكلام بأسلوبهم.

الإستياء بدا واضحاً على وجوه الإعلاميين، وخاصة العرب والأجانب. ومن أبدى تعابير إيجابية حول التنظيم والتغطية الإعلامية، كمراسلي جريدة الرأي الكويتية، على سبيل المثال لا الحصر، فقد قصد بإيجابيته عدم إحراج البلد المضيف وإعلامه، ذلك ان الأحاديث الجانبية بين الإعلاميين كانت تخبر عن الأحوال الحقيقية. كما ان إنشغال الكثيرين من الإعلاميين بالأكل والشرب والأحاديث الشخصية، يشي بحجم أوقات الفراغ الذي يملكونه. وحدهم مراسلو المواقع الإخبارية إنهمكوا في نشر الأخبار المهمة على مواقعهم، فور النطق بها من قبل متحدّثي الوفود العربية. في حين ان التعليق الجامع لمواقف الصحافيين، يستغرب قلّة الإهتمام وعدم دقة التنظيم.

هو تنظيم إعلامي لا يختلف بهشاشته عن هزلية خطابات القمة التي لن يرشح عنها سوى شعارات لا تسمن ولا تغني من جوع الشعوب العربية الى الأمن والإقتصاد، خاصة في ما يتعلق بسوريا واليمن والعراق، حيث أنهكت الحرب البشر والحجر، وكذلك لبنان الذي يمعن سياسيوه في ضرب إستقراره السياسي والإقتصادي.


وفي خضم المشهد الإعلامي المأساوي، وحدهم "العسكر" يَنشطون عبر أجهزة الإتصال اللاسلكي، ليحفظوا الأمن ببذّاتهم المدنية الرسمية، في حين ان رفاقهم أصحاب البذّات المرقّطة تولوّا حفظ الأمن في شارع أُقفل مسبقاً أمام كل من لا يملك البطاقة الخاصة التي تخوّله دخول منطقة إنعقاد القمة. ما يعني ان النشاط العسكري أيضاً، يشبه النشاط الإعلامي للقمة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها